بالرغم من الدعوات الإقليمية والدولية لإنهاء القتال في ليبيا خاصة في ظل المخاطر التي تعيشها البلاد على وقع انتشار فيروس "كورونا" الذي يهدد العالم برمته، فإن الرئيس التركي طيب أردوغان، مازال مصرا على مواصلة نواياه التخريبية والاستمرار في تأجيج الصراع في هذا البلد الممزق عبر إغراقه بشحنات السلاح والمرتزقة والارهابيين الموالين لأنقرة دعما لحلفائه وأذرعه في العاصمة طرابلس، وذلك في سبيل خدمة أطماع وطموحات الرئيس التركي.

إلى ذلك، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان،السبت 11 أبريل/نيسان، وصول نحو 300 مرتزق من فصائل "السلطان مراد" ولواء "صقور الشمال" و"فيلق الشام" إلى ليبيا يوم الجمعة. وقال المرصد إن دفعة جديدة من المرتزقة السوريين مؤلفة من 150 مرتزقا من فصيل السلطان مراد الموالي لتركيا انطلقت خلال الساعات والأيام الماضية، من مركز مدينة عفرين، وتوجهت بواسطة حافلات نقل تركية إلى الحدود.

وأضاف المرصد في بيان له، أن تركيا تواصل إرسال “مرتزقتها” من الفصائل السورية الموالية لها، للحرب في ليبيا.وقال المركز إن أعداد المرتزقة الذين وصلوا إلى الأراضي الليبية وصلت حتى الآن إلى نحو 5050، في حين أن عدد المجندين الذي وصلوا إلى المعسكرات التركية لتلقي التدريب بلغ نحو 1950 مجندا.


وتكثف تركيا تزويدها حكومة الوفاق بالمرتزقة والأسلحة، لا سيما عقب مقتل عدد كبير منهم بالمعارك الأخيرة الدائرة في طرابلس وشرق مصراتة.وأوضح المرصد أن عدد القتلى من المرتزقة بلغ 17 فردا خلال الساعات والأيام الماضية، فيما بلغت حصيلة القتلى في صفوف الفصائل الموالية لتركيا جراء العمليات العسكرية في ليبيا 182 مقاتلا.

وأشار المرصد إلى انتماء غالبية القتلى لفصائل "لواء المعتصم" وفرقة "السلطان مراد" ولواء "صقور الشمال" و"الحمزات" و"سليمان شاه".وأشار المرصد إلى أن المرتزقة قتلوا خلال الاشتباكات على محاور حي صلاح الدين جنوب طرابلس، ومحور الرملة قرب مطار طرابلس ومحور مشروع الهضبة، بالإضافة لمعارك مصراتة ومناطق أخرى في ليبيا.

ويأتي الدفع بالمزيد من المرتزقة بالتزامن مع الحديث عن وصول شحنات كبيرة لأسلحة تركية متطورة إلى طرابلس، تراهن عليها الميليشيات المحاصرة لقلب المعطيات الميدانية لصالحها.وحثّ المجلس الأعلى للدولة الليبي (هيئة استشارية)،الخميس، المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، على الإسراع في دعم المجهود الحربي، لحسم المعركة العسكرية في طرابلس.

وتراهن حكومة الوفاق على الإمدادات العسكرية التركية التي وصلتها ومن ضمنها أجهزة تشويش لقلب معطيات المعركة لصالحها، لكن متابعين يشيرون إلى أن العتاد التركي يمكن أن يعطل تقدم قوات الجيش الليبي دون قلب موازيين القوى.وهو ما تؤكده التطورات الميدانية مع تواصل خسائر أردوغان وحلفائه في طرابلس.

وتعد الطائرات المسيرة، ضمن أهم الأسلحة التي تستخدمها قوات الوفاق في معاركها مع قوات الجيش الوطني.لكنها باتت هدفا سهلا للجيش الليبي الذي أعلن، اليوم السبت،عن إسقاط طائرة مسيرة تركية ثالثة خلال أقل من 24 ساعة في محاور غرب ليبيا أثناء محاولتها استهداف مواقع مختلفة للجيش الليبي جنوب العاصمة.ونقل موقع "ارم نيوز" عن الضابط في الدفاع الجوي الليبي محمد الخالدي قوله إن وحدات الدفاع الجوي المنتشرة في كافة المواقع رصدت تحرك الطائرات المسيّرة الثلاث منذ لحظة انطلاقها من قواعدها، واستطاعت التعامل معها في نقطة حددتها عمليات الجيش الليبي.



