اتفقت دول الجوار الليبي الخميس على رفض التدخلات العسكرية الأجنبية في الأزمة، وأكدت أنها تزيدها تعقيدا، وشددت على ضرورة التواصل فيما بينها سعيا لحل سياسي للأزمة المستمرة منذ 2011.
وعقد اجتماع رفيع المستوى في العاصمة الجزائرية لدول جوار ليبيا، وشارك في الاجتماع إلى جانب الجزائر، مصر وتشاد وتونس والسودان والنيجر، إضافة إلى مالي وألمانيا، استمر لنحو 5 ساعات، وذلك عقب أيام من مؤتمر برلين.
وفي مؤتمر صحفي عقب الاجتماع، كشف وزير الخارجية الجزائري، صبري بوقادوم، ملخص البيان الختامي الذي اتفق عليه المشاركون حول الأزمة الليبية.
وقال بوقادوم إن الاجتماع خلص إلى التأكيد على أنه لا حل للأزمة الليبية إلا بشكل سياسي وأن يكون بين الليبيين وحدهم، ودعم وحدة الأراضي الليبية واحترام سيادتها كدولة واحدة موحدة، وإشراك دول الجوار في الجهود الدولية لحل الأزمة، بالإضافة إلى إشراك الاتحاد الأفريقي باعتبار ليبيا عضواً فيه، ورفض التدخلات الخارجية، وكذا رفض تدفق الأسلحة إلى ليبيا.
وأكد الوزير الجزائري على أن المجتمعين يأملون في الوصول إلى شرعية للسطات الليبية تحظى بموافقة "جميع الليبيين" وهو موقف لافت رأى فيه متابعون تغيراً كبيراً في مواقف بعض الدول على رأسها الجزائر مما يعرف بـ"حكومة الوفاق".
وفيما يتعلق بحظر توريد ليبيا بالسلاح، أشار إلى أن الأمر متعلق بقرار أممي وليس برغبة فقط لدول الجوار، ودعا إلى احترام القرار الدولي، وأكد بأن الجزائر لا تعمل وحدها بل مع شركائها من دول الجوار والمشاركين في مؤتمر برلين والاتحاد الأفريقي.
وأوضح أن لكل دول الجوار بما فيها مالي اهتمام كبير بالوضع في ليبيا، مشددا على أن المسألة تخص الليبيين لكن على دول الجوار "توفير كل الجهود لإنهاء الأزمة".
وأكد بوقادوم على رفض المجتمعين وجود أي قوات غير شرعية في ليبيا.
في نفس الإطار،قالت وزارة الخارجية الجزائرية، في بيان، إن الاجتماع يأتي في سياق الجهود الدبلوماسية المكثفة من أجل الدفع بمسار التسوية السياسية للأزمة التي يعيش على وقعها البلد الجار منذ سنوات، وذلك عن طريق الحوار الشامل بين مختلف الأطراف الليبية.
وأوضحت أن اللقاء الموسع يهدف إلى تدعيم التنسيق والتشاور بين بلدان الجوار الليبي والفاعلين الدوليين من أجل مرافقة الليبيين للدفع بمسار التسوية السياسية للأزمة.
ويأتي الاجتماع الأكبر من نوعه لوزراء خارجية دول الجوار الليبي، بعد التحركات الدبلوماسية الكثيفة التي قادتها الجزائر ومصر لتجنيب ليبيا حربا جديدة، بعد أن قرر النظام التركي إرساله جنودا ومرتزقة من داعش لدعم مليشيات السراج في طرابلس.
وأُقيم هذا الاجتماع  بعد مؤتمر برلين الدولي حول الأزمة الليبية ، وحضره الرئيسان المصري عبدالفتاح السيسي والجزائري عبدالمجيد تبون، باعتبار القاهرة والجزائر من أكثر الدول المتأثرة باستمرار الأزمة الليبية، وبحكم وزنهما الإقليمي والدولي.
من جانبه، دعا وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى التوجه نحو حل شامل سريع في ليبيا، وربط عودة الحياة الطبيعية في ليبيا بتوفير خمسة عوامل رئيسية، تتعلق بإصلاح المجلس الرئاسي وتشكيل حكومة مستقلة تتوافق عليها الأطراف وتحظى بقبول البرلمان، ونزع السلاح عن الميليشيات ومحاربة التنظيمات الارهابية وتوحيد الجيش وتوزيع عادل للثروات".
وشدد شكري على أنه "يتعين أن يكون ذلك الحل الشامل حل ليبي-ليبي".
ورحب شكري بمساعي الجزائر "الصادقة" للإسهام في تسوية أزمة "عميقة وممتدة" في بلد عربي "هام".
وقال إننا نحرص في مصر أن "تستعيد ليبيا استقرارها وأوضاعها الطبيعية بأسرع ما يمكن حتى تطلع بدورها على الساحة العربية والدولية بشكل بناء بما يحقق مصالح الشعب الليبي".
في ذات الصدد،قال كاتب الدولة التونسي المكلف بتسيير وزارة الشئون الخارجية "صبري باشطبجي": إن استمرار الأزمة الليبية وتوسع نشاط الجماعات الإرهابية، والهجرة غير الشرعية كلف دول الجوار أعباء ثقيلة.
وأضاف أن دول الجوار ملزمة بإبلاغ صوتها بكل قوة، بما إنها معنية بحل الأزمة الليبية. وفي السياق ذاته أكد أن تونس ترحب بمخرجات مؤتمر موسكو وبرلين، وتؤكد على محورية دول الجوار، ما يلزم إشراكها بشكل فعال لحل الأزمة.
ولا يخفي مراقبون خشيتهم في مستوى عدم التطابق بين دول الجوار في رؤية الحل في ليبيا، وأنه يجب التفرقة بين دول جوار تعتبر ليبيا أمنها القومي ودول جوار تتآمر على ليبيا،حيث أن دول الجوار لا يمكنها القيام بأي أدوار كبيرة خاصة في ظل حضور الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن والدول الأخرى في المشهد الليبي، وهو ما يعني أن الأمر لم يعد يقتصر على مواقف دول الجوار.
من ناحية أخرى فإن دول الجوار لا تتحرك في إطار مؤسسي مثل جامعة الدول العربية أو إتحاد المغربي فحضور مثل هذه الأطر مهم في مستوى توفيرها لغطاء قواعد عمل أو تنسيق مشتركة.
فتحرك هذه الدول يسميه البعض حكم الضرورة إذ أصبح تهديد أمنها القومي أكثر من أي وقت مضى في ظل حالة من الكسل الديبلوماسي التي تعيشها منذ سنوات.