مازال التدخل التركي السافر في ليبيا، يلقي بظلاله على الأوضاع في البلاد التي تشهد صراعا عنيفا منذ أشهر في العاصمة طرابلس.وتحاول أنقرة دخول هذا الصراع لدعم حلفائها ومد نفوذها في المنطقة معتمدة في ذلك على آلاف المرتزقة والمتطرفين الموالين لها وهو ما يمثل طرا كبيرا على البلاد التي عانت ويلات التنظيمات الارهابية خلال السنوات الماضية.

وتلقى التحركات التركية المشبوهة في ليبيا رفضا في الأوساط الليبية التي تدرك تماما حجم الخطر الذي يحيق بالبلاد نتيجة مخططات أردوغان العدوانية.ووسط غضب شعبي عارم، تنطلق احتجاجات في مدن ليبية عدة تنديدا بالتدخل التركي وإرساله المرتزقة والإرهابيين إلى البلاد، مؤكدين دعمهم الكامل للجيش الليبي.

وتجمع آلاف من المتظاهرين في ميدان الكيش بمدينة بنغازي، مساء الجمعة، بالتزامن مع خروج مظاهرات ضخمة في الميادين الرئيسية بعدة مدن ليبية أخرى، استجابة لدعوات نشطاء سياسيين ومدونين وشيوخ قبائل خلال الأيام الماضية.وشارك في المظاهرات عدد من الشخصيات المهمة والاعتبارية الليبية، وأعضاء مجلس نواب ورؤساء أحزاب ونشطاء المجتمع المدني وطلبة وأساتذة جامعات وشيوخ وأعيان القبائل، بوجود أمني كبير من الجيش والشرطة الليبية.

ورفع المتظاهرون شعارات منددة بالتدخل التركي الذي وصفوه بـ"الاحتلال والاستعمار"، وإرسال المرتزقة والإرهابيين، بالإضافة إلى دعم ومساندة جهود الجيش الوطني في الحرب على الإرهاب، والمليشيات الإجرامية.ورحب المتظاهرون بجهود القبائل في قرار إيقاف إنتاج النفط وتجفيف منابع الإرهاب، مؤكدين أن عائدات النفط كانت تستخدم لاستجلاب وتمويل الإرهابيين والمرتزقة.

وشهدت الأسابيع الماضية صدور ردود فعل واسعة من أبرز القبائل والقوى الليبية، إذ صدرت عدة بيانات رسمية كان قاسمها المشترك الرفض الكامل للتدخل التركي، وتجديد الدعم للقوات المسلحة الليبية واعلان القتال ضد الغزو التركي القادم، والدعوة لتوحيد الصف الليبي ونبذ الخلافات.وكان أكثر من 1000 شيخ قبيلة ليبي،أعلنوا في يناير الماضي، في اجتماع عقد في مدينة برقة الليبية، الدفع بأبناء قبائلهم للجهاد ضد "الغزو التركي".



وفي كلمة له،مساء الجمعة، قال قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر، إن "الجيش الوطني الليبي لن يتوقف ولو استنجد الخونة بجميع مرتزقة العالم حتى ترجع طرابلس لحضن الوطن" وتابع قائلاً: "لن نساوم أو نفرط فيما ضحى من أجله أبناؤنا ولن نحيد عن ثوابتنا وهي تحرير البلاد من المليشيات المسلحة".ؤكدا إنه ‏لا سلم في بلاده إلا بهزيمة المليشيات المسلحة ونزع سلاحها وطردها من ليبيا.

وشدد حفتر على أنه سيتم إعلان وقف دائم لإطلاق النار بمجرد أن يقوم الجيش الليبي بطرد المرتزقة والمليشيات الإرهابية من البلاد.ووجّه قائد الجيش الليبي في كلمته رسالة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال فيها: "لولا سيوف أجدادنا العرب لكنت ما زلت تعبد الأصنام والأوثان"، مشيرا إلى أنه يسعي لاستعادة إرث أجداده بالتعاون مع الخونة والمرتزقة.

ودخلت تركيا بشكل مباشر على خط المواجهات بين الجيش الليبي والقوات الموالية لحكومة الوفاق،وقدمت دعماً عسكرياً يتمثل في مدرعات حديثة الصنع نوع "كيربي" وطائرات مسيرة من نوع "بيرقدار".كما قامت بارسال ضباط أتراك للاشراف على العمليات العسكرية في العاصمة وفق تأكيدات الجيش الوطني الليبي.

وأكدت تقارير اعلامية مؤخرا أن تركيا أرسلت منظومة دفاع جوي إلى حكومة الوفاق في طرابلس.وتداول نشطاء موقع التواصل الاجتماعي الليبيين، صورا مسربة توضح انتشار منظومات دفاع جوي تركية في الجزء المدني من مطار معيتيقة بالعاصمة الليبية طرابلس.وتوضح الصور الملتقطة بواسطة أحد ركاب الطيران المدني بمطار معيتيقة منظومة الدفاع الجوي بالقرب من برج المراقبة.

من جهة أخرى،دفعت أنقرة بآلاف المرتزقة والارهابيين الى الأراضي الليبية،وبالرغم من اعلان وقف لإطلاق النار في المنطقة الغربية من ليبيا،في يناير الماضي والذي أعقبه مؤتمر برلين الذي تأوصى بوقف التدخلات الخارجية في ليبيا،واصلت تركيا إرسال مرتزقة إلى ليبيا عبر رحلات جوية،  في خرق واضح للمساعي الدولية الهادفة للوصول الى تسوية سياسية في البلاد.