وأضاف أن الطائرتين السابقتين كانتا تستهدفان مواقع للجيش في تخوم قاعدة الوطية الجوية، أما الثالثة فكانت تقصد مواقع للجيش في مدينة ترهونة.وأوضح الخالدي أن الوضع على الأرض سجل تقدمات للجيش في أكثر من محور جنوب طرابلس، كما أن قوات الجيش في شرق مصراتة تقدمت إلى نقاط جديدة تحت غطاء جوي كثيف من طيران الجيش الليبي.

وكانت تركيا قد أرسلت طائراتها المسيّرة لضرب مواقع الجيش الليبي ومنع سيطرته على غرب ليبيا وترجيح كفة جماعات مسلحة تابعة لحكومة الوفاق، لكنها تلقت درسا قاسيا في ليبيا وإخفاقات، أين تتوالى الخسائر بإسقاط وتدمير طائراتها، ليصل إجمالي الطائرات التي دمّرها الجيش حتّى الآن أكثر من 36 طائرة مسيرة، وذلك منذ بداية العملية العسكرية لتحرير العاصمة طرابلس قبل نحو عام.

ومن جهته،قال الضابط في أمن بوقرين، مصطفى التهامي، إن الميليشيات اتخذت من بعض المدارس والمؤسسات الحكومية مقرات لها ومخازن ذخيرة وسلاح، موضحًا بأن غرفة العمليات دمرت بشكل تام بغارات للجيش.وأضاف التهامي، في تصريح لـ"إرم نيوز"، بأن غرفة عمليات تركية ببلدة بوقرين دمرت بشكل تام، مبينًا بأن الميليشيات وعدة ضباط أتراك تواجدوا بهذه الغرفة التي أقيمت في أحد المصارف بالبلدة للتمويه.وأوضح التهامي أن القتلى الذين كانوا بالغرفة بما فيهم مجموعة الضباط الأتراك، لم تستطع فرق الإنقاذ الوصول إليهم، مما استدعى استعمال الآليات لإزالة الركام والبحث عن الجثث تحته.

وحقق الجيش الليبي مكاسب ميدانية جديدة شرق مصراتة، حيث سيطر على أجزاء واسعة من محور بوقرين وتقدم نحو محور الوشكة السدادة، كما كبد المليشيات خسائر كبيرة، وتمكن من إسقاط أعداد كبيرة من القتلى والإصابات في صفوف قوات الوفاق.وأعلنت شعبة الإعلام الحربي العثور على جثث تابعة لقوات الوفاق أثناء تمشيطها لمواقع في محور عين زارة بالعاصمة طرابلس.

وبثت شعبة الإعلام الحربي تسجيلا مصورا قالت إنه يظهر قيام الوحدات العسكرية بتمشيط عددٍ من المواقع التي أحكمت السيطرة عليها في محور عين زاره مؤكدة العثور   على جثث لعدد من عناصر التشكيلات المسلحة التابعة لقوات الوفاق المدعوة من تركيا  والتي تُركت من قبل عناصر قوات الوفاق التي لاذت بالفرار.

وبالتزامن مع خسائرها هذه تتواصل الخلافات في صفوف الوفاق وبوادر تفكك تحالفاتها حيث أعلنت "كتائب نالوت"،، الخميس، فك ارتباطها العسكري مع حكومة السراج، وقررت سحب جميع قواتها المتمركزة على طول الشريط الحدودي مع تونس.وفي بيان،قال "المجلس العسكري نالوت"،إنه قرر "سحب جميع كتائبه وسراياه من جميع النقاط الحدودية والتمركزات والدوريات الأمنية والممتدة لمسافة 450 كيلومترا، الواقعة على الشريط الحدودي بين ليبيا وتونس".



وأرجع المجلس العسكري نالوت،قراره لـ"عدم تلقيه الدعم اللازم من الجهات المسؤولة في الدولة، في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها ليبيا وانتشار فيروس كورونا، وذلك رغم المراسلات السابقة لرئاسة الأركان ووزارة الدفاع ووزارة الداخلية ومصلحة الجمارك"، في إشارة إلى حكومة الوفاق في طرابلس.

