تعمل مفوضية المجتمع المدني وهي جهة حكومية كسند وشريك لمؤسسات المجتمع المدني غير الحكومية، مضاف لذلك بطبيعة الأمر ضمان دور تلك المؤسسات بما يخدم المجتمع منذ الإذن لها بالعمل، وهي مهمة كبيرة بحجم حاجة المجتمع لمؤسسات تعكس ما يحتاجه من حراك حضاري  يساهم في التنمية السياسية و الاجتماعية والاقتصادية، وتبدو مهمة المنظمة في حال من الانقسام السياسي وضعف التشريعات الصادرة بالخصوص بالغة الصعوبة والتعقيد وهو ما جعل حزمة الأسئلة التي حملناها للمفوضية  ثقيلة  الهم  .

في مكتبها  استقبلتنا  رئيس مجلس إدارة المفوضية  الدكتورة عبير امنينة  أستاذة العلوم السياسية بجامعة بنغازي  وخريجة  جامعة السربون الفرنسية وذات التجربة النشطة والبارزة  في الحراك المدني  في ليبيا وكان لنا معها الحوار التالي:

استلمتم مؤخرا مهام رئيس مجلس إدارة مفوضية المجتمع المدني، ويتوقع منكم كأكاديمية وكناشطة في المجتمع المدني أيضا تنظيم  وتفعيل  يضمن جدية وفاعلية أفضل لعمل مؤسسات المجتمع المدني، هل يمكن إطلاع القارئ على ملامح إستراتيجيتكم لعمل المفوضية وفق لوائح إنشائها؟

من يحدد إستراتيجية المفوضية هو مجلس إدارة  المفوضية والذي تم اختياره من كل ليبيا بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 195 لسنة 2016، ونحن بصدد الإعداد لعقد اجتماعنا الرئيسي في الأيام القليلة القادمة، والذي سنضع فيه استراتيجية المؤسسة، وعلى سبيل الذكر سنعمل على سد الفراغ التشريعي الذي تئن منه المفوضية ومكوناتها، عوضا عن آلية دعم منظمات المجتمع المدني  مؤسساتيا ، والعمل على تنظيم البيت الداخلي للمفوضية بكافة مستوياتها.

هناك الكثير من القصور في التشريعات المتعلقة بتنظيم عمل مؤسسات المجتمع المدني منها مثلا وضعية العاملين بهذه الجمعيات ومنها التطوع التعاقدي ومنها عقد التطوع  ومنها مفهوم التمويل والشراكة بين مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني  ألا يشكل هذا القصور التشريعي معضلة في عملكم ؟

نعم بالتأكيد ، هذه من أهم التحديات التي تواجه المفوضية و المجتمع المدني ككل ، فحتى تاريخه لا يوجد قانون ينظم عمل المجتمع المدني ، ويضمن حقه في التعبير والتأسيس والتجمع أيضا. نحن وجدنا أنفسنا أمام جدل قانوني حول سريان القانون  (19 ) لسنة 2001 بشأن إعادة تنظيم  الجمعيات  الأهلية من عدمه، الأمر الذي يضعنا أمام إشكاليات ليس فقط كمفوضية، إنما كمنظمات عاملة في الفضاء المدني ولعل من الأهمية بمكان التذكير بسطوة الدولة التي تعززها مواد القانون واللائحة التنفيذية الأمر الذي يجعل من اعتباره مرجعية ، نكوصا تجاه التقييد والسيطرة، هذا فضلا عن عدم استيعابه بطبيعة الحال المتغيرات التي لحقت بالنظام السياسي في ليبيا ووسعت من مفهوم البيئة التي تتعامل معها كل مكونات المجتمع المدني بدخول المنظمات الدولية إلى الساحة .

