في حوار خص به بوابة افريقيا الإخبارية قال الدكتور علية العلاني المختص في الجماعات الاسلامية والإرهابية أن ليبيا مقبلة على نظام جديد خال من الارهاب خاصة اذا لم يفشل الحوار الوطني المقبل
وأعلن العلاني أن التونسيين المنتمين لأنصار الشريعة في ليبيا لا يزيد عددهم عن بعض المئات وليس الآلاف وانهم ليسوا موجهين الى الهجوم على تونس وانهم وغيرهم من الجهاديين سيتوجهون الى صحراء موريتانيا
وفي ما يلي النص الكامل للحوار
سؤال :
كيف ترى تطور الأوضاع الأمنية الأخيرة في ليبيا وحملات الكر والفر بين مجموعة الكرامة وفجر ليبيا؟
جواب :
تعيش ليبيا هذه الأيام على وقع مخاض صعب لكنه سيلد نظاما جديدا خاليا من الإرهاب والتهديدات الداخلية و الإقليمية.
سؤال :
على ماذا تؤسسون تفاؤلكم ؟
جواب :
هو تفاؤل نسبي يمكن أن يصبح تفاؤلا كبيرا كما يمكن أن يتحول إلى تشاؤم إذا فشل الحوار الوطني القادم. ويعود هذا التفاؤل إلى الأسباب التالية :
أولا: هو أن مجلس الأمن صنف أنصار الشريعة تيارا إرهابيا اي أنها ستلحق بالقاعدة وداعش والنصرة وهي التنظيمات المتمركزة في ليبيا والكاتمة على أنفاس الشعب الليبي. و تصنيف مجلس الأمن سيخرج هذه التنظيمات المتشددة من عملية الحوار الوطني.
ثانيا: أن تيار الإسلام السياسي المتمثل في الإخوان سيضطر إلى قطع صلته بالتيارات الجهادية للمشاركة في الحوار الوطني مما سيجعله ضعيف التأثير وبالتالي لن يزيد حجمه الانتخابي عن 10 % في أي انتخابات مقبلة خاصة وأن هذا التيار متهم بالتحالف مع التيارات المتشددة التي زرعت الرعب والخراب الإقتصادي في ليبيا.
ثالثا : أن ليبيا بلد متجانس مذهبيا وينتمي تاريخيا لتيار الإسلام الوسطي، وكل التيارات الدينية الوافدة عليه من إخوان وسلفية جهادية لم تخلف سوى المآسي والعنف والدمار. وبالتالي فعندما تأتي دولة قوية وجيش قوي ستصبح هذه التيارات محدودة التأثير.
رابعا: أن استقرار الوضع الإقليمي سيفيد التيار الديمقراطي في ليبيا. وأعتقد أن استكمال الانتخابات التونسية الرئاسية بسلام سيساعد على إعطاء المثال الإيجابي لليبيين للدخول في حوار وطني يؤدي إلى دستور وحكومة وانتخابات شفافة تضع ليبيا في مصاف الدول المحترمة وستكون دول الجوار اكبر المستفيدين من استقرار ليبيا.
خامسا: إن موقف قطر الأخير المؤيد للنظام المصري بعد مؤتمر الدوحة الأخير يشكل رسالة واضحة المعالم وضمنية بأن الإخوان والسلفيين في ليبيا لم يعودوا يحظون بالمكانة التي كانوا يحظون بها في السابق . وهو ما سيمهد للحوار الوطني القادم وسيجعل له حظوظا أكبر للنجاح.
سؤال :
وماذا عن التيارات الإرهابية في ليبيا، هل ستقبل الهزيمة بسهولة ؟
جواب :
بالنسبة للتيارات المتشددة فهي على نوعين : تيارات متشددة ليبية وتيارات متشددة أجنبية.
وأعتقد أن الجيش الليبي له استراتيجية في مطاردة الإرهابيين حيث سيدخل حفتر عن قريب طرابلس بعد أن يحكم الحصار على مداخلها من ناحية الزاوية والعزيزية . وبسقوط هاتين المنطقتين تصبح السيطرة على طرابلس سهلة، لأن معظم سكان هذه المدينة مستاؤون من حالة اللاأمن والأزمة الاقتصادية وهم يرون بأم أعينهم كيف تُبدّد ثروة الشعب الليبي فهناك أخبار متواترة عن نهب ممنهج ومرتبات خيالية للعديد من أنصار الكتائب المسلحة لفجر ليبيا والدروع تصل إلى عشرات الآلاف من الدولارات شهريا. بالإضافة إلى قتل كل من يُشتم منه رائحة المعارضة للتيارات المتشددة. وقد ولّد ذلك احتقانا سيستفيد منه الجيش الليبي عندما يحرر مدينة طرابلس. وبالتالي فإن الظروف الحالية في ليبيا (تحسن الوضع الإقليمي وقرار الأمم المتحدة الخ) تدفع في اتجاه حل الأزمة في ليبيا.
