تحدث رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا عثمان البليسي في حوار مع صحيفة « المغرب » اليومية، عن رؤيته لواقع الهجرة غير الشرعية انطلاقا من ليبيا موضحا ان هذه الشبكات تجني الملايين من الدولارات من تهريب البشر وتعمل العديد منها على تسليح نفسها. واشار الى ان المهاجرين ياتون من دول عديدة وتأتي ارتريا في مقدمة هذه الدول ثم نيجيريا فالصومال والسودان وسوريا وغامبيا وبنغلاديش . ولكن البعض يأتي ايضا من باكستان وافغانستان .

وقال إن أكثر المهاجرون يقومون بالدخول الى ليبيا عن طريق البر وتحديدا من الجنوب الليبي. وفي معظم الحالات يتم نقلهم الى طرابلس والاماكن الغربية.

واشار الى أن المنظمة الدولية للهجرة سجلت وصول ما يزيد عن 111 الف مهاجر الى ايطاليا معظمهم يصلون من ليبيا.

وجاء في نص الحوار: 

• هناك مخاوف من مقتل أكثر من 200 مهاجر بعد غرق قاربهم قبالة السواحل الليبية يوم الخميس الماضي ، هل لديكم اية حصيلة جديدة بخصوص اعداد الناجين والغرقى؟
بالنسبة للقارب الذي غرق يوم الخميس الماضي ، تفيد المعلومات المتوفرة لدى المنظمة الدولية للهجرة الى حد امس بتحويل مائة شخص من الذين تم انقاذهم الى مركز صبراطة لايواء اللاجئين من بينهم 9 سيدات وطفلتان، وما زالت عمليات الانقاذ جارية . تواصلنا مع خفر السواحل الليبي لكن لا توجد معلومات مؤكدة بخصوص عدد الغرقى.
 

• لو توضح لنا اسباب تصاعد الهجرة غير الشرعية انطلاقا من ليبيا؟
لم تتوقف الهجرة غير الشرعية في ليبيا منذ سنوات طويلة ولكن الآن هناك تغطية اعلامية اوسع بسبب زيادة الاعداد نتيجة الظروف الحالية على الارض في ليبيا وتوسع شبكات تهريب البشر.
 

• وما هي نقاط عبور المهاجرين غير الشرعيين في هذا البلد؟
بشكل عام يقوم المهاجرون بالدخول الى ليبيا عن طريق البر وتحديدا من الجنوب الليبي. وفي معظم الحالات يتم نقلهم الى طرابلس والاماكن الغربية اين يتم ترتيب رحلات القوافل ، مع الاخذ بعين الاعتبار ان معظم المهاجرين واعدادا كبيرة منهم قدموا الى ليبيا بهدف العمل لتحسين ظروفهم المعيشية ولكن بسبب الظروف الحالية اضطر بعضهم الى المغادرة ولا تزال داخل ليبيا اعداد كبيرة من غير الليبيين يعملون على الارض ولم يحاولوا حتى الآن ان يهاجروا .
 

• من يدعم شبكات تهريب البشر ومن وراءها؟ وهل لديكم اية ارقام بخصوص ما تدره من ارباح؟
الاجابة صعبة بالنسبة للدعم لكن ما دام هناك حاجة بالتأكيد هناك طريقة لتلبية هذه الحاجة. هذه الشبكات تجني الملايين من الدولارات من تهريب البشر وتعمل العديد من الشبكات على تسليح نفسها . وفي الحقيقة هناك تحديات في حصر الارقام فبعض المهاجرين ممن التقينا بهم يتحدثون عن ان كلفة الرحلة في حدود 700 دولار الى 1300 دولار . والسعر يتغير تبعا لنوعية القوارب . وفي معظم الاحيان يعتمد المهربون على عمليات الانقاذ فيقومون بايصال المهاجرين الى عمق البحر بانتظار عملية انقاذهم من خفر السواحل الاوروبي . وبعض المهربين يستخدمون المهاجرين انفسهم لقيادة القوارب الامر الذي يزيد من مخاطر الرحلة لان هؤلاء في الاغلب ليست لديهم دراية بقيادة القوارب.
 

•هناك اتهامات لمجموعات ليبية مقاتلة بدعم هذه الشبكات فهل لديكم اية معلومات بهذا الشأن؟
لا نستطيع اتهام طرف معين ما دمنا لا نمتلك دليلا وفي نفس الوقت هذه العمليات التي تدر ملايين الدولارات لا يمكن ان تكون وراءها عصابات صغيرة اكيد هناك نوع معين من الحماية لهذه الجماعات لكن لا نستطيع ان نربطها بجهة معينة.

عصابات تهريب البشر موجودة ليس فقط في ليبيا بل في عدد كبير من الدول. فهناك شبكات تقوم باستقطاب المهاجرين بتضليلهم وايهامهم بايجاد فرص عمل وبالتالي يتم نقلهم في بعض الاحيان نحو المعبر الليبي . مع العلم ان الهجرة الى اوروبا ليست نهاية الرحلة بل هي بداية معاناة جديدة .

