تعتبر الجزائر الثالثة عالميا على مستوى احتياطي الغاز الصخري المحتمل بعد الصين والارجنتين، بحسب التقرير الأخير الذي أصدرته وزارة الطاقة الاميركية حول احتياطي المحروقات غير التقليدية.

وتقدر الوزارة الاميركية هذه الاحتياطات بـ19800 لمليار متر مكعب  توجد النسبة الأكبر منها في الصحراء بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الجزائرية.

و هذا الرقم هو بمثابة خمس أضعاف احتياطي الغاز التقليدي المقدر بأربعة الاف مليار متر مكعب. أما احتياطي النفط فيبلغ نحو 12 مليار برميل، بحسب رئيس الوزراء عبد المالك سلال.

و كان سلال قد صرّح في وقت سابق بأنّ بلاده "مضطرة" لإستخراج غاز الشيست نظرًا لأنّ محزون الجزائر من النّفط و الغاز الطبيعي سينتهي في حدود العام 2030 وفق تقديرات الخبراء.

وقال سلال خلال لقاء مع نواب البرلمان الجزائري إنه "لو بقي احتياطي البترول الحالي نفسه حتى عام 2030، يمكننا فقط أن نغطي الاحتياج الوطني من المحروقات فقط، ولا يمكننا التصدير نحو الخارج" واستطرد قائلا:" باحتياطنا المقدر ب 12 مليار متر مكعب من الغاز، الجزائر لا يمكنها سوى تغطية احتياجها المحلي فقط" وأشار في معرض رده على اسئلة نواب الغرفة السفلى في البرلمان، إلى أن الحكومة لجأت مضطرة إلى استغلال الغاز الصخري، هدف ذلك هو ضمان أمنها الطاقوي."  وأكد سلال أن قرار استغلال هذا النوع من الطاقة لايمكن التراجع عنه نظرا لحتميته على حدّ قوله .

و قد حدد تقرير أمريكي حول الطاقة صادر عن وكالة ”يو أس اينرجي انفورميشن” ، الأماكن التي تتوفر على غاز ”الشيست” في الجزائر، وصنفها ضمن الدول الأكثر توفرا على أحواض غاز ”الشيست”، حيث اعتمد التقرير في دراسته على عدة وثائق وبيانات لمعاهد أمريكية ودولية كمجلة ”فوربس” الأمريكية وتقارير اقتصادية منجزة من قبل شركات بارزة مثل ”برايس ووترهاوس كوبرز” و”ارنست ويونغ”. و فق ما نقلت "البوابة الجزائريّة للطاقات المتجدة" في تقريرلها صادر في العام 2010.

و أضافت البوابة أن "الجزائر تتعادل مع الولايات المتحدة في كمية الغاز الصخري التي تتوفر عليه وهو ما سيجعلها خلال فترة قصيرة تتحول إلى منافس كبير لأمريكا في هذا المجال رغم نقص الخبرة والإمكانيات الضرورية في الجزائر لاستغلاله واحتلت الجزائر المراتب الأولى من حيث توفرها على الغاز الصخري" وعدد التقرير المنطق التي يرتكز فيها غاز ”الشيست” في الجزائر من بينها ولايات الجنوب الشرقي على غرار إليزي، عين أميناس، وادي سوف، بسكرة، منطقة الهضاب العليا وولاية تندوف بأقصى الجنوب الغربي .

 يذكر ان الجزائر تعول في اقتصادها بشكل رئيسي على صادرات المحروقات التي تبلغ 90 بالمائة من اجمالي الصادرات. وبالتالي ليس امام الجزائر من خيار حسب خبراء غير التوجه نحو غاز الشيست لانقاذ اقتصادها في قادم السنوات ودعم "مستقبلها الطاقي"

وكان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة قد اعطى الاذن باستغلال الغاز الصخري خلال مجلس الوزراء المنعقد بتاريخ 21 اير/مايو الماضي مع تاكيده على "ان تتم عمليات الاستكشاف وفيما بعد استغلال المحروقات الصخرية بتوخي الحرص الدائم على حماية الموارد المائية والبيئة" وفق تعبيره.

