كان يسمى سابقا بالاتحاد القومي النسائي التونسي، . تأسس سنة  1956 من قبل عدد من المناضلات ... وهو المنظمة النسائية الاساسية في تونس اشتغلت طيلة 58 عاما على اخراج المراة التونسية من الظلمات الى النور ... نور المساواة في التعليم في الشغل في المشاركة السياسية في تمثيل تونس بالداخل والخارج وفي تكوين اسرة متوازنة وسليمة ...ولكن بعد الثورة عصفت به  التجاذبات السياسية ثم زادت "الترويكا" الطين بلة بعدم تمكينه من المنحة المخصصة لكل المنظمات الكبرى فاثرذلك سلبا على نشاطه الاجتماعي وتعرض اعوانه وموظفوه الى التجويع بسبب عدم حصولهم على الاجور لاكثر من سنة ورغم تحركاتهم الاحتجاجية الكثيرة ورسائلهم المتكررة لرئاسة الحكومة لازالت دار لقمان على حالها ولازال اتحاد المراة يتوجع لوجع منظوريه والعاملين فيه 

"بوابة إفريقيا الإخبارية" اجرت حوارا مع رئيسة الاتحاد الوطني للمراة التونسية راضية الجربي والتفاصيل في الحوار التالي :

 

اعتزمت بعض الأطراف مساعدة الاتحاد على الخروج من الأزمة لاسيما منها اتحاد الشغل فهل من جديد ؟

 

ما تزال وللأسف الشديد أزمة الاتحاد متواصلة، لمدة تتجاوز السنتين وذلك امتدادا على  ثلاث حكومات متعاقبة (حكومة حمادي الجبالي، علي لعريض، والان حكومة مهدي جمعة) عاش الاتحاد خلال هذه المراحل أسوأ فتراته سواء على مستوى هياكله او إدارته حيث تعرّض وخصوصا خلال فترة حكم الترويكا الى شتى أساليب التركيع والتجويع. والآن يعيش مرحلة جديدة من التمطيط الإداري. وللأسف املنا بان الموضوع سيقع حله بصفة آلية بحلول الحكومة الجديدة ووضوح الرؤية لكل الأطراف.... خاصة بعد تاريخ 28 جانفي 2014 يوم انطلاقنا في إضراب جوع طالبنا من خلاله بصرف منحتنا لنتمكن من توفير مستحقات الموظفين وأجورهم هذا الشكل الاحتجاجي من طرف الهياكل والموظفين لاقى مساندة واسعة وتضامن كبير من طرف العديد من المنظمات والجمعيات والأحزاب وبعض وزراء الحكومة الحالية سواء بالحضور بمقر المنظمة أو بإصدار بيانات دعم ومساندة. ووعد جميعهم بمؤازرة الاتحاد في محنته  والإسراع في ايجاد حل جذري لازمته واعتبار ملف الاتحاد من الملفات الحينيّة والآنية في الحكومة الحالية وتم فكّ الإضراب يوم 31 جانفي 2013 على اثر زيارة الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي التي قدم خلالها جملة من الحلول تمثلت في :

 

• تقديم مبلغ مالي بقيمة 100 ألف دينار من وزارة الشؤون الاجتماعية

• تعهد الحكومة بصرف مستحقات الاتحاد لسنة 2012 خلال نفس الاسبوع.

• الانطلاق في التفاوض حول مستحقات سنة 2013

والى حدود اليوم لم يتحقق من هذه الوعود غير تقديم مبلغ مالي بقيمة 100 ألف دينار من وزارة الشؤون الاجتماعية الذي بالكاد لم يغطّ اكثر من مرتب شهر واحد لكل موظف.

 

ولمسنا انّ الإدارة التونسية تتباطأ في حل معضلة الاتحاد المنظمة النسائية الوحيدة التي تعرضت إلى مظلمة بسبب اختيارها منذ الثورة الاستقلالية التامة عن العمل الحزبي ورفضها الخضوع لأي شكل من أشكال التطويع ومحاولة إرجاعها الى بيت الطاعة. والمؤسف انه بعد استنفاذ كل الطرق لتركيع المنظمة النسائية وبالتالي المرأة التونسية وقبولها بسياسة الأمر الواقع تمّ وضع –على خلاف كل الجمعيات- موظفيها رهينة.