وحقق الجيش الليبي تقدمات عسكرية، حيث تمكن من السيطرة على زلطن والجميل ورقدالين ومناطق أخرى قريبة من الحدود التونسية.وتشير تقارير ميدانية إلى أن الجيش بات على بُعد 50 كلم من بسط نفوذه الكامل على معبر رأس جدير الحدودي مع تونس، وأن تحقيق الهدف لا يرتبط سوى بوضع الترتيبات اللازمة لذلك.

ويشير مراقبون الى أن تركيا باتت القائد الفعلي للعميات العسكرية في طرابلس،وهو ما أكده في وقت مؤخرا القيادي البارز في مليشيات مصراتة، آمر سلاح المدفعية، فرج أخليل،الذي قال إن الطيران المسير التركي وحده هو المسؤول عن تنفيذ سلسلة من الضربات التي استهدفت مواقع غربي سرت وشرقي مصراتة.وتساءل أخليل، في بيان على صفحته بموقع "فيسبوك"، لماذا تحتفظ تركيا بتفاصيل الضربات التي تنفذها دون إطلاع أي من مسؤولي حكومة السراج، فمن يحدد لهم الأهداف؟ ومن يعطي الأوامر.

وكشف عن أن آمر غرفة العمليات المشتركة الخاصة أسامة الجويلي "ليست لديه أي تفاصيل عن هذه العمليات".وأوضح أنه خلال 10 أشهر من تكليفه لم يستطِع توجيه أي محاولة استهداف لقاعدة الوطية –التابعة للجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر- ولا يعرف إلا خزانة البنك المركزي.وشدد آمر سلاح المدفعية بمليشيات مصراتة على أن المخابرات التركية أصبحت تسير العملية العسكرية بالكامل لإدراكها "خيانة السراج ومستشاريه.

وأطلقت حكومة الوفاق في 25 مارس الماضي ما أسمته عملية "عاصفة السلام" العسكرية في خرق للهدنة التي أعلنت الالتزام بها في 21 من الشهر ذاته.وبحسب صحيفة "العرب" اللندنية نقلا عن خبراء فإن صمود قوات الوفاق في طرابلس رهين بتدفق الأسلحة عليها، وهذا ما يفسر رفضها مهمة "إيريني" الأوروبية لفرض الحضر الأممي على تدفق السلاح إلى  ليبيا، فيما يدعم الجيش الليبي المقترح الأوروبي.

واضافت الصحيفة أن تمادي تركيا في إرسال الأسلحة إلى ميليشيات طرابلس،يعيق المساعي الدولية لوضع حد للأزمة الليبية، ما يطرح تساؤلات كثيرة إزاء الصمت الدولي المحيّر تجاه الانتهاكات التركية المتكررة للقرارات الأممية.ويُفرغ إمداد أنقرة للميليشيات والمجموعات المتطرفة في ليبيا بالسلاح قرار حظر التسليح المفروض دوليا على البلاد منذ 2011 من محتواه، ويثير تساؤلات بشأن عدم تحرك المجتمع الدولي لوضع حد للعبث التركي في ليبيا.

واتفقت القوى الأجنبية في برلين على تعزيز الهدنة بين الأطراف المتصارعة في طرابلس ومنع التدخلات الخارجية التي تزيد من تأجيج الأوضاع.لكن أردوغان يسعى بحسب المراقبين للإلتفاف على تعهداته ويصر على المضي نحو التصعيد وهو ما تؤكده تحركاته العدائية تجاه الجيش الليبي وتهديداته المستمرة التي تتزامن مع استمرار تدفق مرتزقته الى ليبيا.

ويؤكد مراقبون أن الرئيس التركي يحاول جاهدا انقاذ حلفائه في طرابلس خدمة لمخططاته التي تقوم على مزيد تثبيت أذرعه في البلاد بما يدعم مد نفوذه واستمرار نهبه لثروات الليبيين.وباتت ألاعيب أردوغان مفضوحة للشعب الليبي الذي عبر مرار وتكرار عن رفضه الغزو التركي واستعداده لمواجهته.ويأمل الليبيون في انهاء سطوة المليشيات المسلحة بما يضمن التوجه نحو ارساء سلطة موحدة في البلاد قادرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.