و يذكر أن الشركة الوطنية للبترول في الجزائر "صوناتراك" أبرمت اتفاقيات شراكة مع المجمع الانقليزي الايرلندي شال (SCHELL) والمجمع الايطالي ايني (ENI) والمجمع الكندي طاليسمان (TALISMAN) للنظر في استخراج غاز الشيست من الأراضي الجزائرية. وقد تم حفر أولى آبار غاز الشيست في الجزائر سنة 2011 في حوض "أهنات" قرب منطقة "تمرناست" بأقصى الجنوب الجزائري.

نقاش حول المخاطر :

في مقال له حول المخاطر المحتملة لإستخراج الغاز الصخري كتب مختار العايب مهندس تونسي مختص في الحفر والإنتاج البترولي مقالا في موقع "باب نات" التونسي رصد فيه ما إعتباره أخطارا محتملة لعملية انتاج غاز الشيست و قد فصّلها في النقاط التالية :

1- تلويث المائدة المائيّة يمكن حدوثه في إحدى حالتين:

- وجود خلل في عزل المائدة المائية عن البئر (العزل يتم بعدة أنابيب فولاذية وإسمنت)، وفي تونس حيث حفرت أول بئر بترولية منذ أكثر من قرن تم حفر مئات الآبار البترولية منها حوالي المائتين بصدد الإنتاج بدون أي تلويث للمائدة المائية

- تمديد الشقوق المحدثة في صخر المكمن بالتكسير الهيدروليكي أو الجاف إلى غاية المائدة المائية. وقد حدث هذا فعلا في بعض الآبار في الولايات المتحدة الأمريكية نظرا لقرب المكمن من المائدة المائية (مائتين إلى ثلاثة مائة متر) ولكنه من المستبعد جدا حدوثه في تونس نظرا للمسافات الكبيرة جدا التي تفصل صخر الشيست عن المائدة المائية (ألاف الأمتار) وهذه الشفوق تمتد عادة لعشرات الأمتار ولا تتجاوز في أقصى الحالات الألف مترا

2- تلويث سّطح الأرض بالمياه المرتجعة والمنتَجة والكيمياويّات : كل الحقول البترولية سواء كانت تقلبدية أو حقول غاز الشيست تنتج مياها عالية الملوحة تحتوي على مواد كيمياوية يمكن أن تكون ضارة بالبيئة، والكميات المنتجة من حقول غاز الشيست ضئيلة جدا مقارنة بما تنتجه الحقول التقليدية، مما شجع على السماح برميها في الأنهار (ولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة) أو في شبكات التصريف العام نتج عنه تلوث بيئي. وفي تونس يوجب القانون معالجة كل الفواضل الصناعية بما في ذلك المياه الملوثة، وتوجد محطات خاصة لمعالجة طين الحفر وفواضل الآبار أما المياه المنتجة وهي حوالي المائة ألف مترا مكعبا يوميا فتعالج في الحقول ويقع عادة إعادة حقنها في طبقات عميقة, واستغلال حقول غاز الشيست لن يضيف إلا نسبة ضئيلة جدا من المياه الملوثة والتي يمكن معالجتها من دون أي تأثير على المحيط.

3‌- الضّغط على الموارد المائية واستنزافها : يستعمل الماء في التكسير الهيدروليكي لصخر الشيست لتشقيقه والكمية المطلوبة هي من ألف إلى 25 ألف مترا مكعبا للبئر الواحد وهذه الكمية لا تتجاوز ما يحقن كل يوم من هذه المياه في بعض الحقول البترولية في تونس, ثم إن البدائل متوفرة من استعمال مياه البحر إلى التكسير الجاف باستعمال الغازات مثل النيتروجين المتوفر بكميات كبيرة في الجو والغير ملوث للبيئة

4‌- انبعاثات غاز الميثان : الغاز الطبيعي يتكون بنسبة أكثر من 90 % من غاز الميثان وهذا الأخير من أهم الغازات المسببة للإنحباس الحراري بعد ثاني أوكسيد الكربون وخلافا لما يروج فإن تسربه من الآبار ومعدات المعالجة نادر جدا ووجوده في المحيط ناجم عن تحلل المواد العضوية ومناجم الفحم بنسبة 90 %

5- زيادة النّشاط الزّلزالي : بسبب إعادة ضخّ مياه الإنتاج أو حقن الماء وهي تقنية مستعملة في حقول الزيت وكميات المياه الني تضخ في هذه الحالة أكبر بعشرات إلى مئات المرات مقارنة بما يضخ في حقول غاز الشيست، وإن حدث هذا النشاط الزلزالي فعلا في بعض مناطق العالم فهو بصورة نادرة جدا ولم يحدث منه شيء في تونس رغم الحقن المتواصل في بعض الحقول لعشرات السنين, أما المسح الزلزالي فلا تأثير له.

