نفى المحلل الاقتصادي والمالي، خميس الكريمي، في تصريحات خاصة نقلتها عنه العربية ما راج مؤخراً في بعض وسائل الإعلام المحلية عن فرضية عجز الدولة عن سداد الأجور ومعاشات التقاعد لشهر أبريل الجاري.

وقال الكريمي: "إن الحكومة التونسية عندها من الحلول ومن البدائل ما يجعلها قادرة على تجنب شبح إفلاس الخزينة العامة، خاصة ما يتصل بتسديد أجور العاملين في قطاع الوظيفة العمومية".

وأوضح أن "حجم الأجور لا يتجاوز 10 مليارات دينار تونسي سنوياً، وهو ليس بالمبلغ الذي تعجز الدولة عن تأمينه".

وشدد الكريمي على أن الأوضاع الاقتصادية والتوازنات المالية صعبة، لكنها لا تزال غير كارثية، غير أن هذا لا يعني أن الحكومة ستكون عاجزة عن الإيفاء بالتزاماتها سواء الداخلية أو الخارجية والمتصلة بتسديد الديون، وهو ما تم أيضاً برمجته خلال السنة الجارية، خاصة فيما يتعلق بتسديد الأجور.

واستغرب المتحدث، وهو خبير في شؤون الموازنة العمومية، من "الصحف التي تروّج أخباراً عن وجود عجز حكومي عن سداد أجور الموظفين في القطاع الحكومي"، وأضاف أنها "بدت كما لو أنها حملة إعلامية منظمة وممنهجة لإرباك عمل الحكومة الجديدة".

كما انتقد خميس الكريمي ما اعتبره "أداءً دون المأمول للإعلام المحلي"، وأشار إلى أن "الكثير منه تعوزه المهنية ويفتقد لخط تحريري مستقل".

وأكد أن "بعض الصحف اليومية تلجأ إلى الإثارة في قضايا تتصل بالأمن القومي، مثل أخبار الإرهاب أو حقيقة الوضع الاقتصادي في البلاد".

وكان وزير المالية التونسي أكد مؤخراً أن الوضع الاقتصادي في البلاد حرج ودقيق، خاصة على مستوى الميزانية العامة، وضعف نسبة النمو التي لن تتجاوز مع نهاية السنة الحالية 2.8٪، إضافة إلى عجز الميزانية الذي سيصل إلى 8.9% خلال 2014.

وقال إنه "سيتم إعداد قانون المالية التكميلي قبل نهاية الأسبوع الجاري، وعلى أكثر تقدير بعد أسبوعين سيتم الانطلاق في إعداد قانون المالية لسنة 2015".

يُذكر أن الحكومة اختارت عدم تقديم إيضاحات حول الأخبار المتداولة عن وجود عجز محتمل عن تسديد أجور عمال وموظفي القطاع العام ومعاشات التقاعد.

وفي هذا السياق استغرب الإعلامي نجم الدين العكاري، رئيس تحرير صحيفة "الشروق" التونسية، من أنه لا أحد من كبار المسؤولين في الدولة خرج إلى الشعب ليطمئنه حول المستقبل القريب للبلاد، في ظل العديد من المؤشرات السلبية التي تتكاثر هذه الأيام ويطلقها خبراء وإعلاميون، والتي تنذر بوضع كارثي وتبشر بإفلاس قريب وبمصير مجهول".

وأضاف العكاري "هذا الصمت الرسمي، الذي يُخفي فقراً في الاتصال ويكشف حسابات انتخابية ضيقة، قد يصعب إقناع التونسيين بالحلول المُرة التي ستضطر حكومة جمعة مكرهةً إلى تطبيقها، وتتمثل في الزيادة في أسعار المحروقات ومراجعة حجم الدعم وتجميد الأجور".

وهو ثالوث حارق، مثلما عبر عنه العكاري، خاصة "في مناخ عام يُسيطر عليه الخوف والشك، وتحاول فيه بعض الأطراف النفخ في الرماد وصبّ الزيت على النار؛ بحثاً عن إجهاض تجربة تحمل بذور النجاح والتفرد في منطقة تعاني من اضطرابات وعواصف لا يمكن التكهن بمآلاتها".