كيف يمكن وصف العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في ليبيا مع المجتمع المدني ؟

مؤسساتيا يتم تنظيم علاقة السلطتين  بالمجتمع المدني عن طريق مفوضية المجتمع المدني والتي أنشئت تحت عباءة السلطة التنفيذية منذ 2012  تحت مسمى مركز دعم المجتمع المدني  لتنظيم عمل المجتمع المدني كاختصاص أصيل، إلا أن بعض المؤسسات الحكومية في بعض الأحيان  تتجاوزالمفوضية في التعاطي مع المنظمات الدولية دون التقيد بأهمية التنسيق معنا باعتبارنا المظلة التي يدخل تحت نطاقها كل ما يتعلق بتنظيم دخول المنظمات الدولية إلى المجتمع المحلي، ونحن نعمل جاهدين في التواصل مع هذه الجهات وتوضيح اختصاصات المفوضية، ولحسن الحظ وجدنا تجاوبا مع هذه الإطراف، واستجابت للإجراءات التنظيمية الخاصة بالإشهار والتسجيل والتنظيم.

رغم صعوبة الظروف التي تعمل في ظلها المفوضية ثمة رهان عليها في تنقيح كثير من الفوضى التي تشكلت بسبب غياب قوانين ؟ منظمة لعمل مؤسسات المجتمع المدني  ما هو أصعب ما يواجهكم الآن؟ 

بالإضافة إلى ما تضمنه سؤالك من غياب القوانين ، تأتي صعوبة أخرى تؤثر سلبيا على أي استراتيجية موضوعة وهنا أتحدث عن غياب الموارد المالية التي تساعد المفوضية على الاضطلاع بمسئولياتها تجاه منظمات المجتمع المدني وتقديم الدعم المؤسسي والبرامجي لهم، سواء من خلال المركز الرئيسي في بنغازي او من خلال مكاتبها المنتشرة في ليبيا ، ان افتقاد المفوضية  للموارد المالية يشل حركتها ويجعل من البرامج والسياسات الموضوعة  أحلام يقظة.

الانقسام السياسي كيف يؤثر على عمل المنظمة؟

من نافلة القول أن مقر  الإدارة العامة للمفوضية  في بنغازي ، ويقع على عاتق الإدارة تحقيق رسالة المفوضية ومهمتها بالتعاون مع  كافة فروعها ومكاتبها  في كل أرجاء ليبيا والحفاظ أيضا على بنية المفوضية موحدة ،  إلا انه  نظرا للتجاذبات السياسية التي أضحت السمة الغالبة على الأداء المؤسساتي فهناك من يبحث في الزج بالمفوضية في هذا المعترك  ككل المؤسسات في ليبيا ، ونحن نعمل جاهدا على ان لا يتحقق ذلك، ونأمل من كل الفروع التابعة للمفوضية ان نتهج نفس النهج ، علنا ننجح في تقديم نموذج فريد لمؤسسة حافظت على وحدتها رغم التشظي المحيط بها  .

ماذا عن تفاعل وتجاوب مؤسسات المجتمع المدني مع المفوضية ؟

تفتقد المفوضية، مع  تقديرنا لكل من مر علي إدارتها، لإستراتيجة التعامل مع  منظمات المجتمع المدني، وتقتصر العلاقة التي تربطها في عملية تسجيل المنظمات وإشهارها ليس إلا، لذا  علينا أن لا نتوقع كثيرا من التجاوب لهذه المنظمات  مع المفوضية ،  فالأمر يتطلب إعادة نظر كاملة في هذه العلاقة وفتح حوار حول ماذا ينتظر المجتمع المدني من المفوضية!!!

تنظيم عمل المنظمات الأجنبية  كيف تعمل المنظمة لضبطه ؟

من خلال إجراءات  يتم من خلالها التأكد من مدى شفافية المنظمة الأجنبية والمحلية ماليا خاصة في إجراءات التحويل، هذا ناهيك عن سلامة وضعها المالي والقانوني في بلد المنشأ. وفي هذا الصدد هناك إرادة في أن يتم إعادة مراجعة كل اللوائح المنظمة لعمل المنظمات الأجنبية والمحلية على حد السواء وإعادة تنقيحهما بشكل يخفف من شطط بعض الإجراءات التي تعرقل عمل المنظمات الدولية وأيضا المحلية الداخلة معها في شراكة.