الإحتجاجات ضد المشروع :

يلاقي مشروع إستخراج غاز الشيست في الجزائر معارضة شعبية و حتى من قبل خبراء الطّاقة لما إعتبروه "كارثة بيئة" و " جريمة في حق الاجيال القادمة" فقد قال المدير التنفيذي الاسبق لشركة النفط والغاز العمومية سوناطراك نزيم زويوش بان "القرار متسرع ولا ياخذ في الحسبان كافة المخاطر" وفق تعبيره .

كما حذر مدير مخبر تطوير الطاقات الاحفورية في المدرسة المتعددة التقنيات بالجزائر شمس الدين شيتور من ان "بعض المواد الكيميائية المستخدمة مسرطنة. سيكون حتما هناك تسربات في المياه الجوفية. لا يمكن القول انه لا يوجد اي خطر". وفق ما ذكر موقع ميدل-آست أون لاين .

ومن الناحية الاقتصادية يشير زويوش الى ان "المردود غير مضمون" مضيفا "يتم الحديث عن احتياطي بينما الامر يتعلق بموارد، وما يمكن ان ننتجه بسعر معقول لا يتعدى 7% من الموارد". على حدّ قوله .

فيما طالب نشطاء في المجتمع المدني و المنظمات البيئية باستفتاء شعبي حول الموضوع لأهميته و تأثيراتها البيئية الخطيرة حتى على الأجيال القادمة ، و كانت حركة بركات قد أعلنت عن تنظيم محاضرة شعبية يوم السبت 7 يونيو/حزيران الجاري للتنديد استغلال الغاز الصخري، وذكرت الحركة عبر صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي فيسبووك، إنها ستقول " لا لاستغلال الغاز الصخري في الجزائر "، وورد في بيان اشهاري حول المحاضرة ، "لنقول بركات سلب الاموال؛ بركات الاعتداء على السيادة الوطنية؛ الجزائر ليست للبيع ". وفق تعبيرها .

و في ذات السياق ناشد جزائريون عبر شبكة الإنترنت اليوم، كلا من رئيس رئيس الجمهورية الجزائرية عبد العزيز بوتفليقة، ووزير الطاقة  ووزير الموارد المائية  "وقف استخراج الغاز الصخري".

وأطلق العشرات من الجزائريين عبر الإنترنت، حملة " لا لإستخراج الغاز الصخري " من باطن أرض الجزائر،  ورافقت الحملة لائحة مطلبية نشرت عبر موقع " آفآز " AVAAZ، وهو أكبر تجمع حملات على الانترنت في العالم و أكثرها فعالية للتغيير. وقال الموقعون الأوائل على لائحة الحملة التي اختير لها شعار " أوقفوا غاز الشيست " أو Stop gaz de schiste  " إن استخراج الغاز الصخري يحتاج إلى ضخ كميات هائلة من المياء في أماكن وجود الغاز الصخري حيث يتسرب الماء الذي تفاعل مع الكيمياويات و ليصبح ساما مهلكا، حيث يختلط مع المياه الجوفية و السطحية ليهلك الانسان و الحيوان و النبات و يضر ضررا كبيرا بالبيئة، إضافة إلى تلف في خصوبة طبقة الأرض و إحداث فجوات في طبقات الأرض التي تتسبب لاحقا في انكسارات و تصدعات مضرة."

وينوي اصحاب المبادرة جمع أكبر قدر من التوقيعات لصالح الحملة كي يتم تسليم اللائحة إلى الرئيس الجزائري ومعه وزير الطاقة والمناجم وكذلك وزير الموارد المائية.

و لكن يبدو أن الحكومة الجزائرية ماضية في تنفيذ مشروع استخراج غاز الشيست لما يمكن أن يوفّره من عائدات مالية ضخمة بإعتبار أنّ الجزائر تعتمد أساس في مواردها المالية على الثروات الباطنيّة و الطاقية .