مع مرور الأيام، يزداد مسار التسوية السياسية الليبية تعقيدا فضلا عن الوضع الأمني غير المستقر في ظل الصراعات الدائرة بين مختلف المجموعات المسلحة في أكثر من مكان، وفي خضم كل ذلك يحتدم الصراع الدولي حول ليبيا، و كل الأعين متجهة نحو كعكة إعادة الإعمار، إذ بلغ هذا الصراع درجة التلاسن و تبادل الاتهامات بين الدول الكبرى.

الروس وتهمة التواجد العسكري

نشر تقرير إخباري أعدّه موقع   ذي مونيتور الإعلامي الأميركي اتهامات بريطانيا لروسيا بإقامة قواعد عسكرية في ليبيا، والتخطيط للسيطرة على مسارات الهجرة غير الشرعية. التقرير الأميركي نقل عن  ذي صن البريطانية تأكيداتها أنّ القوات الموجودة في هذه القواعد؛ أتت لتوفير الدعم لعسكري لقائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر الذي حثَّ موسكو ، في أوقات عديدة، على المساعدة بالجنود والتجهيزات.

 كما أشار في الوقت ذاته إلى قيام روسيا بنشر العشرات من جنود القوات الخاصة، أو ما يعرف بـ "سبيتسناز" فضلا عن ضباط من الإدارة العامة لهيئة الأركان العامّة التي عُرفت سابقا بـ  "جي آر يو" وعناصر من المخابرات العسكرية الروسية، وضباط من "كي جي بي" بينما لم يصدر أيّ تعليقٍ روسيّ رسميّ على الاتهامات البريطانية.

وأضاف التقرير أنَّ بعض هذه القوات موجودة بالفعل في ليبيا للتدريب، وتنفيذ مهام الارتباط العسكري، إلا أنها تلقَّت تعزيزاتٍ خلال الأيام القليلة الماضية، وأن روسيا قامت بإنشاء قواعد عسكرية في الساحل الليبي في مدينتي طبرق وبنغازي، ونشرت فيها مرتزقة من مجموعة "فاغنر" الروسية، المعروفة بمشاركتها في العديد من الصراعات في مناطق عدة حول العام.

ويرى خبراء عسكريون أنَّ مجموعة   فاغنر لديها وجود أكبر في ليبيا، في وقت نقلت فيه عن "ذي صن" البريطانية قيامَ موسكو بنشر قذائف  كاليبر الصاروخية المضادة للسفن وصواريخ منظومة الدفاع الجوي أس-300 في البلاد، للاحتفاظ بأكبر مسار للهجرة غير الشرعية من أفريقيا والشرق الأوسط إلى أوروبا.

استغراب روسي

أنكرت موسكو هذه الاتهامات التي وجهتها إليها بريطانيا محمّلة إياها مسؤولية الأوضاع التي آلت إليها ليبيا، حيث قال رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي، قنسطنطين كوساتشيف، إن بريطانيا وحلفاءها في حلف شمال الأطلسي جلبوا قبل سبع سنوات الفوضى التي تسود ليبيا اليوم، من خلال التدخل في الحرب الأهلية. 

وقال رئيس الجنة عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: "إذا نحينا جانبًا الاتهامات الوهمية لبلدنا. نلاحظ فقط أن ليبيا تم جرها إلى الفوضى الحالية بما في ذلك الفوضى الناتجة من مأساة الهجرة الجماعية إلى أوروبا قبل سبع سنوات من بريطانيا وحلفائها، وكلهم قاموا بخداع بلادنا، التي لم تعترض بعد في مجلس الأمن الدولي ضد منطقة حظر الطيران على ليبيا، تحت تبرير الاهتمام بحماية المدنيين".

بدوره استنكر رئيس مجموعة الاتصال الروسية حول التسوية الليبية ليف دينغوف ما تم نشره في الصحيفة البريطانية، واصفا إياه بأنه لا يمت للواقع بصلة، وأردف بالقول لشبكة الأخبار الروسية  "أر بي كي" :"هذه ليست المرة الأولى التي نواجه فيها هذا الأمر لاسيما حينما تتفاعل روسيا مع أحد الأطراف في ليبيا، ويتم تفسير هذا التفاعل بشكل ملتو وإظهاره على أنه دعم أحادي الجانب".

وأضاف قائلا: "لقد تم تحديد سياسة روسيا تجاه ليبيا، وهي القيام بمهام محددة تخصّ إعادة الروابط الاقتصادية بين البلدين، بالتعامل مع كافة الأطراف المعنية، ولدينا اتصالات وثيقة مع اللاعبين الدوليين الرئيسيين المهتمين بإعادة ليبيا إلى سابق عهدها، وهما فرنسا وإيطاليا فضلا عن اللاعبين الإقليميين".

من جانبها رفضت السفارة الروسية في المملكة المتحدة، ما نشرته  الصحيفة ووصفته بمحاولة جديدة لإلقاء مسؤولية تدمير ليبيا، وتحطيم حياة ملايين الليبيين، على عاتق روسيا التي لم تشارك في هجوم حلف شمال عام 2011، الذي انتقدت انتهاكَه الصارخ عددا من قرارات الأمم المتحدة.