 

تونس احفلت امس بعيد الاستقلال فكيف كانت مشاركة المراة في دحر الاستعمار وكيف ساهمت هذه المنظمة العتيدة في ذلك ؟

 

ساهمت المرأة التونسية بدور فعال وبكل الأشكال المتاحة أمامها في حركة التحرر الوطني واستقلال البلاد. فقد شاركت ونظمت  العديد من المظاهرات التي ألهبت حماسة الرجال بفضل تحركاتها الجماعية في صفوف متراصة. وحين ألقي القبض على القيادات لم يدب اليأس في نفوس النساء و إنما تواصلت الاجتماعات السرية بزوايا الأولياء الصالحين والحمامات والمستشفيات الى جانب الاعتناء بالجرحى وتوفير الاكل للمحتاجين وكانت احد اسباب تشجيع الفلاقة وامدادهم بكل اساليب القوة ومجابهة المستعمر في المدن والارياف والجبال . وهكذا تحولت الأماكن التي تعتبرها التقاليد "خاصة بالنساء"  إلى مواقع للنضال والتوعية والعمل الوطني. والقي القبض على العديدات منهن وتمّ الزج بهن في السجن. وقد أدت هذه الديناميكية النضالية إلى ظهور قيادات نسائية سرعان ما امنت بضرورة ايجاد فضاءات وتنظمات خاصة بها .ففي 1938 تم بعث الاتحاد النسائي الإسلامي بريادة المناضلة بشيرة بن مراد و كان قريبا من الأوساط الزيتونية التقليدية. وكان الهدف الرئيسي من تاسيسه تكوين اتحاد خاص بالنساء لدعم الحركة الوطنية ومساندة الزعماء الوطنيين انذاك.

وظهرت إثر ذلك منظمة نسائية أطلق عليها اسم "حبيبات الكشافة" وتولت هذه المنظمة التعريف بالحركة الكشفية في الأوساط  النسائية  حتى تدرك أهميتها في تربية الأجيال. وتواصل نشاط المرأة التونسية في بعث الهياكل النسائية كالفرع النسائي لجمعية الشبان المسلمين الذي عمل على نشر اللغة العربية و تأسيس مدرسة البنت المسلمة بباب منارة بالعاصمة. كما شهدت سنة 1944 ظهور الاتحاد النسائي التونسي ومع بداية فترة الاستقلال تحركت ثلة من النساء في مؤتمر انتظم يوم 26 سبتمبر 1955 طالبن فيه بمشاركة المرأة في المجلس التأسيسي ولكن عدم انتمائهن  إلى هيئة منظمة حال دون تلك المشاركة فازداد عزم المناضلات على جمع شتاتهن في صلب اتحاد وطني فتتالت الاجتماعات وتشكلت لجنة تأسيسية في 1956 للقيام بالإجراءات الإدارية اللازمة لتركيز الهيكل الجديد ويمكن اعتبار ذلك المؤتمر أول تحرك نسائي فعلي حول مطالب نسائية فعلية. فقد حضرته قرابة 300 امرأة و صدرت عنه لائحة قدمت يوم 16 ديسمبر 1955 ، احتوت خمسة مطالب أساسية:   -   الاعتراف بالمساواة في الحقوق المدنية و السياسية بمرجعية الإعلان العالمي للحقوق الإنسانية.

-     الحق في الانتخاب و الحق في الترشح.

-     إسناد منصب وزاري في الحكومة التونسية لامرأة.

-     تعميم التعليم على النساء.

-    إحداث مجلس وطني للنساء يعنى بقضاياها.

وفي سنة 1956 تأسس الاتحاد الوطني للمرأة التونسية وتزامن تأسيسه مع استقلال تونس، على يد مناضلات الحركة الوطنية راضية حداد وفتحية مزالي و اللأختين سعيدة وشاذلية بوزقرو وتوجه اهتمام المنظمة النسائية لتقديم المساعدة للمرأة التونسية وقد اهتم الاتحاد منذ تاسيسه:

  اقتصاديا: بعث عدة مشاريع اقتصادية و إنتاجية خاصة في مجال النسيج ووزع القروض الصغرى في إٌطار برنامج الأسرة المنتجة.  اجتماعيا: بتوزيع المساعدات على النساء والأسر الفقيرة وتوفير الرعاية وتنظيم الحملات التوعية ضد العادات البالية ومن أجل تكريس ثقافة مدنية وصحية. وفي هذا الإطارولاول مرة تم بعث سلك المرشدات الاجتماعيات اللاتي تنقلن إلى أعماق الريف. تشريعيا : تولّى الاتحاد توعية المرأة سياسيا بحثّها على القيام بواجباتها الوطنية، وتشجيعها على أداء واجبها الانتخابي، ممّا مكّنها سنة 1959 من كسب حقها في التصويت والترشيح. كما اقترح الاتحاد العديد من التعديلات على مجلة الأحوال الشخصية 1956. كما عمل على شرحها وتبسيطها لعموم النساء واستجاب المشرع التونسي لهذه التعديلات خاصة في مواضيع حماية المرأة عند وبعد الطلاق وضمان حقوق المرأة العاملة.

