رأى الخبير الاقتصادي أ. سالم الشريف، أنه هناك مجموعة من الضوابط التي يمكن الاعتماد عليها لإنقاذ الاقتصادي الليبي، والقضاء على الفساد والذي يمثل 90% من المشكلة الاقتصادية الليبية. وأوضح أن من ضمن تلك الضوابط زيادة الموارد المالية، وتوجيها للتطوير، وزيادة قطاع الطاقة، وجذب الاستثمار الأجنبي، وتشجيع القطاع الخاص، وتطوير ودعم القطاع المصرفي، ووضع نظام للأدوات النقدية والمالية والاقتصادية يتناسب مع المتغيرات العالمية، إضافة إلى تشكيل حكومة واحدة والعمل على مراقبة عملها. ولمزيد من التفاصيل حول الأوضاع الاقتصادية في ليبيا كان لـ"بوابة إفريقيا الإخبارية" هذا الحوار مع الخبير الاقتصادي أ. سالم الشريف، وإلى نص الحوار


بداية كيف تقيم وضع الاقتصاد الليبي منذ 2011؟

بشكل عام يعاني الاقتصاد الليبي حالة من الركود العميق، قد تكون امتدت أن تكون كساداً، وعادة تزداد في مثل هذه الأجواء البطالة وهبوط الانتاج وانخفاض السيولة النقدية وإفلاس عدد من الشركات والمؤسسات، إضافة إلى عدم نمو الناتج المحلي الاجمالي غير النفطي وعجز مستمر بميزان المدفوعات وارتفاع مستوى التضخم، وانخفاض مستوى الجهاز المصرفي وتوقف الشركات، ناهيك عن وجود حكومتين وارتفاع الدين العام بشكل كبير وخطير وانتشار الفساد بشكل كبير جداً، ولا ننسى إفرازات الواقع السياسي والأمني المتأزم الذي طال أمده والذي أضر بشدة على الاقتصاد الليبي، والعوامل النفسية والتغير في التركيبة السكانية وعوامل أخرى كثيرة.


كيف تأثرت الثروات النفطية في ليبيا بتدهور الأوضاع الأمنية والسياسية؟

منذ 2011، استغلت جماعات خارجة عن القانون حالة الفوضى للاستيلاء على هذه الطرق والمواقع النفطية للتنقل والاختباء وتقوية نفسها، حيث تعرض كثيرون من العاملين في هذه الحقول للقتل إثر هجمات مباغتة، كان من بينها عمليات نفذها تنظيم داعش.

كما فضلت شركات نفط وخبراء أجانب التوقف عن العمل والرحيل من ليبيا، بانتظار استقرار الأوضاع، إلا إن الجيش الليبي قام باسترداد أغلب الحقول النفطية وتحت حماية حرس المنشآت النفطية، ولم يتبقى الا مصفاة الزاوية ومجمع مليتة خارج سيطرة الدولة، مع العلم بأن هناك دول معادية للدولة الليبية كتركيا وقطر وإيطاليا ومالطا لا تريد استقرار الاقتصاد الليبي فهي مستفيدة من الفوضى من خلال تهريب الوقود بسعر بخس، وكذلك الغاز الليبي لا أحد يعرف عنه أي شيء من حيث أين تذهب إيراداته، وتقوم تلك الدول بدعم الجماعات الخارجة عن القانون بالسلاح والعتاد لتحقيق مكاسبها.


ما تأثير الفساد على الاقتصاد الليبي بشكل عام؟

كما نعلم بأن الاقتصاد الليبي اقتصاد ريعي يعتمد على مصدر واحد وهو النفط والغاز، وأغلب الإيرادات تذهب إلى السلطة النقدية (المصرف المركزي ومقره طرابلس) حيث عمله هو صرف أذونات الصرف الصادرة عن وزارة المالية والتي تشوبها الكثير من الفساد من خلال تقارير ديوان المحاسبة والرقابة الادارية، حيث ساهم في مساعدة بعض التجار على تهريب العملة الأجنبية عن طريق الاعتمادات الوهمية وهذا ما رأيناه في الموانئ الليبية من حاويات فارغة، وغيرها من الطرق المتبعة للتهريب.