• هل لديكم اية اعداد تقريبية بخصــــوص اعداد المهاجـرين وجنسياتهم؟
لا توجد احصائيات دقيقة بخصوص الوافدين الى ليبيا لان معظمهم يدخلون بطرق غير شرعية . لكن استطيع ان اوضح لك ان هؤلاء يأتون من بلدان عديدة . وتأتي ارتريا في مقدمة الدول التي يأتي منها المهاجرون ثم نيجيريا فالصومال والسودان وسوريا وغامبيا وبنغلاديش . ولكن البعض ياتي ايضا من باكستان وافغانستان . بالنسبة لأعداد الواصلين الى ايطاليا حتى تاريخ امس هناك ما يزيد عن 11 الف مهاجر معظمهم يصلون من ليبيا. اما عن عدد الوفيات فبعض الارقام تفيد بغرق اكثر من 2400 مهاجر قبالة الشواطئ الليبية عام 2015.
 

• ماذا عن مهاجري الحروب من سوريا والعراق هل لديكم اية حصيلة جديدة بخصوص اعدادهم واوضاعهم؟
سجلت مفوضية شؤون اللاجئين ارقاما متعلقة باعداد هؤلاء المهاجرين . وهناك عدد كبير من الواصلين الى اوروبا عن طريق اليونان وتركيا ومقدونيا وصربيا .وهذا دليل على ان شبكات التهريب عابرة للحدود . ويشار الى ان عدد الوفيات من المهاجرين هي الاعلى انطلاقا من ليبيا لأن الرحلات عبر هذا البلد غير امنة والاشخاص مجبرون على السفر بقوارب مكتظة لا يمتلك عدد كبير منها مقومات اكمال الرحلة وذلك مع زيادة استخدام القوارب المطاطية في الفترة الاخيرة فأي اهتزاز او توتر يمكن ان يقلب القارب .

اما المهاجرون عن طريق تركيا فهم من جنسات مختلفة وبالدرجة الاولى من سوريا والصومال والعراق وافغانستان. وهناك اعداد تقريبية تتحدث عن وصول اكثر من 40 الف مهاجر من سوريا الى اوروبا خلال هذا العام. ومن افغانستان وباكستان هناك 18 الف وباقي الجنسيات باعداد اقل تتراوح بين 3000 الى 4000 مهاجر.
 

• ما هي اقتراحاتكم للتعامل مع هذه الظاهرة وتقييمكم لتعامل الاوروبيين مع مشكلة المهاجرين؟
المنظمة الدولية للهجرة تثني على التطور الاخير في السياسة الاوروبية تجاه المهاجرين التي تحولت من سياسة منع هذه الظاهرة الى وضع الحفاظ على حياة المهاجرين في صلب اولويات سياسات الهجرة الاوروبية.

وهنا اريد ان اشير الى ان موضوع الهجرة بشكل عام لا يقتصر على دولة معينة ولا يمكن القاء اللوم على ليبيا . فليبيا يمكن ان تعتبر جزءا من الحل وليس الحل كله فالمسألة هي مسألة شراكة ومسؤولية جماعية . هؤلاء المهاجرون لم يتركوا بلادهم الا للبحث عن ظروف معيشية افضل او بسبب ظروف قسرية اضطرتهم الى ترك بلدانهم وبالتالي هم ايضا يعتبرون ضحايا .
هناك سياسات بسيطة يمكن العمل وفقها مثل تأمين عقود عمل موسمية او قصيرة الامد يمكن خلالها الموازنة بين متطلبات سوق العمل الاوروبي وبين مساعدة هؤلاء الاشخاص للحصول على الدخل المادي وقضاء بعض الوقت بعيدا عن مناطق التوتر.

وايضا يجب مراجعة بعض سياسات الهجرة والعمل على لم شمل العائلات التي تم تفريقها. وبالتأكيد يجب العمل على ايجاد حلول طويلة الأمد، مع العلم انه حتى لو اغلقنا كل حدود العالم لن نوقف الهجرة ما دامت هناك فوارق في هذا العالم . فالمهاجر بشكل اساسي لا يفكر في نفسه بل في عائلته واولاده فليس هناك شخص يخاطر بحياة اولاده ما لم يكن فقد الامل في حل آخر وهذا تحد له.

• ما هي آخر برامج المنظمة الدولية للهجرة بخصوص التعامل مع مشكلة المهاجرين غير الشرعيين؟
لدى المنظمة برنامج عودة طوعية للمهاجرين العالقين في ليبيا والراغبين في العودة الى بلدانهم وقد استفاد من هذا البرنامج اشخاص من 17 جنسية خلال السنة الاخيرة فقط. وفي الحقيقة فان المنظمة الدولية للهجرة تعمل في ليبيا منذ عام 2006 . كما تعمل على تقديم المساعدات المباشرة للنازحين داخل ليبيا وذلك بالمشاركة مع شركائنا من منظمات المجتمع المدني الليبي ونتعامل بشكل كبير مع مجموعة كبيرة من الجمعيات يفوق عددها التسع من بينها منظمة التعاون والاغاثة العالمية التي نتواصل معها حاليا بخصوص القارب الذي غرق يوم الخميس الماضي.