تعيش دول المغرب العربي تحديات كبيرة في ظل صعوباتٍ اقتصاديةً تختلف اسبابها وملامحها من دولة الى أخرى، اضافة الى أوضاع سياسية مرتبكة مع انعدام استقرار حكومي خاصة في تونس وليبيا،ويتزامن ذلك تصاعد التوتر بين دول المغرب العربي وهو ما يمثل انتكاسة لأمال تفعيل الاتحاد المغاربي.

وطفت الى السطح مؤخرا توترات بين الدول المغاربية،حيث تبادلت تونس وليبيا الاتهامات بتصدير الارهاب،حيث اتهم رئيس الحكومة الليبية، عبد الحميد الدبيبة تونس ضمنا بتصدير الإرهاب إلى بلاده،قائلا في هذا السياق،"من أين وفد علينا أكثر من 10 آلاف إرهابي؟ لقد أتوا من الخارج، خاصة من بعض الدول المجاورة".

وأكد الدبيبة إنه أرسل وفدا إلى تونس للتفاهم بخصوص اتهامهم بالإرهاب، مضيفا:"إن كانت تونس تريد بناء علاقات حقيقية فلا بد من احترام دول الجوار، لأن ليبيا متفطنة لكل الألاعيب الدولية"، بحسب تعبيره.

وأعرب وزير الخارجية التونسي، عثمان الجرندي خلال لقائه نظيرته الليبية نجلاء المنقوش، عن "استغراب تونس من تصريحات الدبيبة، ورفضها لها".وقالت وزارة الخارجية التونسية في بيان لها نشرته على صفحتها بموقع "فيسبوك"، إن الجرندي اعتبر هذه "التصريحات مجانبة للحقيقة، لا سيما في هذا الوقت بالذات الذي تعمل فيه تونس جاهدة للإسهام الناجع في استتباب الأمن والاستقرار في ليبيا وفي دول المنطقة".

وأشارت إلى أن تونس هي أيضا "الصوت المدافع عن ليبيا في المحافل الإقليمية والدولية، وخاصة في مجلس الأمن".ولفتت الخارجية التونسية، إلى أن الجرندي ذكر أن "أمن واستقرار ليبيا من أمن واستقرار تونس، وبأن البلاد مستهدفة بدورها بالإرهاب، وأنّ تونس لا يمكن أن تكون بأي حال من الأحوال قاعدة لتصدير الإرهاب أو مصدرا لتسلل الجماعات الإرهابية إلى ليبيا".

وجاءت تصريحات الدبيبة ردا على تقارير اعلامية تونسية قالت إن المئات من العناصر المتطرفة في ليبيا تستعد لدخول تونس للقيام بأعمال فوضى، وتنفيذ مخططات إرهابية.واعتبر نشطاء تونسيون أن الدبيبة تحامل على بلادهم التي لم تصدر اية جهة رسمية فيها أي تصريحات أو اتهامات لليبيا بتصدير الارهاب اليها.

وقال المكلف بالإعلام باسم الاتحاد العام التونسي للشغل، غسان القصيبي، في تدوينة على حسابه في موقع "فيسبوك"، أن ترويج الأكاذيب والأخبار المغلوطة في تونس كان سببا لمهاجمة الدبيبة لتونس، في سياق الدفاع عن بلاده.فيما اعتبر الكاتب الصحفي عبد اللطيف دربالة أن سكوت السلطات الرسمية في تونس خلال الأسبوع الماضي، بعد تداول تقارير محلية تؤكد وجود إرهابيين في ليبيا يخططون لاستهداف تونس، كان سبب الغضب الليبي.

وعقب ذلك سارع رئيس الحكومة الليبية المؤقتة، عبدالحميد الدبيبة،عبر تدوينة نشرها عبر صفحته على موقع "فيسبوك"، الى تدارك الأزمة مؤكدا أن تونس وليبيا "شعب واحد في بلدين".وقال الدبيبة قي تدوينته أن "ما ورد من ادعاءات مغلوطة بشأن الأوضاع الأمنية بين تونس وليبيا لن يؤثر على عمق العلاقة الأخوية، بين البلدين".

وفي وقت سابق هاجم رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي، خالد المشري، قرارات الرئيس التونسي، قيس سعيد، ووصفها بـ"الانقلاب".فيما حذر مفتي ليبيا المعزول الصادق الغرياني، في قناته "التناصح" التي تبث من تركيا، الشعب التونسي مما سمّاه الانقلاب الناعم، ومن الخداع وتكرار السيناريو المصري في تونس منددا بما قال إنه "انقلاب الرئيس التونسي قيس سعيد، وتجميد مجلس النواب التونسي".

وتعيش تونس على وقع تطورات سياسية هامة بعد الإجراءات التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد، والقاضية بتجميد اختصاصات البرلمان، وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه، على أن يتولى هو بنفسه السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة يعين رئيسها.

