رغم التوترات التي شابت العلاقات الليبية الروسية منذ القرارات السياسية الحادة التي اتخذها الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي عقب غزو العراق عام 2003، فإن المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي، أخذ على عاتقه الانفتاح مع موسكو في مسعى للحصول على دعم لوجيستي وعسكري.
تواصل بين طرابلس وموسكو
المتحدث الرسمي باسم القائد العام للجيش الليبي، العميد أحمد المسماري، أكد أن تواصل القائد العام للجيش المشير خليفة مع موسكو لقي استحسانًا وترحيبًا كبيرًا من الشعب الليبي، مشيرًا إلى أن الشعب الليبي يعلم جيدًا أن المرحلة صعبة جدًا وتحتاج إلى حليف قوي مثل روسيا، حسب "ليبيا اليوم".
فالتواصل مع موسكو سواء بالزيارات الرسمية المعلنة أو زيارة القطع البحرية أو حاملات الطائرات الروسية، وجد ترحيبا كبيرا جدا من الشعب الليبي، كونه يريد حليفًا قويًا.
"المسماري" أوضح أن الدور الروسي في سوريا تم بنجاح، والحقيقة موسكو تمكنت من خوض معارك عسكرية، وأخرى دبلوماسية قادتها الخارجية الروسية، لإبعاد الكثير من الدخلاء على السياسة السورية.
واعتبر متحدث الجيش الليبي، أن ما يحدث في سوريا هو ما يحدث في ليبيا، منوها بأن الوضع في ليبيا يتطلب تدخلا روسيا وتدخل الرئيس بوتين شخصًيا، وإبعاد اللاعبين الأجانب مثل تركيا وقطر وإيطاليا بشكل مباشر.
ثقة ليبية
يرى متابعون أن الثقة التي توليها ليبيا إلى موسكو، جاءت من منطلق أن روسيا دولة عظمى وكلمتها ستكون مسموعة فيما لو تناقشت مع إيطاليا في هذا الجانب أو تناقشت مع تركيا أو قطر أو دول أخرى، مثل السودان، فيما يتعلق بتهريب الإرهابيين وإدخالهم إلى البلاد وفقا لـ"سبوتنيك".
وهذا ما أكده "المسماري" حينما قال: "نحن عسكريا نتطلع لإعادة التعاون بشكل قوي جدًا وإعادة العلاقات كما كانت بالخبراء، وكذلك نتطلع لتدخل سياسي روسي عن طريق الدبلوماسية الروسية لمنع الدول الأخرى التي تتلاعب بمصائر الليبيين".
كان وزير الدفاع الروسي، سيرجي شويغو، قال في وقت سابق: إن "هناك استراتيجية كولونيالية جديدة اختبرتها الولايات المتحدة بالفعل في العراق وليبيا والمتمثلة بدعم بأي إيديولوجيات حتى الوحشية منها لإضعاف الحكومات الشرعية".
فيما أكد نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، دعم الجانب الروسي لجهوده الهادفة إلى مساعدة القوى السياسية الليبية الرئيسية، في الإسراع بتشكيل سلطة دولة فاعلة في ليبيا على أساس توافقي، بما يضمن وحدة البلاد وسلامتها الإقليمية وسيادتها.
الدعم الروسي
البداية كانت من خلال زيارة قائد الجيش الوطني خليفة حفتر إلى حاملة الطائرات الروسية "الأميرال كوزينتسوف" في يناير 2017، والتي كانت بمثابة تدشين فعلي لعلاقة مهمة وحيوية على المستوى العسكري بين روسيا والجيش الوطني. في حين سبق هذه الزيارة بعام، الكشف عن عمليات استطلاع تم تنفيذها على مدار شهور بطائرات روسية دون طيار من نوع "Orlan 10" سقطت إحداها في مدينة أجدابيا، وكانت مؤشرًا على اهتمام روسي متزايد بمعرفة أحجام السيطرة الميدانية للفرقاء الليبيين. فمنذ زيارة حفتر للحاملة الروسية تم رصد تسلم الجيش الليبي لبعض مدافع الميدان الروسية، وكذلك وصول بعض قطع الغيار الخاصة بمقاتلات الميج 23 التي يمتلكها سلاح الجو الليبي، وبالطبع كان هذا الدعم محدودًا بشكل كبير نظرًا لحظر التسلح المفروض على ليبيا.
الدعم العسكري الروسي كان أيضًا على مستوى العمليات الجوية، حيث انطلق منذ ذلك الوقت ما يشبه "الجسر الجوي" من قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية بسوريا لنقل جرحى الجيش الوطني للعلاج في المستشفى الميداني الروسي بواسطة طائرات النقل، حسب الخليج أون لاين. كذلك عززت القوات البحرية الروسية من وجودها في المنطقة المقابلة للسواحل الليبية، ونفذت عدة تدريبات بالذخيرة الحية جنوبي قبرص. هذه التطورات جعلت الطرف المقابل للجيش الوطني الموالي لبرلمان طبرق وهو حكومة الوفاق الوطني، يطلب على لسان رئيس الحكومة فائز السراج في فبراير 2017 من روسيا القيام بوساطة بين حكومته والجيش الوطني.
سياسة موسكو الإقتصادية
اتبعت موسكو سياسة براجماتية تجاه طرابلسفبرغم كونها حليف لطرابلس ولديهم علاقات تاريخية ترجع إلى عام 1955، كما تطورت هذا العلاقات بعد انهيار الاتحاد السوفيتي من خلال اعترف ليبيا بروسيا عام 1991، فيما شهدت العلاقات نقلة نوعية أثناء زيارة رئيس الوزراء الروسي “فلاديمير بوتين” إلى طرابلس للقاء القذافي الذي مثل أول لقاء يجمع بينهم عام 2008، و أثمرت هذه الزيارة عن تكثيف التعاون بين الجانبين على كافة الأصعدة، و الإعلان عن مذكرة تفاهم تحتوي عقودًا في المجالات الدبلوماسية و الاقتصادية و التقنية و الأمنية و العسكرية
تم بموجب هذه الزيارة جدولة الديون الليبية و إلغاءها التي كانت تقدر بـ 4.5 مليار دولار، فيما وقع الجانب الليبي عقود شراء للسلاح الروسي، علاوة على صيانة الترسانة الحربية الليبية، كما عبرت طرابلس عن رغبتها في التعاون مع موسكو في مجال الطاقة الذرية للاستفادة من التجربة النووية الروسية.
وفي يناير 2010، أبرمت صفقة سلاح بين البلدين بقيمة 1.8 مليار دولار شاملةً طائرات مقاتلة من نوع إف جي إف و سوخويمع مجموعة من طائرات النقل العسكري، و دبابات و صواريخ دفاع جوي، كما اتفقتا على رفع قيمة التسليح لتصل إلى 2.4 مليار دولار.