أعلن جلال التريكي رئيس جمعية العمال التونسيين بفرنسا اعتزامه الترشح لرئاسة تونس خلال الانتخابات القادمة التي من المفترض أن تتم قبل نهاية العام الحالي ٠

التريكي المقيم منذ أكثر من ربع قرن بفرنسا ، والذي يحتفظ بعلاقات طيبة مع الأحزاب اليسارية والاشتراكية في فرنسا والناشط في المجتمع المدني هناك ، حذر في حوار حصري مع بوابة افريقيا الإخبارية من السياسة الاجتماعية التي تدير بها فرنسا ملف المهاجرين والتي ولّدت ، بالتراكم،  ظواهر سيئة منها تحول جزء مهم من شبان الأجيال الجديدة للمهاجرين إلى مجرمين وإرهابيين كردة فعل على ما يعانونه من تهميش وإقصاء وتمييز عنصري٠

س : ما هو الدور الذي تلعبه جمعيتكم و بقية الجمعيات المشابهة في مساعدة التونسيين المقيمين بفرنسا وحل المشاكل التي تجابههم؟

ج : بصراحة فإن جمعيتنا ، وكذا بقية الجمعيات التونسية في فرنسا ، لا يزيد دورها عن نصح التونسيين وإرشادهم حول كيفية الحصول على حقوقهم أو تسوية وضعياتهم هناك ، فنحن لا نقدر على فرض إرادتنا على الحكومة والمؤسسات الفرنسية ، لكننا نعول دوما على علاقاتها مع المنظمات النقابية الكبرى والأحزاب السياسية والاتحادات الطلابية لمساعدة التونسيين والحصول على حقوقهم ٠

س : ما هي أبرز المشاكل التي تواجه المهاجرين التونسيين في فرنسا ، وأتحدث هنا أساسا عن الهجرة المنظمة أو القانونية ؟

ج : التراكم التاريخي لسياسات الهجرة في فرنسا خلق وضعا صعبا ومتفجرا بدأت تظهر نتائجه على شبان الأجيال الجديدة من التونسيين والمغاربيين بصفة عامة الذين بدأوا يثورون ويتمردون على أوضاعهم السيئة ، فهم يعانون ، في جزء هام منهم ، من الفشل المدرسي ومن الإقصاء الاجتماعي ومن الإقامة في أحياء مغلقة " غيتوهات " وهو ما دفعهم إلى الانحراف ( سرقة ، عنف ، مخدرات ....) والدخول إلى السجون التي تحولت إلى مدرسة لتكوين الإرهابيين ، إذ لاحظنا ارتفاع نزعة التطرف وكره الدولة و مؤسساتها ، وقد لاحظنا في السنوات الأخيرة تطور أعداد الشبان التونسيين والمغاربيين بصفة عامة الذين يتحولون إلى جبهات القتال في أفغانستان ومالي والتشاد والعراق وأخيرا سوريا ، بعد أن أغمضت السلطات الفرنسية أعينها عن سفرهم اليها لأنها كانت في البداية مع إسقاط بشار الأسد ، لكنها قد تكوى مستقبلا بنيران العائدين منهم إلى فرنسا ٠

وقد لاحظنا في الفترة الأخيرة تكثف حملات الرقابة على العائدين من سوريا لتفادي إمكانية القيام بعمليات إرهابية خاصة وأن بعض الجهات تؤكد أن عددهم يقارب 600 شاب ٠

ومن هنا أدعو الحكومة الفرنسية إلى مراجعة سياسات الهجرة والاهتمام أكثر بالمهاجرين التونسيين وخاصة منهم الحاملين للجنسية الفرنسية وتسوية وضعيات الذين لا يتمتعون بوثائق الإقامة القانونية والعمل على تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية لنزع بذرة التطرف الناشئة ٠

س : لاحظنا صعودا مدويا لليمين المتطرف في فرنسا ،ما هي دلالات ذلك وأسبابه ؟

ج : هو نتيجة مناخ عام تعيشه فرنسا وغيرها من البلدان الأوروبية نتيجة عوامل متعددة ومنها العولمة والأزمة الاقتصادية التي تعيشها فرنسا والتي دفعت بعديد الشركات إلى الخروج من البلاد بحثا عن كلفة أقل وضرائب أدنى وهو ما خلق حالة من الخشية والتوجس من المستقبل وصعود نزعة كره الأجانب وتحميلهم أسباب الأزمة وانتشار البطالة ، وبالتالي الارتماء في أحضان طروحات ومواقف الأحزاب اليمينية المعادية للمهاجرين ، ومن الغريب وحسب دراسات اجتماعية وديمغرافية فان أغلب الذين يمنحون أصواتهم لليمين المتطرف هم من الفرنسيين من أصول مهاجرة من مختلف أنحاء العالم ٠

لكن لا خوف من اليمين المتطرف في سياسات فرنسا وغيرها من البلدان الأوروبية لأنهم لا يفوزون عادة إلا في انتخابات البرلمان الأوروبي الذي لا أهمية له تعادل أهمية البرلمانات الوطنية ٠

س : أعلنت عن رغبتك في الترشح لرئاسة تونس ، لماذا وهل لك حظوظ في ظل إعلان قيادات سياسية شهيرة وضعتها استطلاعات الرأي في طليعة المترشحين ، فمن سيصوت لك وأنت غير معروف في تونس ؟

ج : إن ترشحي جاء بعد نقاشات مع أحزاب سياسية ومنظمات وطنية ورجال أعمال وغيرهم من أطياف المجتمع التونسي ، وقد دفعني ضعف الخطاب السياسي وغياب وضوح الرؤيا لدى القيادات السياسية والتعامل الزعماتي مع المسألة ، وقبل الحديث عن حظوظي فاني جئت لتطوير الخطاب ومستوى النقاش وطارحا لبرنامج من شأنه إخراج تونس من أزمتها ٠

س : لكن يبدو أن جزءا مهما من الناخبين اختاروا مرشحيهم ، فكيف لك أن تنافس وآنت لا تعتمد على حزب وليس لديك قاعدة جماهيرية ولست معروفا من عموم التونسيين ؟ 

ج : أولا أقول إنه يغيب على الكثيرين أن الاختيار الأخير للمترشحين ينطلق خلال الشهرين الأخيرين السابقين ليوم الاقتراع ، وأقول أن محمد الهاشمي الحامدي وحزب العريضة الذي ترأسه من بريطانيا لم تكن لهما قواعد ولا حظوظ لكنهما تحصلوا على نسبة تصويت عالية جداً في الانتخابات الماضية ٠

س : والتمويلات الكبرى التي تتطلبها حملة الرئاسة ؟ 

ج : لدي مساندون من الأحزاب ومن رجال الأعمال لكن قبل ذلك أدعو الى تشديد الرقابة على تمويل الحملات حتى لا يتسرب المال السياسي الفاسد وحتى لا تتضرر شروط التكافؤ وتضرب شروط الشفافية والنزاهة. 

س : مازالت الأحزاب تتخالف حول الجمع والفصل بين محطتي التشريعية والرئاسية وأيهما تكون الأولى ما رأيك ؟ 

ج : أنا شخصيا مع البدء بالرئاسية ككل بلدان العالم وفي دورتين والإسراع بتحديد الموعد النهائي للانتخابات حتى لا نخالف الموعد الدستوري ونسقط في ضرورة التأجيل مع ما سيتبعه ذلك من تعديل للدستور بعد أشهر قليلة من ولادته الصعبة ٠