انحدر من عائلة فقيرة تعيش بالشمال الغربي للجمهورية التونسية وتتكون من اب وام وستة اولاد ذكور ، منعرجات خطيرة اعترضت حياته منها بيع الخضر والغلال لسبع سنوات متتالية لكنه كان تلميذا مواظبا وطالبا مجتهدا في اكبر الجامعات العلمية التونسية"انا انطلقت من  عائلة فقيرة مهمشة لاارض ولا مورد رزق قار " هكذا استهل فيصل التبيني رئيس حزب صوت الفلاحين الحزب الوحيد الذي ظهر بعد الثورة من رحم الجهة الاكثر تهميشا في تونس طيلة عقود الا وهي جهة الشمال الغربي رغم كل ما اتوفر عليه من موارد طبيعية وسياحية واراض خصبة

واضاف التبيني ان والده كان فقيرا لكنه كان مناضلا حيث تلقى تدريبا صلب الجيش الوطني سنة 1959 وشارك في احداث الجلاء ببنزرت سنة 1961 وذلك قبل الزواج بامي وانجابنا ولما غاب طويلا دون اخبار حينها ظنوا انه استشهد فلحقوا به لجلب الجثة فوجدوه ملقى بالجبل في حالة يرثى لها فعاد الى البلدة وعاش فيها وانجب الاطفال ليعمل في الاعمال الفلاحية ويستغل بعضها بالاتفاق مع اصحابها ولم يسع يوما لطلب تعويض مادي ولا معنوي عن مشاركته في احداث بنزرت لاجل دحر الاستعمار

نقطة تحول 

قضى الابناء الستة طفولتهم في مساعدة والدهم على القيام بالاعمال الفلاحية بجهة  بوسالم التابعة لولاية جندوبة وخاصة في فصل الصيف حيث تتوفر الخضر والغلال والزراعات الكبرى من قمح وشعير وفولوسنة 1984قال التبيني كانت نقطة تحول بالنسبة له وللعائلة حيث تفانت العائلة كالعادة في جمع الصابة الا ان طفلا صغيرا انهاها في لحظات باستعمال عود ثقاب فاشتعلت النيران واكلت معها الرغبة في الاصرار على مواصلة العيش بالمنطقة ومن ثمة قرر الاخوات الاربعة الكبار الرحيل الى العاصمة

وما شجعهم على ذلك ان الاخ الاكبر كان كبيرا واكمل تعليمه وحصل على شهادة في البناء لكنه لم يعمل بها بل نصب خيمة على الطريق العام بمنطقة سكرة بالعاصمة لبيع الخضر نهارا وللنوم ومراجعة الدروس ليلا كنا كالمتشردين نفترش صناديق الخضر وبعض الاوراق ونلتحف "الكليم"وهي زربية تصنع من قماش الملابس المستعملة كنت اراجع دروسي على اضواء الشارع وكان بعض الجيران يساعدوننا ببعض الاكل على غرار زوجة لاعب الكرة الشهير والوزير السابق للرياضة طارق ذياب وزوجة سليم الحزامي والسيد مختار العتيري اول مستشار لبن علي والذي انفصل عنه باختياره  

كانت الشتاء عدوا لدودا لانها تبلل كتبي ومحفظتي وكان الصيف ارحم لاني اشعر بالراحة واجوب الشوارع والشطوط لبيع المشروبات الغازية والماكولات الخفيفة ولما حصلت على البكالوريا اختصاص علوم دخلت اكثر الجامعات استقطابا للتلاميذ النجباء وهي المدرسة التجارية العليا بقرطاج وواصلت العمل بنصبة الخضر واحيانا كاتبا في السوق اسجل السلع طيلة اربع سنوات حيث كنت اقوم في الصباح الباكر لاشتري السلعة لاخي ثم اغير ملابسي واتجه نحو الجامعة 

وسنة 1993 اي بعد التخرج انتقلت الى اريانة لاواصل العمل في نصبة اخرى للخضر عوض البطالة فاقترح علي احدهم العمل في مجال الوساطة الجمركية وكان اول راتب مائة وثلاثون دينار وتعلمت المهنة واكتسبت الكثير من العلاقات والخبرة وحاليا انا صاحب مكتب خدمات وساطة جمركية بولاية نابل وبالتوازي اقوم  بتأطير الطلبة واعلمهم الانضباط والعمل ولي علاقات مع اجانب في مجال العمل وتمكنت من مساعدة عائلتي على تجاوز الاوضاع الصعبة وخرجنا والحمدلله من دائرة الفقر المدقع واصبحت "مستورة"والحمد لله وفقري علمني ان اساعد اافقراء وان اهتم بهم واجلس اليهم اكثر من الميسورين

عشق الفلاحة 

  ورغم النجاح في مجال التبادل التجاري الا ان رئيس حزب صوت الفلاحين ظل يعشق الفلاحة ويهتم بها الى درجة كراء ضيعة فلاحية تشمل كل المنتوجات ومنها تربية الماشية وفي هذا الصدد قال الفلاح التونسي يعاني كثيرا لاجل توفير المنتوج غير ان الهياكل المعنية لا تبادله نفس الحرص حتى اثقلت المشاكل كاهله واصبح عازفا عن الانتاج 

وبين الفلاحة والمكتب اقضي يومي افاد التبيني مطلقا ابتسامة مرفوقة بالحياء حتى اني تاخرت على زوجتي  يوم عقد القران وغضب مني والدي وعمي وبعد ان الانتهاء منه عدت ادراجي للعمل هكذا تعودت وهكذا هي حياتي منذ الطفولة      وواصل حديثه تبقى الفلاحة هي عشقي الاول لذلك اكتريت  ضيعة من خواص تحتوي على زراعات كبرى وتربية ماشية ورغم اني انفق عليها الكثير دون الحصول على دخل محترم الا اني مصر على التورط في حب الفلاحة اكثر من خلالها

واتمنى ان ينتهج ابناي قاسم وقصي نفس المنهج ويغرما بالفلاحة مثلي لانها القطاع الاكثر ضمانا للاشخاص والدول فعلى سبيل المثال تضررت العلاقات الاقتصادية بعد الثورة بسبب ما عرفته تونس من حراك سياسي واجتماعي وتنامي الارهاب وكثرة الاضرابات والاعتصامات فتراجعت مردودية الشركات واغلق العديد منها ابوابه وتضررت مداخيل التجارة بصورة عامة وكذلك السياحة بينما الفلاحة ظلت هي الركيزة الاساسية في الاقتصاد ولم تتوقف عجلة الانتاج وتواصل حد تحقيق الفائض في عديد المنتوجات على غرار الحليب والبطاطا  

ولهذا قررت الغوص اكثر في خدمة الفلاحة وشان الفلاحين وبعثت حزب صوت الفلاحين ليكون لسانا ناطقا باسمهم ،ينقذهم من حالة التجاهل والتهميش التي يعيشونها وبالتالي تكون مهمته اقتصادية واجتماعية وتنموية في نفس الوقت مع التاكيد على انه ليست لي طموحات سياسية لاني اخشى على حريتي منها واخشى ان تبعدني عن الناس البسطاء الذين انا واحد منهم 

الصدمة 

يوم 16اوت 2011  هو يوم الصدمة في حياتي حيث علمت ان اخي الاكبر الذي كان له الفضل علي وعلى اخوتي قد توفي حزنت كثيرا لاجله ولازال الحزن يسكنني وعزائي الوحيد الابناء الذين تركهم وزوجته المناضلة لاجل مواصلة تربيتهم