قال الدكتور كمال عبد الكريم ميرغني الخبير الإقتصادي ، ان الأوضاع الإقتصادية بالسودان ستتفاقم قريباً نتيجة لتأثير قرار البنوك الأجنبية بعدم التعامل مع الجهاز المصرفي السوداني ، الذي وصفه بانه (لا يتمتع بالشفافية والمصداقية) .

ونبه في حديثه بمنتدى صحيفة (الميدان) الدوري ، إلى خطورة تمويل عجز الميزانية عن طريق الدين الداخلي والخارجي ، بإعتبارها مصادر غير إنتاجية ، مضيفاً أن الواقع يقول أنه لا سبيل لتجاوز هذا العجز في الوقت الراهن سواء كان في ميزانية النقد الأجنبي أو الإيرادات العامة لإنعدام مصادر النقد الأجنبي، بما فيها الاستثمارات المباشرة، وشكك في الأرقام الرسمية عن نمو الناتج المحلي الإجمالي قياساً للتدهور في القطاعات الإنتاجية.

وقال ان صادرات القطن عام 2012 بلغت (11.8) مليون دولار فقط ، بينما كانت صادراته في العام 1988 قبل إنقلاب (الإنقاذ) بلغت (250) مليون دولار . مضيفاً ان ( الصادرات غير البترولية على أيام البترول لم تتجاوز(685) مليون دولار من جملة (9) مليار دولار تمثل إجمالي الصادرات ـ بما فيها النفط).

وأضاف الدكتور كمال في ورقته بالمنتدى الإقتصادي القيّم الذي نظمته صحيفة الميدان لمناقشة أبعاد قضية توقف البنوك الأجنبية التعامل مع السودان ، بعنوان :  (التأثيرات المتوقعة لهذا القرار) ، ان توقف البنوك الأجنبية له أكثر من خلفية : فمن ناحية إستشرى الفساد داخل النظام المصرفي في بلادنا حتى أصبح غير موثوق به داخلياً ، ومن ناحية أخرى فهو مرتبط بالعقوبات الأمريكية على السودان ، وهي عقوبات لها تأثيرها على الاقتصاد كما هو واضح من تعطل مشروع سكر النيل الأبيض ، وعدم السماح باستيراد قطع غيار البوينج، مبيناً أن البنوك السعودية من ضمن البنوك التي أعلنت مقاطعتها للتعامل مصرفياً مع السودان ، وهي شريك كبير في التجارة مع بلادنا .. وذلك نظراً لعدم إيفاء البنوك السودانية بإلتزاماتها تجاه التعامل الخارجي.

وقال ان بنك السودان لا يستطيع إيجاد قروض قصيرة الأجل لتمويل المشتروات الحكومية بما فيها الأدوية.. وأكد أن: خطر التعامل المصرفي مع السودان سيضر قطاعات كبيرة مثل مُورديِّ الأدوية ومُصدريِّ الماشية والبرسيم والخضر والفواكه متوقعاً كبر حجم العجز في الميزان التجاري لجهة عدم القدرة على التصدير.. مضيفاً أن: الوضع سيكون كارثة.

واضاف : ( إن طبيعة القرار تشمل وقف كل التعاملات، الإستيراد والتصدير وتحويلات المغتربين والتحويلات الرأسمالية، وإن نطاق القرار الجغرافي يشمل أوروبا والخليج بخلاف السعودية، وإن خطوط التمويل أمام السودان ستكون مغلقة).

وعن التأثير في المدى المنظور قال : ( إنه سينسحب سلباً على حركة الصادر والوارد وعلى أداء ميزان المدفوعات والعملة الوطنية) كما توقع إزدياد أسعار الواردات، والسلع المحلية التي تعتمد على مدخلات خارجية.

وعن بدائل الحظر مثل دول الجوار الجغرافي و التجارة (off shore) أو الاعتماد على تجار العملة ، أكد أنها بدائل ضعيفة وتكاليفها عالية ، وانتقد رد الفعل وزير المالية الذي وصف قرار البنوك الخارجية باعتبارها إجراءات ضبط، وقال : (إن القرار هو مقاطعة اقتصادية للسودان).

وأكد الدكتور كمال أن الجهاز المصرفي لا يتمتع بالشفافية ولا المصداقية جراء خطابات الاعتماد التي لا تعزز .. أو التحويلات المالية دون تغطيات، مبيناً أن أساس التعامل البنكي هو الشفافية… وهذا ما يعطي إشارات سالبة عن الوضع الاقتصادي السوداني، تؤدي إلى إحجام المستثمرين ، مشيراً إلى أن بعض الاستثمارات القطرية والاجنبية في بلادنا لها تبعات ضارة بالسكان: التهجير والتلوث البيئي).

وأشار إلى إعتماد إقتصاد البلاد الكلي على البترول (قبل انفصال الجنوب) وتزايد الدين الخارجي وأعبائه والذي وصل إلى (45) مليار دولار، وما يجري من تخريب اقتصادي تحت سقف السياسة التي تسمى التحرير الاقتصادي، مضيفاً أن السودان نفذ كافة مطلوبات صندوق النقد الدولي، دون أن يفعل الصندوق أي شيء لدعم الاقتصاد السوداني، مثلما كان يفعل سابقاً مع السودان ودول أخرى عندما تنفذ مطلوباته أو توقع على خطابات النوايا، وأكد أن صادرات السودان غير البترولية المتراجعة بسبب تدهور القطاعين الزراعي والصناعي لن تسهم في معالجة أزمة الاقتصاد السوداني.