قدمت فرنسا وروسيا ليل الجمعة السبت مساعدات انسانية الى الغوطة الشرقية التي استعادها قوات الجيش السوري، وذلك للمرة الاولى منذ بدء النزاع في هذا البلد في العام 2011.
وأقلعت طائرة شحن روسية ضخمة من طراز “انتونوف 124” تابعة للجيش الروسي وعلى متنها 50 طنا من المعدات الطبية والمواد الاساسية قدمتها فرنسا قرابة الساعة 03,00 (01,00 ت غ) من مطار شاتورو (وسط فرنسا) الى قاعدة حميميم في غرب سوريا، بحسب ما أوضح مدير المطار مارك بوتمين لوكالة فرانس برس.
وهذه العملية الانسانية المشتركة هي الأولى بين دولة غربية وروسيا التي تدعم الرئيس السوري بشار الأسد عسكريا منذ 2015.
وأعلنت الرئاسة الفرنسية في بيان مشترك “في إطار القرار 2401 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، فإن هذا المشروع يهدف الى تحسين إيصال المساعدات الى السكان المدنيين”.
ومن المفترض أن يبدأ توزيع المساعدات السبت باشراف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية (اوشا)، بحسب ما أفاد المصدر نفسه.
– “روسيا كسبت عسكريا” –
وقالت الخارجية الفرنسية ان باريس حصلت من موسكو على “ضمانات” بأن لا يعرقل النظام السوري وصول المساعدات، كما يفعل مع قوافل الأمم المتحدة، وبأن لا يتم تحويل المساعدات او استخدامها لأهداف سياسية.
وأضافت الوزارة إن “الروس تدخلّوا بطريقة حاسمة جدا كي تصدر الأذونات” وكي يتم ايصال المساعدات “في المهل المناسبة”.
وفي غضون بضع ساعات، تم تحميل معدات طبية وخيم وبطانيات وأدوات للطبخ ضمن صناديق كتب على بضعها “مركز الازمات” التابع لوزارة الخارجية على متن طائرة الشحن، بحسب ما أفاد مصور لوكالة فرانس برس.
وبلغت قيمة المساعدة التي قدمتها فرنسا 400 الف يورو. والمعدات الطبية (مضادات حيوية واجهزة انعاش وأمصال وضمادات وغيرها) مخصصة لنحو 500 مصاب في حالة خطيرة و15 الفا آخرين اصاباتهم طفيفة.
وفي آذار/مارس – نيسان/ابريل 2018، شنّ النظام السوري هجوما جويا وبريا مكثفا غير مسبوق على الغوطة الشرقية لدمشق، التي كانت محاصرة لمدة خمس سنوات، وأجبر الفصائل المعارضة على الموافقة، الواحد تلو الآخر، على اتفاقات أعدتها روسيا.
وأسفرت الحملة على الغوطة عن مقتل أكثر من 1700 مدني، وفقا للمرصد السوري لحقوق الانسان. وبحسب عسكريين روس، تم اجلاء أكثر من 160 ألف شخص بين مقاتل ومدني من هذه المنطقة.
وعلق فرنسوا ايسبور رئيس المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن بان فرنسا “تكون بهذه العملية قبلت بواقع ان بشار وروسيا كسبا عسكريا”.
– “ليس هناك سوريون أخيار وآخرون أشرار” –
وتابع ايسبور لفرانس برس “انه نوع من الاقرار بالأمر الواقع″، مضيفا ان “الروس يريدون تكريسا سياسيا لانتصارهم العسكري لكن يجب ان يوافق محاوروهم على ذلك”.
إلا أن باريس تنفي أي تكريس أو اعتراف ب”سلام روسي” في سوريا وشددت وزارة الخارجية على ان الشحنة “ليست عملا سياسيا بل مساعدة انسانية”.
وتابعت الوزارة “مطالبنا ازاء روسيا ورؤيتنا للحل السياسي لم تتغير”، لكن “إذا أردنا حلا سياسيا لا بد من إجراءات تعزز الثقة”.
ويحاول الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون منذ أشهر أن يكون للغرب دور في مساعي الحل السياسي تحت اشراف الامم المتحدة، الا ان العملية تراوح مكانها خصوصا وان النظام السوري أقل ميلا الى التفاوض بما انه يتقدم عسكريا.
كما يمكن ان يطرح تقديم مساعدة فرنسية الى مناطق خاضعة لسيطرة النظام تساؤلات. إلا أن البيان المشترك شدد على انها تجري “وفقا لمبادئ الانسانية والحياد وعدم الانحياز والاستقلالية – في جميع الأراضي السورية من دون استثناء، حيث يجب احترام القانون الدولي الانساني بالكامل”.
وشددت وزارة الخارجية الفرنسية على “اننا وفي ما يتعلق بالمسائل الانسانية لم نحدد ابدا من هم السوريون الأخيار ومن هم الاشرار”، مضيفة ان برنامج الطوارئ البالغ 50 مليون يورو والذي أعلنه ماكرون في نيسان/ابريل يتوجه الى كل سوريا.