أما عن التيارات المتشددة في ليبيا فقد بدأ البعض منها يفكر في الهجرة وجزء آخر سيدخل مرحلة التخفى أو ما يعبر عنه بالخلايا النائمة. لكن هذا لن يحدث إلا بعد السيطرة على مدينة درنة.
سؤال:
لماذا ترك الجيش الليبي درنة في آخر مرحلة ؟
جواب :
درنة مدينة تاريخية معروفة بعلاقتها الصعبة مع الحكومة المركزية منذ عصر القذافي وقد قام العقيد القذافي بضربها بالأسلحة مرار وتكرارا. لكن درنة بعد الثورة أرادت أن تبني نموذجها في الإسلام المعتدل لكنها جوبهت بغزو مكثف من التيارات الدينية المتشددة الآتية من بلدان عديدة.
و في 10 ديسمبر 2014 أُعلن عن تكوين مجلس شورى شباب المجاهدين المعروف بولائه للقاعدة والمتكون في معظمه من جهاديين أجانب، هذا المجلس هدد بإشعال حرب داخلية ضد أبناء الشعب الليبي وهو ما لم يستحسنه سكان درنة الأصيلين، وبالتالي فإن معركة درنة ستأتي بعد طرابلس بعد أن يكون الغضب الشعبي داخل مدينة درنة قد تطور. علما وأن هناك تقارير تفيد بأن القيادات الجهادية المتحكمة في درنة فرضت نظاما تعليميا على تلاميذ وطلاب درنة لا يستجيب لمواصفات التعليم العصري وهو ما زاد من نقمة الأهالي وبالتالي فإن السيطرة على درنة ربما تتم بعزل مداخلها بعد أن يتم التحكم في المدن الأخرى. علما وأن معركة درنة يمكن أن تستغرق وقتا أطول نظرا لطبيعة تضاريس المنطقة الجبلية.
سؤال:
كيف سيكون مصير التونسيين المنتمين لأنصار الشريعة في ليبيا؟
جواب :
هناك معلومات تفيد أن أعداد التونسيين المجندين من طرف أنصار الشريعة يُقدّر بالمئات وليس بالآلاف كما تقول بعض الجرائد. ومعظم هؤلاء ذهب إلى ليبيا زمن حكومة الترويكا وتلقوا تدريبات في المعسكرات الليبية. وأعتقد أن هذا العدد من الجهاديين المتدربين في ليبيا ليس مخصصا للهجوم على تونس كما تروج لذلك بعض الصحف لكنهم سيُستعملون في مهام قتالية في سوريا والعراق والساحل الإفريقي. وربما يتم إرسال أعداد قليلة منهم إلى تونس للقيام بتفجيرات أو عمليات إرهابية أخرى (انظر فيديو أبو بكر الحكيم حول هذه المسألة المنشور في 17 ديسمبر 2014). لكنهم يعرفون أن جاهزية الأمن والجيش والديوانة أصبحت اقوى بكثير من زمن حكم الإسلاميين وبالتالي فإني أعتقد أنهم لا يغامرون بورقة الزحف على تونس لأنها من الناحية الأمنية والعسكرية ستكون فاشلة وتكون عملية انتحارية.
سؤال :
إلى أين سيذهبون بعد خروجهم من ليبيا ؟
جواب :
ربما يكون جزء منهم يفكر في العودة إلى تونس وهنا يجب على الحكومة والمجتمع المدني أن يضع خطة لتأهيل الجهاديين بعد أن يكون البرلمان الجديد قد صادق على قانون الإرهاب. واعتقد أن الجهاديين الأجانب بما فيهم التونسيون ستكون وجهتهم صحراء موريتانيا وهو ما تحدثت عنه بعض التقارير مؤخرا حيث أنهم سيدخلون في مرحلة أولى في طور السرية إلى أن يتمركزوا جيدا في صحراء موريتانيا التي يصب على الحكومة المركزية مراقبتها بشكل دقيق . وفي مرحلة ثانية سيتحركون من خلال مجموعات منظمة ليمارسوا أعمالهم الإرهابية وقد كان هذا السيناريو مطبقا في شمال مالي قبل التدخل العسكري الفرنسي في 03 جانفي 2013.
سؤال :
أين يمكن أن يكون أبو عياض؟
جواب :
على أرجح الروايات في أطراف درنة أي خارج المدينة وليس بداخلها. وربما في صحراء موريتانيا لكن بقاءه سيكون صعبا في ليبيا في صورة الاقتراب من حل سياسي داخل الحوار الوطني في ليبيا .
