قسم علوم التعليم بأكاديمية الدراسات العليا افتتح عام 2001، وهو أحدالأقسام التعليمية بالأكاديمية، بدأ في منح درجة الماجستير في تخصصالإدارة التعليمية، ثم أصبح يمنح درجة الإجازة العالية "الماجستير" والدقيقة "الدكتوراة" في تخصص المناهج وطرق التدريس، بعد اعتماده من المركز الوطني لجودة التعليم.

وتأسس القسم بناء على الاتفاقات التي عقدتها الأكاديمية مع عدة جهات فيمختلف مناطق ليبيا بهدف تأهيل عناصر قيادية في إدارة المؤسسات التعليميةوتنمية وتطوير قدرات المدرسين والمفتشين التربويين ضمن برنامج تعليميمتكامل مدته ثلاث سنوات.

وللتعرف أكثر عن هذا القسم التقت صحيفة طرابلس برئيسه الدكتور"عبدالحميد المنصوري" الذي حدثنا عن الأهداف التي أنشئ من أجلها قسم علوم التعليم، وتخصصاته ونظامه التعليمي، وكذا العراقيل والصعوبات التي تواجه القسم في المرحلة الحالية.

وقال الدكتور المنصوري في مستهل حديثه معنا إن القسم أنشئ من أجل منح إجازتي الماجستير والدكتوراه في علوم التعليم، وكذلك لمنح "دبلوم التأهيلالتربوي" للمعلمين من خريجي الكليات الجامعية غير التربوية، لتطوير قدراتهم المهنية والرفع من مستوى الهيئات والمؤسسات التعليمية، وأنه يدرس في القسم حاليا تخصصين أكاديميين هما الإدارة التعليمية والمناهج وطرق التدريس.

400 خريج

وأضاف إن القسم خرّج أكثر من 400 طالب من حملة الماجستير في الإدارةالتعليمية منذ تأسيسه، وإن هؤلاء الخريجين يشكلون اليوم نسبة لا بأس بها في وزارة التربية والتعليم والمكاتب التعليمية بالمناطق وأساتذة في كليات التربية بجامعات غرب ليبيا وجنوبها.

وأوضح "المنصوري" أن القسم يتّبع أسلوبين لمنح الإجازة العالية "الماجستير"وهما أسلوب المقررات الدراسية والرسالة، وأسلوب المقررات الدراسية، موضحا أن الأسلوب الأول يتم خلاله دراسة (36) وحدة، 30 وحدة منها للمقرر الدراسي و6 وحدات مقابل الرسالة، ومدة هذا البرنامج الدراسي ثلاثة فصول دراسية،يدرس فيها الطالب عشرة مقررات دراسية، كل مقرر يعادل ثلاث وحدات دراسية، ويلزم الطالب على اجتياز المقررات الدراسية بتقدير (ب- أو ثلاث نقاط)على أقل تقدير، وبعد اجتياز هذه المقررات بنجاح يقوم الطالب بإعداد خطة دراسية، ويكلف له أستاذ مشرف لمتابعته وتوجيهه في استكمال دراسته وإعداد رسالته.

وأشار إلى أن الحصول على إجازة الماجستير بنظام المقررات الدراسية تتطلب الحصول على 45 وحدة دراسية لمدة خمسة فصول دراسية، يدرس فيها الطالب خمسة عشر مقررا، وكل مقرر يعادل ثلاث وحدات دراسية أسبوعيا، ويلزم الطالب باجتياز جميع المقررات  بتقدير (ب- ثلاث نقاط) أيضا على الأقل.

وفيما يخص برنامج الحصول على الإجازة الدقيقة الدكتوراه في تخصص الإدارة التعليمية والمناهج وطرق التدريس، قال الدكتور "المنصوري" إن ذلك يتطلب دراسة ستة فصول دراسية كحد أدنى، بواقع ثلاثة مقررات في كل فصل دراسي، ويجب على الطالب أن يحقق معدلا تراكميا (ب+)، وأن يجتاز الامتحان الشامل، ثم بعد ذلك يعد بحثه العلمي أو "أطروحة الدكتوراه" في مدة لا تقل عن أربعة فصول دراسية لمناقشتها وإجازتها من اللجنة العلمية المكلفة.

عراقيل ونجاح

وبخصوص الصعوبات والعراقيل التي تواجه سير العملية التعليمية قال "المنصوري" إن أي نجاح لابد أن يواجه بعراقيل، فقد أثار نجاح قسم علوم التعليم في أداء رسالته العلمية والوطنية الغيرة لدى من "يتكلمون ولا يعملون،والذين يقلدون ولا يبدعون" فتعمدوا إثارة بعض المسائل حول هذا القسم والتي لا أساس علمي أو عملي لها.

