كشفت مصادر ليبية خاصة عن تشكل خلايا "دفاع ذاتي شعبية" في عدد من المدن الليبية بهدف اصطياد قادة و عناصر التنظيمات الجهادية المتطرفة خاصة في مدن و بلدات المنطقة الشرقية .

و أوضحت ذات المصادر لــ"بوابة إفريقيا الإخبارية" أن هذه الخلايا هدفها تطهير ليبيا من قوى التطرف و الظلام التي حولت البلاد إلى صومال جديد و تحاول قطف ثمار ثورة الشعب الليبي من خلال فرض رؤيتها الدينية المتطرفة و الاجتماعية المتخلفة على الأهالي"،على حد قولها.

و تتشكل هذه الخلايا من ثوار سابقين و عناصر مسلحة "هدفها دعم إعادة دور الدولة المركزي في ضبط الأمن و لكنها لا تعمل من داخل جهاز الدولة و ليس لها أي علاقة بها ،بل تحركت عندما رأت أن أجهزة الدولة الأمنية و العسكرية ضعيفة أمام المد الإرهابي الكبير و قد نجحت في أكثر من مناسبة من القضاء على عدد من القيادات و العناصر المتطرفة منذ مطلع العام الحالي ،فسر نجاعتها يكمن في اعتماد نفس الأسلوب القتالي الذي تعتمده هذه التنظيمات الجهادية و هذا ما تعجز عن فعلها القوات النظامية"،على حد تعبيرها.

و عن هيكلية هذه المجموعات كشفت مصادرنا أنها "مجموعات عنقودية صغيرة تتكون كل مجموعة منها على خمسة عناصر على الأكثر دون أن تعرف المجموعات بعضها البعض و ليست تنظيما مركزيا هرميا و ذلك حرصا على الآمن الذاتي للمجموعة و العناصر من الاختراق آو السقوط في قبضة الجماعات الإرهابية كما تعتمد على تمويل ذاتي و تسليح بسيط خاصة و أن عملياتها عمليات لا تتطلب قدرا تسليح كبيرة فهي تستهدف الأفراد عن طريق القنص و الكمائن و لا تعتمد على التفخيخ حرصا على أمن المواطنين و مقدرات البلاد من البنية التحتية"،على حد قولها.

و قامت هذه مجموعات منذ تشكلها بالعديد من العمليات التي استهدفت تنظيم أنصار الشريعة الموالي للقاعدة و خلايا جهادية قريبة منه ،ففي منصف أبريل 2014 الماضي قامت باغتيال القيادي في أنصار الشريعة سليمان محمد التاجوري في مدينة درنة شرق البلاد قنصا بالرصاص و في نفس اليوم قامت المجموعات باغتيال "محمد محرز محمد الشويهدي" 36 سنة، أحد المنتسبين لكتيبة أنصار الشريعة بمنطقة السلماني في مدينة بنغازي شرق البلاد.

و في 7أبريل 2014 نفذت عملية اغتيال القيادي الجهادي البارز في مدينة درنة و المقرب من تنظيم القاعدة  علي عبد الله بن طاهر الشهير باسم "الفار"، و تتهم "المجموعة" علي بن طاهر الفار بأنه قد قام  بإيقاف عملية الاقتراع في درنة في انتخابات لجنة الستين في فبراير الماضي بعد أن قاد مجموعة مسلحة هجمت على مراكز الاقتراع وعملت على تفريق الناخبين بإطلاق الرصاص في الهواء وتهديدهم ووصف كل من يريد لاقتراع بأنه كافر.

و في مارس 2014 قامت باغتيال أحد القادة البارزين في التيار الجهادي في ليبيا، علي محمد الدروي قنصا بالرصاص  و قالت تقارير إعلامية أن "الدروي أحد أبرز المتهمين في عمليات اغتيال بمدينة درنة، ويعتبر أحد المقربين للرجل الأول في التنظيم شرق البلاد، سفيان بن قمو. وأوضح المصدر أن الدروي عاد إلى ليبيا بعد سقوط النظام قادمًا من الجزائر، التي انضم أثناء وجوده بها لتنظيم القاعدة عام 2007. ويعد الدروي واحدًا من أهم القيادات الميدانية في تنظيم القاعدة بليبيا، ويبلغ من العمر 32 عامًا، وهو أحد سكان منطقة الجبلية بمدينة درنة".

و في ذات السياق حاولت اغتيال القيادي بتنظيم أنصار الشريعة بدرنة " محمود البرعصي " بهجوم مسلح في منطقة الصابري ببنغازي في فبراير الماضي غير أن اليرعصي نجا من العملية ،و في وقت سابق سفيان بن قمو، قائد تنظيم أنصار الشريعة في درنة من محاولة اغتيال ، وسفيان بن قمو الملقب "ابو فارس" قاتل في صفوف تنظيم ‘القاعدة’ في أفغانستان قبل أن تعتقله في 2004 السلطات الباكستانية وتسلمه للقوات الأمريكية. وأمضى بن قمو ثلاث سنوات في غوانتانامو إلى ان سلمته السلطات الأمريكية لنظام العقيد الراحل معمر القذافي الذي أفرج عنه لاحقا في آب/أغسطس 2010 مع عدد من السجناء الإسلاميين. وبن قمو هو احد قادة أنصار الشريعة المتهمين بالتورط في الاعتداء الذي استهدف في 11 ايلول/سبتمبر 2012 القنصلية الأمريكية في بنغازي، وأسفر عن مقتل السفير الأمريكي في طرابلس كريس ستيفنز وثلاثة موظفين أمريكيين آخرين.

و أضافت المصادر ذاتها لــ"بوابة إفريقيا الإخبارية" أن هذه المجموعات ماضية في مشروعها من إنقاذ ليبيا من سطوة و هيمنة الإرهاب و إنها لن تتوقف عن عملياتها المشروعة ما لم يتوقف الإرهابيون عن تصفية عناصر الجيش و الأمن الليبي،مشيرة إلى أن الوضع في ليبيا لا يمكن أن يضبط بالحوار مع القتلة بل بالمقاومة فأدبيات هؤلاء الناس لا تتحدث إلا على حتمية المواجهة مع "الكفار"  و هم يعتبرون ثلثي الشعب الليبي مرتد عن الإسلام ،على حد قولها.

و يرى مراقبون أن القوى الأمنية و العسكرية في ليبيا تتعرض و منذ سقوط نظام القذافي خريف العام 2011 إلى عملية تصفية منهجية ،ففي العام 2013 طالت الاغتيالات طالت أكثر من 120 شخصاً خلال سنة 2013، طالت ثلاثة أرباعها قيادات أمنية وعسكرية.و في هذا السياق كشف تقرير صحافي نشرته، مطلع العام الحالي، مؤسسة العين للصحافة والإعلام والدراسات الليبية أن الحجم الأكبر من هذه الاغتيالات وقع بمدينة بنغازي (عاصمة الشرق الليبي)، التي تجاوز فيها عدد الذين قضوا بفعل الاغتيالات 78 حالة، منها ما قتل باستعمال العبوات الناسفة التي كانت تلصق في أسفل سيارة المستهدف، فيما قتل آخرون بإطلاق الرصاص. و أضاف التقرير أن مدينة درنة (أكبر مركز لتجمع المتشددين بالشرق الليبي) تأتي في المرتبة الثانية بـ35 حالة اغتيال، ومن بعدها مدن طرابلس (4) ومصراتة (3) وسبها (1) وطبرق (1) والعجيلات (1).