استقبل وزير الطاقة والمناجم الجزائري محمد عرقاب، يوم أمس الخميس، بمقر الوزارة سفير إسبانيا لدى الجزائر، فرناندو موران كالفو سوتيلو، حيث تباحث الطرفان سبل التعاون بين الجزائر وإسبانيا في مجال الطاقة والملف المتعلق بتوريد الغاز الطبيعي للسوق الاسباني من الجزائر.

وقدم الوزير عرقاب خلال اللقاء مع السفير الاسباني، رسائل تطمين وأكد أن الجزائر تبذل كل جهودها لضمان أمن إمدادات الغاز الطبيعي للسوق الأسباني من خلال الاستثمارات الكبيرة التي تمت لإدخال الغاز الطبيعي إلى هذا السوق في أفضل الظروف. وبالخصوص من خلال مشروع توسيع طاقة خط أنابيب الغاز ميدغاز الذي يربط الجزائر مباشرة بإسبانيا.

وأوضح أن القدرات المتاحة للجزائر لتلبية الطلب المتزايد على الغاز من الأسواق الأوروبية، وخاصة السوق الإسبانية، متاحة بفضل المرونة من حيث قدرات التسييل المتاحة للبلاد وأن الجزائر ستلتزم بتغطية جميع إمدادات الغاز الطبيعي الإسباني عبر خط ميدغاز. و في هذا إشارة واضحة الى أن الجزائر تتجه نحو تقليص دور خط المغرب العربي الذي يمر عبر المملكة المغربية.

ونشير هنا الى أن خط ميدغاز لنقل الغاز الجزائري نحو أوروبا، يمون كلا من إسبانيا و البرتغال، و كان وراء إنشائه، الرئيس الجزائري الأسبق عبد العزيز بوتفليقة، حيث انطلق المشروع سنة 2011، بعدما طلب من خبراء و استراتجيين في المجال النفطي تقديم مشروع خط ثاني موازي للخط المار على المغرب، وينطلق هذا الخط من مدينة بني صاف بالغرب الجزائري، باتجاه اسبانيا عبر البحر الأبيض المتوسط، وعلى امتداد 201كم، و ينقل 16 مليار متر مكعب سنويا مقارنة بالخط المغربي الذي كان ينقل 12 مليار متر مكعب.

و تم إنشاء خط ميدغاز، عبر شركة سعودية- سويسرية Arkad-ABB، التي فازت بصفقة انجاز مشروع تمديد خط أنابيب الغاز بين الجزائر و اسبانيا، بعد أن قدمت العرض الأقل تكلفة للمشروع مقارنة بالعرضين الآخرين المقدمين من طرف بريتيش بيتروليوم و Spanish Tecnicas Reunidas، وتقدر قيمة العرض بـ 75.5 مليون دولار أمريكي.

وبالنظر الى الموقف الرسمي للمملكة المغربية، فإنها سارعت بحر الأسبوع الماضي، الى الدعوة لتجديد عقد أنبوب الغاز المغرب العربي أوروبا، المار عبر أراضيها والذي ينقل جزء من الغاز الجزائري إلى إسبانيا والبرتغال، لأن هذه المنشأة التي تنتهي آجالها التعاقدية نهاية أكتوبر المقبل، وجاءت هذه الدعوة مباشرة بعد قرار المجلس الأعلى للأمن بإعادة النظر في العلاقات بين الجزائر والمغرب.

وفي هذا السياق، أفادت المديرة العامة للمكتب المغربي للمحروقات والمعادن، أمينة خضرة، في تصريحات لوسائل إعلام مغربية محلية، بأن المغرب يدعم مواصلة عمل الأنبوب الذي ينقل الغاز من الجزائر نحو إسبانيا عبر التراب المغربي.

وشددت المسؤولة ذاتها على أن المغرب عبر عن موقفه من مسألة مواصلة العمل بأنبوب الغاز في محادثات خاصة في تصريحات علنية، مؤكدة أنه يمثل أداة للتعاون الإقليمي، مشيرة إلى أن الأنبوب سيوفر نقل الغاز إلى أوروبا بأسعار عبور تنافسية، لا توفرها أي قناة أخرى.

وتشير الإحصائيات المتعلقة بهذا الأنبوب الذي وضع قيد الخدمة عام 1996، إلى أن المغرب يحصل سنويا على إيرادات معتبرة من عبور الغاز الجزائري أراضيه، حيث وصلت عام 2018 إيرادات المغرب إلى نحو 170 مليون دولار.، ثم انخفضت في عام 2019 إلى 113 مليونا، ثم إلى 56 مليونا في 2020.

ويحصل المغرب على هذه الإيرادات على شكل غاز طبيعي يقدر بنحو 600 مليون متر مكعب في السنة يوجه من أجل إنتاج الكهرباء من محطتين لتوليد الطاقة، كما يستفيد من إتاوات نتيجة تأجيره للأنبوب للجانب الإسباني وفقا لعقد الامتياز.

وهنا تتمحور كل التساؤلات الجيواستراتيجية، لأن الجميع يريد معرفة اتجاه الجزائر، فهل سيكون إلى تجديد العقد مع الرباط نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، بشأن امتياز خط أنابيب الغاز الجزائري الرابط الذي يمر عبر المغرب إلى أوروبا، وإلى أي حد سيكون لإعلان الرئاسة الجزائرية إعادة النظر في العلاقات مع البلد المغاربي الجار، تأثير على ذلك القرار؟ في وقت أعربت فيه الرباط عن رغبتها في عودة المياه إلى مجاريها وفتح الحدود مع الجارة الشرقية، بدون شروط مسبقة؟