بالإضافة إلى أن هناك ثلاث أسعار صرف يتبعها المركزي ساهمت في انتشار الفساد، وخلق سوق موازي للعملة الاجنبية في المتوسط 6 دينارات للدولار الأمريكي مما أدى إلى اختفاء السيولة النقدية وتحكم تجار العملة على سوق العملة مما ساهم في استغلال أصحاب المرتبات بفرض فائدة للحصول على النقد (الدينار الليبي)، مما سيؤدي إلى انخفاض الصادرات من السلع وارتفاع الأسعار للسلع (التضخم)، كما أن أغلب المؤشرات تؤكد أنه في حال توجهت ليبيا نحو الاقتراض الخارجي بسبب الفساد حيث سيتم توظيف تلك الأموال في دفع الرواتب ومصاريف بنود الميزانية بدلاً من توظيفها في تحقيق نمو اقتصادي حقيقي، وهذا بدوره يؤدي سلباً الى تدهور الاقتصاد الليبي.


ما دور الحكومات المتعاقبة في تفشي الفساد في البلاد؟

إن استفحال الفساد في ظل غياب مؤسسات الرقابة والشفافية بعد أحداث فبراير، جعل الساحة مفتوحة لانتشار الفساد في جميع الحكومات السابقة، واستغلال بند دعم الأسعار والتحول التنموي وغيره من الأسماء، والذي يفترض الوضوح والشفافية من قبل الحكومات السابقة، وتلك الأبواب تعد باب للفساد وتجريف لمقدرات الدولة والأجيال القادمة.


ماذا عن الفساد في المصرف المركزي؟

فريق خبراء الأمم المتحدة المعني بليبيا سبق واتهم محافظ مصرف ليبيا المركزي والذي مقره طرابلس بالتورط مع جماعات مسلحة لم يذكرها، في اختلاس الأموال العامة، بمنحها اعتمادات مستندية من خلال شركات صورية غير مؤهلة للحصول على تلك الاعتمادات. حيث أن الاعتمادات تستخدم للحصول على العملة الصعبة التي تُودع في حسابات مصرفية أجنبية أو تُضخ في السوق السوداء الليبية من خلال سماسرة العملة، وهو ما يعدّ نهبًا ممنهجا للمال العام وفسادًا هو الأبشع في تاريخ ليبيا.

كما أضاف الفريق الأممي أن المحافظ أصدر أوامره إلى إدارات مصرفه والمصارف التجارية بعدم إطلاع ديوان المحاسبة على المعلومات المتعلقة بالاعتمادات المستندية، ونرى أن غياب الشفافية والوضوح التي تنتهجها السلطة النقدية تبين مدى الحجم الكبير من الفساد الحاصل والذي بدوره سيؤثر على المواطن الليبي.


ما مصير الأموال الليبية في الخارج؟

تحتاج الأموال الليبية بالخارج إلى مراجعة دولية للحسابات الليبية المجمّدة من قبل الأمم المتحدة، لأنها صاحبة قرار التجميد لحمايتها من النهب، كما أن بيانات المؤسسة الليبية للاستثمار المكلفة بإدارة هذه الأرصدة لا تتسم بالشفافية والوضوح.


ما هي فرص إنقاذ الاقتصاد الليبي؟

لا يتم ذلك إلا من خلال جملة من الضوابط لإنقاذ الاقتصاد الليبي من خلال زيادة الموارد المالية، وتوجيها للتطوير، وزيادة قطاع الطاقة، وجذب الاستثمار الأجنبي، وتشجيع القطاع الخاص، وتطوير ودعم القطاع المصرفي، ووضع نظام للأدوات النقدية والمالية والاقتصادية يتناسب مع المتغيرات العالمية، إضافة إلى تشكيل حكومة واحدة والعمل على مراقبة عملها ومزيد من الشفافية والوضوح ومتابعة عمل الحكومة والمؤسسات السيادية الأخرى، والقضاء على الفساد والذي يمثل 90% من المشكلة الاقتصادية الليبية.