يمثّل وقف إطلاق النار في العاصمة الليبية طرابلس بين قوات الجيش الليبي والقوات الموالية لحكومة الوفاق مطلبا متصاعدا من عدة أطراف محلية ودولية وذلك بهدف التمهيد للذهاب نحو الحل السلمي والوصول الى تسوية سياسية في البلاد.لكن في المقابل تتواصل الانتهاكات التركية منذرة باجهاض أي محاولات لانهاء الصراع في البلد المتأزم منذ سنوات.

إلى ذلك،دعا سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى ليبيا ريشارد نورلاند،الأربعاء،في إتصال هاتفي مع رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج،القوات المسلحة العربية الليبية إلى وقف العمليات العسكرية حول طرابلس حتى تبدأ عملية خفض التصعيد ويتمكّن الأطراف من تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التفاوض بشأنه بآلية 5 + 5 في جنيف في 23 فبراير.

وأوضح نورلاند، للسراج أنّ الولايات المتحدة تعتقد أنّ السلام الدائم والاستقرار في ليبيا والخطوات الملموسة لحماية مصالح جميع الليبيين لا يمكن تحقيقها إلا من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة. مشيرا إلى أن مسار الحوار مفتوح أمام جميع الأطراف الليبية المسؤولة المستعدة لإلقاء أسلحتها، ورفض التدخل الأجنبي، والاجتماع حصريا من خلال الوسائل السياسية بشأن القضايا التي تفرّقها.

وفي ذات السياق،ناشد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط،حكومة الوفاق والجيش الليبى بحقن الدماء والإلتزام بهدنة إنسانية وخاصة خلال شهر رمضان المبارك.وجدد أبو الغيط، في بيان صحفى اليوم الأربعاء، تأكيده على موقف الجامعة الثابت المرتكز على رفض اللجوء للخيار العسكرى والإلتزام بالحوار السياسى بصفته السبيل الوحيد لتسوية الأزمة الليبية، معربا عن إستنكاره لاستمرار العمليات العسكرية في مختلف أرجاء ليبيا، وخاصة حول العاصمة طرابلس  والمناطق الغربية من البلاد.



وقال أبو الغيط، "على القيادات الليبية يجب أن تعي أنه لا مجال لإنهاء الصراع الدائر في ليبيا إلا من خلال المسار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة ويؤيده المجتمع الدولي، والذي يرتكز على وجوب التوصل إلى وقف دائم وشامل لإطلاق النار، وتفكيك الميليشيات المسلحة التي تهدد أمن وإستقرار الدولة الليبية، وتوحيد الجهود الوطنية لمكافحة الإرهاب، والإستقرار على الأرضية التوافقية التي تسمح بإجراء الإنتخابات التشريعية والرئاسية التي يتطلع إليها الشعب الليبى".

وتوالت أمس ردود الفعل الدولية بعد إعلان قائد الجيش الليبي، المشير خليفة حفتر، الانسحاب من اتفاق الصخيرات، وقبول تفويض الشعب الليبي لادارة شؤون البلاد،وقال الاتحاد الأوروبي، أن التصرفات والتصريحات الأحادية الجانب، لا يمكن أن تخرج البلاد من الصراع وتعيدها لطريق السلام، ولا يمكن قبولها".

كما اعتبرت الخارجية الألمانية أنه "لا يمكن حل الصراع في ليبيا عسكرياً، ولا من خلال إعلانات أحادية الجانب، بل عبر عملية سياسية بمشاركة كل المناطق وفئات الشعب".فيما أكدت موسكو معارضتها "أي خطوات أحادية" تقوم بها الأطراف الليبية،مؤكدو أن "التسوية الوحيدة الممكنة في ليبيا يجب أن تقوم على أساس التوافق بين كل الأطراف".

وأعربت السفارة الأميركية في ليبيا عن أسفها، لما وصفته بـ"اقتراح حفتر" وشددت على أنّ "التغييرات في الهيكل السياسي الليبي، لا يمكن فرضها من خلال إعلان أحادي الجانب".لكن السفارة رحبت بأي فرصة لإشراك حفتر، وجميع الأطراف، في حوار جاد حول كيفية حلحلة الأزمة وإحراز تقدّم في البلاد.

وتأتي هذه الدعوات للتهدئة في وقت تتواصل فيه إنتهاكات تركيا في الأراضي الليبية وتدخلها السافر الذي يؤجج الصراع في البلاد.وآخر الجرائم التركية جاء مع تنفيذ الطيران التركي المسير، صباح اليوم الأربعاء، قصفا استهدف سيارتي اسعاف في منطقة ابوالغرب جنوب غرب طرابلس في داخل محطة الوقود.


وقال المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة، في تدوينة نشرها عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، "تم قصف عدد اثنان سيارة اسعاف وبهما شهداء من قبل طيران مسير تركي عند الساعة العاشرة صباحا في يوم الأربعاء الموافق 29/4/2020 في منطقة ابوالغرب في داخل محطة الوقود".