وأضاف " نحن لم نسم هذا قسم علوم التعليم بـ"التربية وعلم النفس" لأمرين اثنين ، الأول أن القسم لا علاقة له بعلم النفس، وثانيا أن مصطلح "التربية"ليس هو اللفظ العربي العلمي الصحيح المرادف لمصطلح "EDUCATION" وهو الخطأ الذي وقعت فيه معظم الجامعات العربية، فمصطلح "التربية" في الثقافة العربية له بعد تهذيبي وأخلاقي وهو ما لا يعنيه النص الإنجليزي"EDUCATION" الذي يحمل معنى علميا مهنيا حرفيا، ولذلك أسمينا قسمنا"علوم التعليم" لأنه أدق تعبيرا عن المعنى العلمي والوظيفي لهذا الاختصاص،والمتتبعون للشأن التعليمي في الجامعات الأمريكية وغيرها في الدول المتقدمةيعرفون جيدا مصطلح "SEIENCES-EDUCATION"، المقصود به "علوم التعليم"، والذي يختص في علوم وإدارة ومنهج وطرق تدريس وإعداد المعلمين والتدريب أثناء الخدمة.

وأكد الدكتور "عبدالحميد المنصوري" أن قسم علم التعليم بدأ عمله في الأكاديمية اللبيبة بمنهج علمي ولغايات وطنية لا يزال يؤمن بأنه قادر على نشر المعرفة والمساهمة العملية في إعداد قيادات مؤهلة قادرة على خدمة وتطوير التعليم في ليبيا واستشراف مستقبل يواكب كل جديد.

واقع التعليم

واعتبر الدكتور "المنصوري" أن النظام التعليمي في ليبيا فيه من السلبيات ما يجعله عاجزا عن تحقيق الطموحات والتطلعات، أضف إلى ذلك أن نظامنا التعليمي لم يكن قادرا على تخريج كفاءات تخدم قطاعات العمل المختلفة، فمعظم الخريجين لم يكونوا في المستوى العلمي المطلوب الذي يؤهلهم لإدارة عجلة التنمية على مختلف المستويات.

وأوضح أن هناك مؤشرات تدل على تدني المستوى العلمي لخريجي النظامالتعليمي من حيث الإلمام بالقدر المناسب من المعرفة العلمية التي تؤهلهم لأنيكونوا مساهمين في تنمية ورقي بلادهم، مشيرا إلى أن النظام التعليمي بكل المقاييس الموضوعية مازال قاصرا عن تحقيق رسالته في تنمية المعرفةوتطويرها، وأن هناك من ينتقد نظامنا التعليمي بشكل عام في الوقت الراهن بالقول "إنه لا يثقف عقلا ولا ينم فكرا ولا يربي ملكة الابتكار وسلامة الحكم ولا يبعث في النفس متعة البحث وحب العلم".

سبيل الإصلاح

وحول السبيل لإصلاح النظام التعليمي ومعالجة القصور في أدائه قال "المنصوري" إن ذلك يتطلب تصحيح جملة المفاهيم والعوامل المعطلة للكفاءات ومن بينها الموقف الاجتماعي من مهنة التدريس التي ينظر إليها للأسف بنظرة دونية عن المهن الأخرى، فمهنة التدريس لم تتبوأ المكانة التي يجب أن تليق بهافي المجتمع الليبي، والمعلم في الحقيقة لم ينصف ماديا ولا معنويا، ومن هذا المنطلق فإن عددا من المعلمين الأكفاء تركوا المهنة وتوجهوا إلى أعمال أخرى، ودخل عوضا عنهم معلمون آخرون أقل كفاءة وخبرة ما أثر بشكل واضح علىكفاءة التعليم، هذا بالإضافة إلى ضعف المناهج التعليمية في ليبيا، فلا أحدينكر أن المنهج الدراسي هو حجر الزاوية في أي عملية تعليمية وأن حياة الأمم ومستقبلها مرهون بجودة وصلاحية مناهجها، واستدل الدكتور "المنصوري" بقول لأحد الساسة عندما سئل عن مستقبل أمة فقال "ضعوا أمامي مناهجها الدراسية أنبئكم بمستقبلها".

وأضاف رئيس قسم "علوم التعليم" إن النظام السابق أفسد المناهج التعليميةلتحقيق مآرب معينة أفرغت المناهج من محتواها حتى صارت شكلا بلا مضمون، فتفريغ التعليم من محتواه ومضمونه يجعل الدولة تعاني العجز على مواكبة التطور والتقدم، وقد حان الوقت الذي يجب فيه أن نعيد النظر في مضامين مناهجنا التعليمية، فقد اختلفت متغيرات وبرزت أخرى وهذا يتحتم علينا أن نكون في مستوى التحديات وأن نكوّن نظاما تعليميا إيجابيا وفعالا.

وفي ختام حديثه أعرب الدكتور "عبدالحميد المنصوري" عن شكره وامتنانه لكل الجهات التي ساهمت في دعم ومؤازرة قسم علوم التعليم بأكاديمية الدراسات العليا، وخص بالشكر مؤسسه الأستاذ الدكتور" عمر بشير الطويبي".

 

من صحيفة طرابلس حوار وتصوير : يوسف الحاجي