اشتد الخلاف العمالي العاصف الذي تدور رحاه بين اتحادات عمال النفط من جانب والشركات النيجيرية المملوكة للدولة التي تعهدت بحشد موارد هائلة لتطوير القدرات والطاقات المحلية بما يتماشى مع قانون "تنمية محتوى صناعة النفط والغاز الطبيعي النيجيرية" NOGID، الصادر في عام 2010، وكشفت مصادر أن هذا الخلاف بات يهدد مصير نحو 3 آلاف من العاملين في القطاع النفطي في البلاد.

وتقول مصادر في صناعة النفط النيجيرية إن ذلك النزاع نتج عنه الاستغناء عن 1000 من العاملين في الشركات الوطنية للنفط والخدمات النفطية، فيما يقف 2000 من العاملين في القطاع في انتظار دورهم في قوائم الاستغناء، في وقت تقلص فيه تلك الشركات من عروضها المقدمة للاتحادات العمالية التي توصف بأنها "مغالى فيها".

وبينما تسعى الشركات الوطنية للخدمات النفطية إلى الحفاظ على عمالتها الوطنية في الأقاليم التي تعمل بها من خلال قيامها بضخ استثمارات كبيرة تماشياً مع مقررات "قانون محتوى العمالة النيجيري"، فإن تلك الشركات تزعم أن الاتحادات العمالية تطالب، من أجل حشد المزيد من الدعم من أعضائها، بمخصصات ورواتب ضخمة لأعضائها علاوة على فرض تعويضات ضخمة تعويضاً لهم لي مغادرة وظائفهم، رغم أن الشركات الوطنية تتكبد خسائر هائلة جراء هجرة تلك الكوادر وتركهم أعمالهم بعد أن خصصت لهم ميزانيات ضخمة للإنفاق على تدريبهم وتأهيلهم للعمل في وظائف متخصصة في قطاع النفط والغاز الطبيعي.

من جانبه، صرح رئيس مجلس إدارة جمعية التكنولوجيا البترولية النيجيرية، بانك- أنتوني أوكوروافور، بأن الجمعية عقدت اجتماعاً للنظر في سلسلة من الشكاوى التي تقدم بها عاملون وأصحاب شركات منخرطين في الخلاف الدائر في قطاع النفط، واعداً بأن تعمل الجمعية مع الأطراف جميعها لإيجاد علاج التطورات الصعبة للخلاف، مبيناً أن هناك 15 شركة ليست عضواً في الجمعية متضررة بالخلاف العمالي المثار حالياً.

وألقى أوكوروافور باللوم على ركود الأعمال الذي أضر بالقدرات المالية لمعظم الشركات العاملة في مجال الخدمات النفطية في البلاد بسبب الأزمة الأخيرة، مشدداً على أهمية أن يأخذ قادة الاتحادات العمالية في اعتبارهم تلك الأوضاع المترتبة على الأزمة المالية في الصناعة والعمل على تفعيل التعاون مع المستثمرين من أجل إحياء القطاع بشركاته وعماله.

وكشفت تحقيقات جرت أخيراً حول القضية أن "الجمعية النيجيرية لكبار العاملين في قطاع البترول والغاز الطبيعي" تدخل في خصومة وخلاف مع 18 شركة وطنية بدعوى أنها أخفقت في الالتزام ببنود "اتفاق التفاوض الشامل" بشأن الرواتب والمزايا لأعضائها، وأعضاء الاتحادات العمالية، وإعادة تشغيل العمالة المستغنى عنها، وسداد تعويضات سخية للعاملين الذين تركوا وظائفهم.

ومن جانبها، تشكو الشركات الوطنية العاملة في قطاع النفط والغاز والخدمات النفطية من المغالاة التي تبديها الاتحادات العمالية التي تطالب بأموال خرافية لأعضائها الذين تركوا وظائفهم والتحقوا بشركات أجنبية ومتعددة الجنسيات بعد أن قامت بتعيينهم أثناء نعومة أظافرهم كمهندسين وفنيين، وقامت بدورها بتدريبهم وإكسابهم الخبرات المتخصصة اللازمة للعمل في القطاع النفطي غير أنهم يتركون وظائفهم بما يضر بمصالح الشركات الوطنية والصناعة بوجه عام ويهرولوا للالتحاق بوظائف في الشركات الأجنبية أملاً في المزيد من المكاسب أو الحصول على تسهيلات للسفر إلى الخارج.

ولم تقتصر القضية المثارة على التدخل بين أطراف الخلاف، بل دخل وزير الموارد البترولية النيجيري، د. إيبي كاشيكوو، على خط الأزمة معترفا بوجود صراع داخل القطاع النفطي، متعهداً بالتدخل في الأزمة بصفة رسمية لإيجاد حلول والتوصل إلى نقطة التقاء بين الشركات وقيادات الاتحادات العمالية العاملة في قطاع النفط والغاز والخدمات النفطية.

وشدد الوزير النيجيري في تصريحات أدلى بها على هامش مؤتمر دولي للبترول عقد أخيراً في أبوجا، على أن حكومة بلاده عملت على جذب المستويات المطلوبة من الاستثمارات ورؤوس الأموال للحفاظ على محتوى العمالة النيجيرية داخل القطاع النفطي وتعزيز أدائه في الأجلين القصير والمتوسط، مبيناً أن الأمر سيتطلب استثمارات تزيد قيمتها على 100 مليار دولار لإنعاش الأعمال والأنشطة داخل صناعة النفط والغاز الطبيعي في البلاد.

ودعا إلى ضرورة أن ينخرط جانبا الخلاف في حوار مثمر وفعال بدلاً من التطاحن والدخول في إضرابات تعود بالضرر على الجميع فضلاً عن إضرار القطاع واقتصاد البلاد بأسره.