 

   كيف تقيمين وضع المرأة التونسية بعد الثورة ؟وهل انت راضية على الدستور الجديد وهل لديك تحفظات على بعض بنوده التي تناولت حقوق المراة؟

 

يحتل وضع المراة على مستوى المكاسب التي تحققت في الدستور التونسي في باب الحقوق والحريات الفردية مكانة محترمة توصلت اليها بفضل اصرارها خلال الثلاث سنوات الماضية على دسترة حقوقها وعدم المساس بمكاسبها ورفض اعتبارها "مكملة" وانما مواطنة لها نفس الحقوق والواجبات للرجل غير ان تطلعاتها كانت اكثر بكثير اذ لم يتضمن الدستور التونسي ان النساء والرجال متساوون في القانون وانما امام القانون مما يسمح بعدم الوصول الى المساواة التامة والحقيقية بين الجنسين في تونس وتبقى مشكلة "الجندرة" مطروحة في تونس من بعد الثورة فضلا على ان التناصف نفسه وتجريم تعنيف النساء يتطلب وجود نصوص تشريعية وارادة سياسية حقيقية لتكريسها على ارض الواقع كما ان عدم مصادقة  تونس على اتفاقية الامومة التي تحفظ حقوق المراة الام في الشغل ورغبة في التراجع على اتفاقية مناهضة كل اشكال التمييز ضد المراة ، تبيّن ان المشرع التونسي ما بعد الثورة مازال ذكوريا في تفكيره لم يقبل بعد بالمساواة التامة بين المراة والرجل.

 

تم استعمال النقاب كوسيلة للقيام بالارهاب فماهو موقفك من هذا اللباس ؟ وهل انت مع منعه في تونس ؟

 

لئن كانت مسالة اللباس تتعلق بالحرية الشخصية لكل مواطن وهي حرية يكفلها الدستور والمواثيق الدولية الاّ انّ هذا اللباس يمسّ من حقوق وحرية الاخرين اذ انه يسمح للبعض بالتستّر من خلاله لاخفاء حقيقة هويته فاننا نرى ان ارتداءه  في الفضاءات العامة وفي المؤسسات التربوية وخاصة رياض الاطفال يشكل خطرا على الاخرين وخاصة منهم الاطفال لحرمانهم من امكانية التواصل مع المروضات وهو ما من شانه ان يؤثر في توازنهم النفسي وقد ثبت بما لايدع اي مجال للشك ان هذا اللباس كان مطيّة للعديد من الارهابيين للتخفّي وسهولة التنقل لتنفيذ عمليات اجرامية ضد المواطنين الابرياء وهو ما يبرّر تحفّظنا في شانه في الفضاء العامة. لقد خاضت المرأة التونسية النضالات العديدة والمستمرة من أجل تحرير الوطن من الاستعمار ومن أجل الحرية والكرامة والمساواة. لقد توجت نضالاتها تلك  بالتنصيص على جملة من الحقوق العامة ضمن الدستور سنة 1959 وبإفرادها بمجلة الأحوال الشخصية سنة 1956، وتعتبر تلك المجلة رائدة في المحيطين العربي والإقليمي ، كما أنها لامست المواصفات الدولية لتحرير المرأة .

        لا سبيل اليوم للارتداد عن مكتسبات المرأة التونسية وعما راكمته من حقوق على مر العقود بعد تأسيس الدولة التونسية، وعلى المرأة اليوم بعد الثورة أن تحافظ على حقوقها المكتسبة وان تعززها وتعمل على تطويرها.

        إن المرأة التونسية ساهمت بكل فعالية ، في جميع الجهات وفي الأرياف العميقة في إنجاح الثورة، إذ نادت بما نادت بع كل قطاعات الشعب بالحرية وبالكرامة وبالعدالة الاجتماعية ، وبإرساء ديمقراطية حقيقية في ممارسة السلطة وفي إدارة المجتمع وفي توزيع الثروات بصورة عادلة بين الجهات والفئات .

        إن الاتحاد الوطني للمرأة التونسية، في إطار استمرار نضاله من أجل قضية المرأة، يعمل اليوم على تحقيق الأهداف المرحلية التالية:

1/ تثبيت الحقوق المضمنة داخل مجلة الأحوال الشخصية والعمل على تطويرها 

2/ ضرورة التنصيص على حقوق المرأة في الدستور ومنحها  علوية خاصة داخله.

3/ توفير شروط التكافؤ بين المرأة والرجل على جميع المستويات، في العائلة وفي المدرسة وفي البحث العلمي وفي الشغل وفي مواقع صنع القرار بالدولة.

4/ دعم المرأة في الجهات والأرياف وتمكينها من الامتيازات اللازمة لتحقيق، ذاتها بما يضمن لها حريتها وكرامتها والمساواة مع غيرها بالأوساط الحضرية.