شهدت المعارك الدائرة على تخوم العاصمة الليبية طرابلس منذ الرابع من أبريل/نيسان 2019،تحولا دراماتيكيا خلال الساعات القليلة الماضية تمثل في سيطرة القوات الموالية لحكومة الوفاق المدعومة بآلاف المرتزقة والارهابيين الموالين لتركيا على كامل الحدود الادارية لطرابلس،فيما سارع الرئيس التركي للتحرك لضمان نهب الثروات النفطية الليبية من بوابة حكومة السراج.

الى ذلك،اعترف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، باستهداف بلاده تطوير ما وصفه بعلاقاتها مع حكومة وميليشيا الوفاق الليبية بقيادة فايز السراج، تحقيقًا لما سماه بـ"الاستفادة من الموارد الطبيعية في شرق المتوسط، بما في ذلك عمليات البحث والتنقيب"، مما يؤكد هدف أردوغان، وهو الاستيلاء على ثروات البحر المتوسط قبالة السواحل الليبية.

الرئيس التركي سارع لاستدعاء رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الذي بات واضحا ومنذ الغزو التركي لليبيا مجرد تابع للنظام التركي.وفي مؤتمر صحفي للطرفين، الخميس، في العاصمة التركية أنقرة،قال أردوغان "اتفقت مع السراج على تطوير تعاون بحري جديد شرق المتوسط.. قررنا أن نقوم بعمليات التنقيب عن النفط قبالة سواحل ليبيا".

https://twitter.com/afrigatenewsly/status/1268582897109385218

وتابع أردوغان: "نهدف لتطوير التعاون القائم مع ليبيا حول الاستفادة من الموارد الطبيعية في شرق المتوسط بما في ذلك عمليات البحث والتنقيب".وقال الرئيس التركي: "نجدد دعوتنا من أجل منع محاولات البيع غير القانوني لنفط الشعب الليبي على يد الانقلابي حفتر".بحسب ما أوردت وكالة الأنباء التركية "الأناضول".

ووقعت تركيا مع حكومة السراج في نوفمبر تشرين الثاني الماضي 2019، مذكرتي تفاهم للتعاون الأمني وترسيم الحدود البحرية شرق المتوسط بين أنقرة وطرابلس،ولم تعترف مصر وقبرص واليونان، بالاتفاق الموقع بين السراج وأردوغان، واعتبروه انتهاكًا للقوانين الدولية، واعتداءً على حقوق تلك الدول شرقي المتوسط.

وفي وقت سابق،قال وزير الطاقة التركي فاتح دونميز، الجمعة، إن تركيا قد تشرع في التنقيب عن النفط في شرق البحر المتوسط في غضون 3 أو 4 أشهر بموجب اتفاق وقعته مع ليبيا قوبل بإدانة من دول أخرى بالمنطقة منها اليونان.وتزعم تركيا أن اتفاقها مع حكومة الوفاق في طرابلس الليبية بشأن ترسيم الحدود يؤسس منطقة اقتصادية خالصة من ساحلها الجنوبي إلى ساحل ليبيا الشمالي ويحمي الحقوق في المصادر.

وتعارض اليونان وقبرص وغيرهما الاتفاق ويصفونه بغير الشرعي.ويؤكد مراقبون أن هذه الخطوة قد تفاقم التوتر بالمنطقة، حيث لتركيا خلافات منذ سنوات مع اليونان وقبرص ومصر وإسرائيل بشأن ملكية المصادر الطبيعية. وقد تواجه تركيا أيضا عقوبات محتملة من الاتحاد الأوروبي على خلفية عملياتها.

من جهة أخرى،بدا فائز السراج أكثر كرما مع أردوغان فلم يكتفي بمنحه النفط الليبي بل شدد على منح النظام التركي عقود اعادة اعمار ليبيا.وقال السراج، وفقًا لوكالة الأناضول،"نشكر تركيا لوقوفها إلى جانب ليبيا وشعبها والدفاع عن الشرعية فيها"، وأعرب عن تطلع حكومته إلى "عودة قريبة للشركات التركية لإعادة إعمار ليبيا".

ويمثل ملف اعادة الاعمار أحد الملفات الهامة التي تسيل لعاب النظام التركي في ليبيا،خاصة بعد الدمار الهائل الذي أحدثه الغزو التركي.وفي مارس الماضي،قالت وكالة "الأناضول"، إن الحكومة التركية بالفعل فى طريقها للاستحواذ على استثمارات متوقعة فى ليبيا بقيمة 120 مليار دولار، ما يكشف الأطماع التركية فى ليبيا، بدءًا من توسيع النفوذ العسكرى فى العاصمة طرابلس، حتى جنى عشرات المليارات من إعادة إعمار البلد الذى ساهمت آلة الحرب التركية في تدميره.

https://www.facebook.com/newsafrigate/videos/601072647194661/

وعادة ما تنفلت تصريحات المسؤولين الأتراك لتفصح عن الأطماع الاقتصادية التركية فى ليبيا، حتى أنها لم تعد أطماعًا خفية. وبحسب "الأناضول"، قال رئيس المجلس التركى الليبى للعلاقات الاقتصادية الخارجية، مرتضى كارنفيل، إنه سيتم إبرام اتفاق قريبا بين حكومتى أنقرة وطرابلس فى الشأن التجارى، زاعمًا بأن ذلك الاتفاق قد يؤدى إلى حل جزء كبير من المشكلات التجارية بين الطرفين، خاصة فى مجال التعاقدات.