ويأتي هذا القصف بعد آخر مماثل نفّذته طائرة مسيرة تركية ضد شاحنة في مدنية بالقرب من منطقة نسمة غرب ليبيا ما أسفر عن مقتل 5 أشخاص مدنيين.ووفق صفحة الناطق باسم القيادة العامة للجيش الليبي على الفيسبوك فإن طائرة مسيرة تركية قامت مساء الاثنين بقصف الشاحنة المدنية مخلفة ما وصفها "مجزرة" بحق  5 مواطنين ومرافقيهم من العمالة الوافدة "في عمل إجرامي" مبينا أن حكومة الوفاق وإعلامها العميل المستقر في تركيا وطرابلس تبنى العملية بزعم استهداف شحنة عسكرية.

وأضاف المسماري أن "عجز طيران تركيا عن المواجهة في محاور الشرف جعلته يتوجه إلى قصف شاحنات السلع الغذائية المدنية والإنسانية في الاماكن المفتوحة البعيدة عن الجبهات والقريبة من المدن والقرى الآمنة ومنها هذا القصف الذي استهدف مساء اليوم سيارة تحمل خلايا نحل للعسل، في منطقة نسمة جنوب شرق مدينة مزدة".

وفي سياق الجرائم التركية في حق الليبيين، قال موقع "ذا إنفستجيتف جورنال" البريطاني إن المرتزقة السوريين الموالين للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يقومون بنهب ممتلكات ومنازل الليبيين، ردا على عدم تسلم رواتبهم.وعرض الموقع تسجيل اعتراف أحد المرتزقة ويدعى "زين أحمد" عضو في ما يسمى بـ"جبهة أحرار الشرقية" أحد الفصائل المشبوهة والمتطرفة بسبب تعاملها السيئ مع المدنيين.

وقال أحمد، الذي فضح خطط أردوغان في ليبيا، إنه كان مقيما في عفرين مع الفصيل منذ عملية تركيا غصن الزيتون عام 2018، معترفا بأنه سرق ممتلكات الليبيين حين جاء إلى ليبيا للقتال في صفوف قوات الوفاق.وأضاف المرتزق السوري: "نهبت عندما كنت في ليبيا، لأنهم توقفوا عن الدفع لنا".

وتحاول تركيا بشتى الطرق دعم حلفائها في طرابلس ودفعت بآلاف المرتزقة والعناصر الارهابية الى الاراضي الليبية بتواطئ من حكومة السراج،ولم تلتزم المليشيات المسلحة بدم من مرتزقة أردوغان بوقف إطلاق النار واستهدفت المدنيين، وهاجمت العديد من المدن الليبية، وارتكبت بها جرائم من خلال مرتزقتها صنفت كجرائم حرب، مثل مدن صرمان وصبراتة.


وفي وقت سابق، قال مدير إدارة التوجيه المعنوي للجيش الليبي، خالد المحجوب، في تصريحات لـ "إرم نيوز"، إن الجيش يدعم أي هدنة إنسانية، لكن المشكلة دوما في الطرف الآخر، أي حكومة الوفاق؛ لأنهم مجموعة من الميليشيات وليسوا مؤسسة عسكرية قائمة.وأضاف المحجوب، أنه سبق أن تم الإعلان عن هدنة سابقة ولكن الميليشيات لم تلتزم بها، بل إنها استغلت تلك الهدنة لترويع المواطنين الآمنين ولجلب المزيد من المرتزقة والطائرات التركية المسيرة لقتل أبناء الشعب الليبي".

وأشار المحجوب إلى أنه في الوقت الذي كان يدعو فيه وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، إلى إعلان هدنة إنسانية، كانت الميليشيات المسلحة، تواصل اعتداءاتها على الشعب الليبي، وتقصف بيوت الآمنين وشاحنات الوقود والتموين وقامت بقطع الكهرباء عن الناس في هذا الشهر المعظم.وأكد المحجوب أن "الجيش الوطني الليبي، لا يمانع في إعلان الهدنة، وفي الالتزام بها"، لكنه شدد على أن هذه الهدنة يجب أن تلتزم بها ما وصفها بـ "حكومة الإخوان" أولا، لكن استبعد ذلك، قائلا: "الحقيقة أنني أشك في ذلك لأن هؤلاء لا عهد و لا ميثاق"، حسب قوله.

وتصاعدت حدة الصراع  في ليبيا بشكل كبير هذا الشهر مع نشوب معارك على عدة جبهات في غرب البلاد، رغم سريان هدنتان في البلاد أولاهما معلنة منذ 12 يناير/كانون الثاني الماضي بوساطة دولية، والهدنة الإنسانية المعلنة حديثا لتوحيد الجهود لمواجهة فيروس كورونا، بوساطة من البعثة الأممية في ليبيا.ويؤكد مراقبون أن التدخلات التركية تقف عائقا أمام احلال السلام في البلاد والذهاب الى جولة جديدة من المفاوضات بحثا عن حلول سلمية للأزمة المستعصية منذ سنوات.