سؤال :
ذكرتم أن هذا الحوار الوطني سيعقبه خارطة طريق كيف ترون ملامح هذه الخارطة ؟
جواب :
أتصور هذه الخارطة مشتملة على قسمين : قسم أول يتضمن المشاركة في الحوار . وقسم ثان يتضمن إجراءات للتنفيذ. بخصوص المشاركين في الحوار سيكونون من كل التيارات السياسية ماعدا التيارات المتشددة مثل أنصار الشريعة وخلايا القاعدة . ويكون ضمن الحوار تيار الإخوان بعد أن يعبر عن التزامه بالتخلي عن تحالفه مع أنصار الشريعة . كما يوجد بالحوار كل الأحزاب الليبرالية والقومية وعديد الشخصيات الاعتبارية ويمكن أن يتم الانطلاق من قائمة المشاركين في انتخابات 25 يونيو 2014 للاستئناس بها عند تحديد هذه التيارات ، يضاف إليها بعض الناشطين البارزين في المجتمع المدني بما فيهم ممثلو المرأة.
أما القسم الثاني المتعلق بإجراءات التنفيذ فأتصور أن يتم الاتفاق على المسائل التالية,
1- اتمام الدستور والمصادقة عليه في أقرب وقت.
2- مراجعة البرلمان الحالي للقانون الانتخابي وتعديل عدة قوانين أخرى منها قانون العزل السياسي بما يتماشى مع مرحلة المصالحة الجديدة .
3- تشكيل حكومة وحدة وطنية لا تتجاوز مدتها 9 أشهر للإعداد إلى انتخابات جديدة.
4- منح الجيش السلطات اللازمة لتجريد الميلشيات تدريجيا من السلاح.
5- الحفاظ على عدم إقحام الجيش في السياسة مع تمكينه من كل الصلاحيات لإعادة الأمن .
6- وضع جدولة متدرجة لعودة المهاجرين .
ولن يتم التمكن من تنفيذ هذه الأجندة إلا عندما يسيطر الجيش على البلاد. وأعتقد أن الأمر لن يطول كثيرا خاصة وأن الظرف الدولي والإقليمي أصبح ملائما فمصر والجزائر وتونس ستدعم بقوة إستقرار ليبيا الجديدة ، ليبيا الديمقراطية والمسالمة والعصرية ، وهو ما سيعود بالنفع على كل بلدان المنطقة .
سؤال :
لنعود الى الشأن السياسي التونسي ، كيف ترون حظوظ المترشحين في الانتخابات الرئاسية السٌبسي والمرزوقي ؟
جواب :
أعتقد أن تونس مقبلة على مرحلة هامة من تاريخها ستكون فيها الديمقراطية والحوكمة والحداثة عنوانها الأساسي ، لكنها ستواجه أوضاعا اقتصادية واجتماعية صعبة وهذا يفرض قراءة موضوعية للشخص الذي يمكن أن يقود هذه المرحلة. ورغم أن المرزوقي قدم نضالات لا تنسى لكن تصريفه لشؤون الحكم لم يكن مرضيا. ومشكل المرزوقي لدى الرأي العام أنه يمثل غيره أي حركة النهضة . وهذه الحركة لم تعد تحظى بثقة التونسيين بالشكل الذي كانت عليه سنة 2011. لذا أتصور أن السبسي ستكون حظوظه أكبر مع إمكانية أن يكون الفارق صغيرا. وشخصيا لا اعتقد أن السبسي ونداء تونس سيتغول لأن تركيبة البرلمان لا تسمح بذلك كما أن تركيبة الحكومة لن تكون من لون واحد.
سؤال :
هل ترى أن عدم وجود النهضة في الحكومة سيجعل الاستقرار هشا ؟
جواب :
لا أعتقد ذلك وقد قلت سابقا أن من مصلحة حركة النهضة البقاء في المعارضة وهي الكتلة المعارضة الأهم في البرلمان وتستطيع من موقعها أن تمنع التغول إن حدث . ومن مصلحة الحركة أن تجد فسحة من الزمن في الخمس سنوات القادمة لكي تعيد بناء إستراتيجيتها وخططها ومقارباتها الإيديولوجية لأن تيار الإسلام السياسي انتهى، ومواصلةُ التمسك به حرث في البحر . وعلى حركة النهضة أن تصبح حزبا سياسيا مدنيا وتعلن تخليها عن تنظيم الإخوان وإيديولوجية الإخوان. وعلى البرلمان الجديد أن يصدر قانونا جديدا يمنع قيام أحزاب على أسس دينية أو لغوية أو عرقية . وأعتقد أن دور حركة النهضة في نسختها الجديدة ستكون أكثر قدرة على تعديل الكفة والتأثير في مجرى الحياة السياسية إن هي أجرت التعديلات المشار اليها .