تعاني عدد من المستشفيات في زامبيا من نقص في كميات الدم المتاحة، إثر تراجع أعداد المتبرعين، وسط مخاوف من تداعيات ذلك علي حياة ضحايا الحوادث والمرضي الذين يحتاجون لنقل سائل الحياة.

وفي مقابلة مع وكالة الأناضول، قال جوزيف مولينغا، مدير المجلس الوطنى لجهاز نقل الدم في زامبيا: "في الوقت الراهن، تحتاج زامبيا إلى ما يقدر بنحو 130 ألف وحدة دم سنويا، ولكن تمكنا فقط من جمع 108 آلاف وحدة (كيس)، ما يخلف عجزا 22 ألف وحدة (كيس)".

وعزا "مولينغا" تراجع إمدادات الدم إلى تقلص عدد الأشخاص الذين يتطوعون للتبرع بالدم.

وللسبب عينه، تشتكي كل المستشفى "الجامعي التعليمي"، ومستشفى "ليفي مواناواسا"، وهما اثنان من أكبر مستشفيات الإحالة في البلاد، من انخفاض مخزونات الدم.

وحذّر "مولينغا" من أن الوضع أسوأ في مستشفيات أخرى، وذلك بسبب انخفاض عدد المتبرعين، وأشار إلى أن الوارد من تبرعات الدم لا يغطي الخارج من بنوك الدم في البلاد.

وأوضح أنه "في حين أنه في الوقت الذي تمس حاجة عدد كبير من الناس إلى نقل الدم بشكل يومي، الكثير من الأشخاص لا يتبرعون بالدم".

وأشار المسؤول الزامبي، إلى أن المستشفيات بحاجة إلى متطوعين للتبرع بالدم وإنقاذ أرواح الأشخاص من موت غير مبرر، ولكن بعض الأمراض المعدية، بما فيها الإيدز والتهاب الكبد الفيروسي، تمنع المتطوعين المحتملين من التبرع خوفا من الإصابة بالعدوى بشكل عرضي.

من جانبه، أكد فرانسيس ماندا، وهو طبيب مسالك بولية في المستشفى الجامعي التعليمي، أن البلاد تعاني أزمة نقص الدم.

وأوضح "ماندا" في حديث لوكالة الأناضول أن "السبب في هذا النقص هو انتشار فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز)، حيث يتم رفض معظم الدم الذي يتبرع به بعد الفحوصات ولالختبارات الطبية، ونحن نفعل كل ما بوسعنا، لاحتواء الموقف".

أما "تشاريتي داكا"، (27 عاما)، وهي طالبة في كلية "إيفلين هون" المملوكة للدولة، فأعربت عن خشيتها من التبرع بالدم، لأنه في بعض المستشفيات، على حد قولها، تدار هذه العملية من قبل أفراد غير مؤهلين.

وقالت في حديث لوكالة الأناضول: "اعتدت التبرع بشكل منتظم حتى علمت أن بعض الأشخاص الذين يديرون عملية التبرع ليسوا مؤهلين فعليا، فتوقفت (عن التبرع) لأنني أخشى الإصابة بالعدوى".

وبدوره توقف "سيبريان موليوكيلا"، وهو طالب، عن التبرع بالدم لأنه يعارض فكرة الفحص الطبي، وقال في حديث لوكالة الأناضول: "في الماضي، كانت هذه الأمور (الفحوصات) لا تحدث، ولكنها أصبحت أشد صرامة".

وأضاف: "من الأفضل التوقف عن التبرع بالدم بدلا من انتظار أن يتم إبلاغي أن دمي مصاب بالعدوى".

وعلى غرار آخرين، توقف "فيليكس موسوندا"، (49 عاما)، وهو مدرس بمدرسة "أولمبيا بارك" الثانوية، عن التبرع بالدم، لأنه سمع أنه كان يباع بأسعار مبالغ فيها للمرضى في بعض المستشفيات.

وأشار إلى أنه، ذات مرة طلب منه المسؤولون في المستشفى الجامعي التعليمي شراء الدم، لزوجته التي تم تشخيص إصابتها بمرض "أنيميا" (فقر الدم).

وقال "موسوندا" في حديث لوكالة الأناضول: "رغم أنني كنت متبرعا منتظما، لم يكن لدي أي خيار سوى شراء الدم في بمبلغ 500 كواشا زامبي (حوالي 71 دولار) لإنقاذ زوجتي المريضة".

وأضاف غاضبا: "لماذا يجب علينا أن ندفع مقابل الدماء التي نتبرع بها مجانا؟ توقفت عن التبرع بالدم، ولا أخطط للتبرع في المستقبل القريب".    

"مولينغا" لفت إلى أن الطلب المحلي على الدم يتزايد بشكل كبير في ظل انتشار حوادث الطرق.

ووفقا للإحصاءات الصادرة عن "جهاز سلامة الطرق" في زامبيا، يسقط ضحية حوادث الطرق أكثر من 1900 شخص سنويا.

وأردف المسؤول: "إذا لم يتلقى الناجون من حوادث الطرق دما سليما، فإنهم يتعرضون لآلام مبرحة، يمكن أن تؤدي إلى الوفاة".

وبين أن الأشخاص الآخرين الذين يحتاجون إلى عمليات نقل يشملون الأطفال الذين يعانون من فقر الدم الناجم عن الملاريا، ومرضى السرطان والنساء في المخاض.

وتظهر السجلات الحكومية أن 28% من بين 1923 شخصا، كانوا يحتاجون إلى عمليات نقل الدم، عجزوا عن الحصول عليها، ما أسفر عن وفاة نصفهم في نهاية المطاف.

وحث مولينغا، وزارة الصحة في بلاده على معالجة الأزمة على الفور، والتوصل إلى طريقة أكثر استدامة لضمان إمدادات دم مستمرة.

واختتم حديثه قائلا: "إن البلاد يجب أن تتحسن إذا ما أردنا تجنب الوفيات غير الضرورية التي يمكن الوقاية منها عن طريق نقل الدم".