من الممكن أن تصبح ليبيا بوتقة للإرهاب الدولي، على غرار أفغانستان-طالبان، هذا التحذير جاء على لسان رئيس الوزراء الليبي السابق.

ثلاث سنوات مرت على مقتل العقيد معمر القذافي، وها هو علي زيدان يحث بريطانيا وأمريكا وفرنسا على المساعدة في إنقاذ ليبيا من الانهيار.

يقول السيد زيدان، الذي فر إلى ألمانيا عقب استبعاده بقرار من البرلمان الليبي هذا الشهر: " يمكن أن تصبح ليبيا قاعدة لعمليات تنظيم القاعدة سواءً الموجهة إلى أوروبا أو دول الجوار أو أي مكان آخر. فالأسلحة والذخيرة متوفرة في كل مكان".

كانت ليبيا ثالث دولة من دول الربيع العربي تجري انتخابات ديمقراطية، بعد عقود الاستبداد على عهد العقيد القذافي، لكنها أصبحت اليوم، وعكس التوقعات، غارقة في الاضطرابات الدموية.

لقد مكن السلاح المنهوب من النظام السابق الميليشيات والفصائل القبلية من السيطرة على أصول النفط شرق البلاد. كما أن بعض الفصائل ، من بينها متطرفون إسلاميون، تمردوا على الدولة الليبية الهشة وهي الآن تهدد بتقسيم البلاد على أسس قبلية وإقليمية.

في مقابلة مع صحيفة التايمز، حذر السيد زيدان من أن تصبح ليبيا دولة غير محكومة، ويصبح أمر الاستعانة بقوات حفظ السلام الأممية واردا، إن لم يكن ضروريا، خاصة إذا ما تعززت مكانة الميليشيات ذات الصلة بتنظيم القاعدة في المنطقة .

" عندما نشعر أن ليبيا مهددة بالتقسيم أو عندما تصبح مركزا للإرهاب، فهذا خط أحمر لا يجب تجاوزه. وإذا وصلت الأمور إلى هذا الحد، فذلك يعني أننا سنقبل بأي نوع من المساعدات تمكننا من استعادة الاستقرار في ليبيا."

عمل السيد زيدان لمدة 15 شهرا في منصب رئيس الوزراء، واضطر لمغادرة منصبه يوم 11 مارس بعد سلسلة من الأحداث المدمرة التي جعلت ليبيا في موقع بلد خارج السيطرة. فقد فشل في منع المتمردين في شرق البلاد من محاولة تصدير النفط الليبي بطريقة غير مشروعة – وهو ما لم يتمكن من وضع حد له إلا بعد تدخل قوات البحرية الأمريكية و حجزها لناقلة ترفع علم كوريا الشمالية. وفي نفس الاتجاه، قال رئيس الوزراء السابق إنه سبق أن طلب تدخل الولايات المتحدة.

لقد اعترف السيد زيدان إنه قاوم فكرة شن هجوم شامل ضد الميليشيات المسلحة في ليبيا، وأضاف أن الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة أو جماعة الإخوان المسلمين تسعى لمحاربة الاستقرار في ليبيا لأن حالة الفوضى وحدها هي التي تصب في مصلحتها.

"هؤلاء لا يريدون من ليبيا دولة مدنية ودولة قانون، إنما يريدون أفغانستان أخرى في المنطقة"، يقول السيد زيدان، الذي اختطف واحتجز لفترة قصيرة العام الماضي من طرف فصيل متمرد .

صرح زيدان أنه يستعد للعودة "ربما في وقت قريب جدا" إلى ليبيا لمواصلة كفاحه وإعادة الاستقرار لبلاده، وهو الهدف الذي قال إنه سيدافع عنه ومستعد للموت في سبيله. وتجدر الإشارة أنه بعد خسارته لمنصبه، فر إلى المانيا، بلد منفاه السابق حين كان معارضا للعقيد القذافي.

" خطتي هي النضال من أجل إصلاح الدولة وتحقيق الاستقرار"، يقول زيدان قبل سلسلة من الاجتماعات مع سياسيين ومسؤولين استخباراتيين بريطانيين في فندق غرب لندن. "لن نسمح لأحد باستخدام الثورة لمصالحه الخاصة. علينا أن نحكم البلاد ونديرها على أسس ديمقراطية."

تتوفر ليبيا على أكبر احتياطي للنفط في إفريقيا، يقدر بحوالي 47 بليون برميل، كما أنها تعد بوابة للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا عبر سواحلها المتوسطية. وحالة عدم الاستقرار فيها تؤثر على دول هشة في الجوار مثل مالي، حيث يستخدم الإسلاميون الموالون لتنظيم القاعدة الأسلحة الليبية للإطاحة بحكومتهم، ما أدى إلى التدخل الفرنسي في المنطقة.

كما حث السيد زيدان بريطانيا لتكثيف دعمها والمساعدة في تدريب قوات الأمن الليبية الفتية والمساهمة في الدفع بالإصلاحات الاقتصادية والسياسية: "نريد بريطانيا كشريك أن تستمر في أداء دورها، وهذا مهم جدا بالنسبة لنا."

وفي حديث آخر السيد زيدان أن المؤتمر الوطني العام، الذي مدد ولايته في وقت سابق من هذا العام، لم يعد يتمتع بالشرعية وأن الوقت قد حان لحله وفسح الطريق لانتخاب سلطة انتقالية جديدة: "عليهم أن يرحلوا أو يواجهوا الشعب. لن نسمح لهم بالاستمرار."

قال زيدان إنه فضل مغادرة ليبيا حتى لا يضطر حراسه للتدخل للدفاع عنه: "كان علي أن أخدم بلدي وشعبي...هل تعتقدون أن منصب رئيس وزراء ليبيا في هذا التوقيت يعتبر امتيازا؟ إنه معاناة حقيقية. لقد كلفني هذا المنصب، طيلة 15 أشهر الأخيرة، الكثير من صحتي وجهدي، إنه أمر يصعب تصديقه."

* "ذي تايمز" البريطانية - عددالأربعاء 26 مارس 2014