وأكد اللواء أحمد المسمارى، المتحدث باسم الجيش الليبى، استمرار الرئيس التركى رجب طيب أردوغان ، في إرسال الإرهابيين والمرتزقة إلى العاصمة الليبية طرابلس للقتال مع المليشيات الإرهابية، موضحا خلال المؤتمر الصحفى الذى عقده مؤخرا عن أسماء بعض تلك القيادات الإرهابية التي تم إرسالها من قبل تركيا إلى ليبيا. 

وأضاف المسمارى ، أن لديهم معلومات أن تركيا أعدّت قائمة بـ 229 إرهابياً في سوريا لنقلهم إلى ليبيا، بعضهم وصل إلى طرابلس، وآخرون يستعدون للقدوم إليها، واستعرض قائمة أبرز وأخطر الإرهابيين الذين وصلوا خلال الفترة الأخيرة إلى العاصمة طرابلس.وسبق أن أكدت تقارير اعلامية عن عمليات نقل للارهابيين من سوريا الى ليبيا للقال ضد الجيش الليبي.

عمليات نقل المرتزقة والعناصر الارهابية الى ليبيا أكدها مسؤولون دوليون،حيث قالت مصادر بالأمم المتحدة لـ"سكاي نيوز عربية"، الأحد، إنه تم نشر 3 آلاف مسلح سوري في المناطق التابعة لحكومة فايز السراج، غربي ليبيا.وأوضحت المصادر أن هناك معلومات تشير إلى قيام طيران عسكري تركي بنقل مقاتلين سوريين من غازي عنتاب (على الحدود السورية التركية) إلى إسطنبول، ومن ثم إلى ليبيا.ولفتت إلى أن فريق خبراء لجنة عقوبات مجلس الأمن المعنية في ليبيا يبدأ التحقيق في الاتهامات الموجهة لتركيا بنقل مقاتلين أجانب من سوريا إلى ليبيا.

وتزيد التدخلات التركية من تاجيج الصراع في ليبيا،فبالرغم من اصدار مجلس الأمن موافقته على مشروع القرار البريطانى حول وقف إطلاق النار في ليبيا،تجددت الاشتباكات جنوب العاصمة الليبية طرابلس متسببة بمقتل مدني على الأقل وإصابة 3 اخرين في حي الهضبة البطاطا بطرابلس جراء سقوط قذائف على الحي وفق وزارة الصحة بحكومة الوفاق.

وأعلنت إدارة مطار معيتيقة في العاصمة الليبية طرابلس، تعليق الرحلات الجوية من وإلى المطار بعد تعرضه لقصف، ظهر الخميس، من قبل جهة لم تسمها.ووفق بيان نشر عبر صفحة المطار الرسمية على موقع "فيسبوك"، فإن الرحلات الجوية من مطار معيتيقة الدولي تم تعليقها إثر تعرضه للقصف.




يذكر أن مطار معيتيقة يتعرض باستمرار للقصف الجوي من قبل طائرات الجيش الليبي، والتي تستهدف الشق العسكري من المطار، ويتم الإعلان عن ذلك من قبل قيادة الجيش الليبي، كما تعرض في العديد من المرات لقصف بالهاون من قبل بعض ميليشيات طرابلس على خلفية نزاع بينها وبين قوات أخرى موالية لحكومة الوفاق.

واتهم الجيش الليبي المليشيات المسلحة والمرتزقة بخرق الهدنة،وأكد آمر التوجيه المعنوي بالجيش الليبي خالد المحجوب، الخميس، أن القوات التابعة لحكومة الوفاق تخرق اتفاقيات وقف إطلاق النار، مشيرا إلى أنها استهدفت عدة مواقع جنوب طرابلس، حيث تمّ تعليق الرحلات في مطار معيتيقة، كما شنت هجوما على قوات الجيش الليبي.

ونقلت شبكة "سكاي نيوز" عن المحجوب،قوله أن قوات الوفاق تهدف إلى تأليب الرأي العام ضد الجيش الليبي، بتحميله بالمسؤولية عن هذه الانتهاكات.وبيّن، أن عناصر الوفاق إلى جانب المرتزقة الذين يقاتلون إلى جانبهم باتوا على بعد يتراوح ما بين 4-5 كيلومترات من البحر، لذا فهم يخططون لإبعاد قواتنا وقذائفها المباشرة عليهم عبر التسويق لفكرة زرع قوة مراقبة دولية، وفق قوله.

وتؤكد المؤشرات على الأرض أن وقف اطلاق النار في ليبيا في طريقه للانهيار في ظل استمرار التدخلات التركية التي تسعى لاطالة أمد الأزمة وتحويل البلاد الى ملاذ جديد للعناصر الارهابية والمرتزقة الموالين لها.ويرى مراقبون أن هذا المخطط التركي يزيد من اصرار الجيش الليبي على اجتثاث الجماعات الموالية لأنقرة من العاصمة الليبية واستعادة سلطة الدولة،مستعينا في ذلك بوعي الشعب الليبي ووقوفه ضد التدخلات الخارجية التي تقودها الأطماع في نهب ثرواته.