في حين كانت أصوات المدفعية تدوي على مبعدة، تجمع سكان درنة في مقهى يوم السبت لمناقشة مستقبل مدينتهم التي كانت لفترة طويلة معقلا للجهاديين في شرق ليبيا.
ولم يعلن جنود قوات شرق ليبيا سوى في اليوم التالي النصر النهائي على الإسلاميين المتشددين الذين حددت قواعدهم شكل الحياة في المدينة منذ إسقاط معمر القذافي في 2011.
لكن بالنسبة لسيف مالك المقهى وزبائنه الذين يشربون الكابتشينو، كان الحديث يدور حول ما يجب أن يحدث بعد ذلك مع إعطاء كثيرين الأولوية القصوى لتوفير مزيد من فرص العمل قبل كل شيء لإبعاد الشباب عن براثن المتشددين. وقال سيف "سبعون في المئة من السكان عاطلون عن العمل... نحتاج إلى برنامج اقتصادي".
والخدمات العامة متدهورة منذ سنوات في مدينة اشتهرت بإرسال مسلحين إسلاميين إلى أفغانستان وسوريا ومُنع فيها المواطنون من التصويت في الانتخابات العامة عام 2014.
وقال حافظ الذي يدير ورشة "نريد خدمات حكومية وصحية ومدارس أفضل". وفي درنة مستشفى صغير واحد فقط منذ 2011 والإمدادات محدودة.
وقال مساعد مدير المستشفى عادل أدوال خلال جولة في المبنى "لدينا 120 سريرا فحسب بدلا من 520 في المستشفى القديم. وأضاف أن هناك جهازا واحدا قديما لعمل الأشعة السينية "لكنه قد يتعطل في أي لحظة".
وقال عميد بلدية درنة عبد المنعم الغيثي إن حكومة شرق ليبيا، التي تعارض الحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس، خصصت 100 مليون دينار (72 مليون دولار) لإعادة الخدمات العامة.
وتحول معظم المدينة القديمة التي كانت الملاذ الأخير للمتشددين إلى حطام. وقال مصدر إن الهلال الأحمر عثر على 35 جثة.
وفي المنطقة الجديدة بالمدينة، التي تمكنت رويترز من زيارتها، بدت الحياة تعود لطبيعتها لكن المظاهر خادعة نسبيا.
يقول سكان إن مئات العائلات فرت إلى غرب ليبيا، خشية الاضطهاد بعد اتهامها بدعم الإسلاميين.
وقالت الأمم المتحدة إن الوضع الإنساني في درنة يثير قلقا بالغا، وسط تقارير تفيد بعدم قدرة عشرات المدنيين على الوصول إلى الغذاء والمياه والرعاية الصحية.
وتتابع المنظمة الدولية عن كثب تقارير بشأن عمليات إعدام فورية دون محاكمة، وسمعت أيضا عن اعتقالات تعسفية وسط تقارير عن احتجاز 2000 شخص في سجن واحد فقط.
ورفض رئيس أركان قوات شرق ليبيا عبد الرازق الناظوري الرقم لكنه قال إن أي جنود يرتكبون جرائم سيواجهون المحاكمة.
وقال أحد السكان إن قوات شرق ليبيا عملت على منع الانتهاكات مثل أعمال النهب التي ألقى باللوم فيها على قوات قبلية لكن المصالحة ستستغرق بعض الوقت نظرا لأن البعض يريد الانتقام بسبب المعاناة التي مروا بها في ظل حكم الإسلاميين.
وأضاف بعد أن طلب عدم نشر اسمه "هناك بعض الانتهاكات لكن الهيئات الحكومية مثل المباحث الجنائية والمخابرات وصلت إلى المدينة القديمة ونأمل أن تهدأ الأوضاع".