ومثلت هذه الاجراءات ضربة موجعة لحركة النهضة وهو ما دفع جماعة "الاخوان" في ليبيا للتنديد باجراءات الرئيس التونسي ودعم حركة النهضة الإسلامية التي يقودها راشد الغنوشي.واعتبر مراقبون أن قلق جماعة "الاخوان" من التطورات في تونس يعكس حجم الأزمة التي يعيشها التنظيم الذي يسعى لبسط نفوذه في المنطقة.

ويأتي التوتر بين ليبيا وتونس في وقت تصاعدت فيه حدة الخلافات بين المغرب والجزائر والتي وصلت حد القطيعة بعد أن أعلنت الجزائر عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع جارتها الرباط.واتهم وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة،الرباط بدعم منظمتين وصفهما "بالإرهابيتين" والضالعتين بالحرائق الأخيرة التي اندلعت في الجزائر، حسب قوله.وأشار لعمامرة إلى أن قطع العلاقات مع المغرب لا يعني تضرر مواطني البلدين، وستمارس القنصليات دورها المعتاد".

ومن جانبه، أعرب المغرب عن "أسفه" لقرار الجزائر قطع العلاقات بين البلدين، في خطوة وصفتها الرباط بأنها "غير مبررة".وقالت الخارجية المغربية في بيان إن هذا القرار كان "متوقعا بالنظر إلى منطق التصعيد الذي تم رصده خلال الأسابيع الأخيرة، وكذا تأثيره على الشعب الجزائري، فإنه يرفض بشكل قاطع المبررات الزائفة، بل العبثية التي انبنى عليها" وفق البيان.

وأعرب رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني عن أسفه، وقال في تصريحات صحفية إنه يأسف كثيرا "لهذا التطور الأخير، ونتمنى أن نتجاوزه في القريب إن شاء الله".وأضاف العثماني "في رأيي الشخصي أن بناء الاتحاد المغاربي وعودة العلاقات إلى طبيعتها بين الجارين المغرب والجزائر هو قدر محتوم ضروري تمليه أولا وقبل كل شيء المصالح المشتركة وبناء المستقبل المشترك".

ومنذ تسعينيات القرن الماضي، تصاعد الخلاف بين المغرب وجارتها الشرقية الجزائر،ومثلت الخلافات بين البلدين حجر عثرة أمام تحقيق الاندماج المغاربي. وقال وزير الخارجية الموريتاني اسماعيل ولد الشيخ أحمد أن :"اتحاد المغرب العربي كمنظمة إقليمية مشلول حاليا بسبب الأزمة بين المغرب والجزائر"، وأضاف أن "طموحنا، بناء المغرب العربي وتجاوز الأزمة التي حصلت، ومتأكدون أنه مهما كانت الأزمات ومهما وصلت سيوجد حل لها".

ومنذ تسعينيات القرن الماضي، تصاعد الخلاف بين المغرب وجارتها الشرقية الجزائر،ومثلت الخلافات بين البلدين حجر عثرة أمام تحقيق الاندماج المغاربي.فمنذ العام 1995 جمد المغرب عضويته فيه بسبب خلافاته الحادة مع الجزائر على خلفية قضية الصحراء الغربية وغلق الجزائر لحدودها البرية مع المغرب منذ العام 1994

وقال وزير الخارجية الموريتاني اسماعيل ولد الشيخ أحمد أن :"اتحاد المغرب العربي كمنظمة إقليمية مشلول حاليا بسبب الأزمة بين المغرب والجزائر"، وأضاف أن "طموحنا، بناء المغرب العربي وتجاوز الأزمة التي حصلت، ومتأكدون أنه مهما كانت الأزمات ومهما وصلت سيوجد حل لها".

ويعتبر المراقبون أن عدم استكمال بناء اتحاد المغرب العربي له كلفته على الصعيدين السياسي والاقتصادي، ذلك أن استقرار الدول ومناعتها وازدهارها تتوقف إلى حد كبير على مدى اندماجها في محيطها. ويُفوت غياب الاندماج الاقتصادي المغاربي على دول المنطقة فرصة تحقيق نمو اقتصادي قوي، ومعالجة أعطاب التنمية الاقتصادية بالمنطقة.

وبعد قرابة ثلاثة عقود على إعلان الاتحاد المغاربي، لا تزال طموحات شعوب الدول المشاركة فيه تراوح مكانها بسبب تأخر المنظومة المغاربية عن تحقيق ما وعدت به من خلال هذا الاتحاد الذي عصفت به خلافات طويلة ومشكلات، أوقفت مسيره. ورغم محاولات إعادة بعثه جزئيًا من خلال تفعيل اجتماعات وزراء الداخلية، والتركيز على التنسيق الأمني، وإعادة تفعيل هياكل الاتحاد تدريجيًا، غير أنّ كل المحاولات التي جرت باءت بالفشل خلال السنوات الماضية.