ويرى كارنفيل أن ليبيا فيها فرصا تجارية لبلاده، تصل قيمتها إلى 120 مليار دولار، مطالبا المستثمرين الأتراك بانتهاز الفرصة وإبرام صفقات هناك.وقال المسؤول التركى، إن هناك "دعوة من ليبيا فى هذا الاتجاه"، فى إشارة إلى جماعة "الوفاق" التى يرأسها فايز السراج، وتعمل لحساب الأتراك فى العاصمة طرابلس، واعتبر أن ليبيا تمر بعملية إعادة الإعمار، ما يجعلها فرصة كبيرة للأتراك فى جميع القطاعات.

ويشير مراقبون الى أن فايز السراج، رئيس حكومة الوفاق التي يسيطر عليها تنظيم "الاخوان"، غير قادر على رفض الإملاءات التركية فى طرابلس بسبب الدعم الميليشياوى والعسكرى الذى يتلقاه من الرئيس التركى رجب طيب أردوغان لضرب الجيش الليبى،وبهذا ظهرت للعلن الرغبة التركية فى الاستحواذ على جميع الاستثمارات المتعلقة بليبيا، وخاصة فى قطاع الإنشاءات من بوابة حكومة السراج.

وأعلنت تشكيلات حكومة الوفاق في ليبيا، الخميس، أنها باتت تسيطر بالكامل على العاصمة طرابلس.وكانت قوات الوفاق قد سيطرت الأربعاء على المطار الرئيسي في طرابلس.وجاءت هذه التقدمات مع تصاعد الدعم التركي عبر البارجات التركية والطائرات المسيرة كما نقلت تركيا الىلاف من المرتزقة والارهابيين الى طرابلس لدعم مليشيات الاخوان الموالية لأنقرة.

https://www.facebook.com/newsafrigate/videos/251470519278940/

وفي المقابل،أعلن الجيش الوطني الليبي،إعادة تمركز قواته خارج العاصمة طرابلس بشرط التزام الطرف الآخر بوقف إطلاق النار.وحذرت القيادة العامة للجيش الليبي في بيان عاجل، أنه في حالة عدم التزام مليشيات حكومة الوفاق غير الدستورية، بالقرار، سيتم استئناف العمليات العسكرية، وتعليق المشاركة في لجنة وقف إطلاق النار 5+5

وأكد الجيش الليبي أن القرار جاء بناء على موافقة القيادة العامة لاستئناف المشاركة في لجنة وقف إطلاق النار 5 + 5، التي تشرف عليها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ولإنجاح أعمالها المرتقبة.وتابع البيان، أن قرار إعادة التمركز خارج العاصمة جاء دعماً للحل السياسي، ومبادرة سياسية واستجابة لطلبات العديد من الدول والمنظمات المهتمة بالشأن الليبي.

وحال التدخل العسكري التركي والوصاية السياسية التي يفرضها أردوغان على السلطة في طرابلس دون أي حل سلمي للأزمة، فقد شدد الرئيس التركي مرارا وفي أكثر من تصريح على أنه لا مجال للتفاوض مع القيادة العامة للجيش الوطني الليبي.وجدد الخميس هذا الموقف، قائلا إنه لا يمكن لحفتر البقاء على طاولة التفاوض، مضيفا "إن من يهدد باستمرار مستقبل ليبيا لا يمكن أن يكون له قدرة تمثيلية على الطاولة".على حد زعمه.

وتجاهل أردوغان أن التدخل العسكري التركي قضى على كل آمال الحل السلمي للأزمة ودور بلاده في تأجيج الصراعات المسلحة والانقسامات في كل من سوريا وليبيا.واعتبر متابعون للشأن الليبي أن أردوغان يسعى لمزيد من الانقسامات بين الليبيين ليتسنى له استغلال هذه الأوضاع لخدمة أطماعه التي تزايدت مع تزايد رضوخ حكومة السراج. 

وتشير هذه التطورات الى أن جولات الصراع القادمة ستركز على الأرجح على المناطق الواقعة جنوب وجنوب شرقي طرابلس حول غريان الخاضعة لسيطرة حكومة الوفاق وترهونة الخاضعة للجيش الوطني الليبي.ويرى مراقبون أن الجهود الدبلوماسية المتسارعة للعودة الى طاولة الحوار قد يكون مآلها الفشل في ظل تزايد الأطماع التركية أمام تزايد رضوخ حكومة الوفاق وفتحها لخزائن الليبيين أمام أطماع الباب العالي.