زلزال كبير هز الساحة السياسية والحقوقية في تونس بصدور الأحكام الاستئنافية في قضايا شهداء الثورة وجرحاها والتي انتهت الى إطلاق سراح القيادات الأمنية في العهد السابق بعدما صدور أحكام بنفس  المدة المقضاة في السجن ، ثلاثة أعوام ، الزلزال دفع بعشرين نائبا في التأسيسي من مختلف الأحزاب الى تعليق عضوياتهم في المجلس الى حد تشكيل هيئة الحقيقة والكرامة التي نص عليها قانون العدالة الانتقالية ، في حين أعلن النائب عن حزب نداء تونس محمد علي نصري استقالته من حزبه احتجاجا عن موقفه من الأحكام الموصوفة بالصادمة الخاصة بقضايا شهداء الثورة وجرحاها ٠

ومن جهة أخرى تمت الدعوة الى مسيرة شعبية واسعة ظهر الأربعاء في العاصمة تونس للتنديد بالأحكام وبمهزلة القضاء العسكري مثلما أكد أهالي الشهداء والجرحى و محاموهم وبعض الجمعيات التي تناصرهم ، والتي تعمل الضغط على الحكومة من خلال عديد التظاهرات والمؤتمرات التي تم تنظيمها اضافة الى الاعتصام بالمجلس الوطني التآسيسي ظهر الثلاثاء ٠

رئيس الجمهورية منصف المرزوقي ، الذي كان عبر عن صدمته من قرار المحكمة العسكرية بادر اليوم الثلاثاء الى إقالة مدير القضاء العسكري والتقى وزير الدفاع ، غازي الجريبي ، وألح عليه لتعقيب ونقض الأحكام الصادرة عن محكمة الاستئناف العسكرية ، قبل أن يستقبل وفداً من أعضاء المجلس التأسيسي يمثلون مختلف كتله والأحزاب الممثلة به مستمعا الى مقترحاتهم في هذا الشأن ٠

المجلس الوطني التأسيسي وتحت ضغوط من هنا وهناك سارع الى نفض الغبار عن مشروع قانون مودع لديه قبل عام ينص على احداث محاكم خاصة للنظر في قضايا شهداء وجرحى الثورة ٠

وتعالت الأصوات القانونية والحقوقية الى سحب القضايا من القضاء العسكري وإحالتها الى القضاء العدلي المدني والى تعديل القوانين المنظمة للقضاء العسكري ٠

وانقسم الشعب التونسي الى جزئين بين متهم بوجود صفقة سياسية وراء إطلاق سراح القيادات الأمنية وبين رافض للمس من استقلالية القضاء التي يحميها دستور الثورة ويرون أن الجدل يجب أن يبقى قانونيا في أروقة المحاكم ولا يمكن أن ينزل الى الشارع ويكون تحت يافطات سياسية٠

حدث انقسام بين من اعتبر أن القضاء العسكري أصدر أحكامه وفق ما جاء في الملفات وأنه لم يجد أدلة ثابتة تدين المتهمين في قتل الشهداء أو إعطاء الأوامر بقتلهم أو جرح المتظاهرين ، وبين من يرى أن المحامين القائمين بالحق الشخصي قدموا للمحكمة عشرات الوثائق والاختبارات التي تدين المتهمين .

الى جانب عمليات الضغط السياسي في شكل بيانات ومؤتمرات وتظاهرات احتجاجية في الشوارع وأمام مقري رئاسة الجمهورية والمجلس التأسيسي فان النيابة العسكرية بادرت الى تقديم مطلب لنقض الحكم و مثلها فعل محامو عائلات الشهداء والجرحى علما وأن النقض في الأحكام العسكرية إمكانية جاءت بعد الثورة وتحديدا عبر مرسوم صدر في يوليو 2011 ٠

وأعلنت النيابة العسكرية أن القضاة الذين أصدروا الأحكام " لا يخضعون في قضائهم الا للقانون ولضمائرهم " ودعت الى " النأي بالقضاء العسكري عن التجاذبات أيا كانت الغاية منها واستغلال الأحكام الصادرة وصداها للتشكيك في نزاهة جهاز القضاء العسكري بآكمله"

اختلاف الرأي برز بين رئيسة نقابة القضاة ورئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء التي احتجت على المس باستقلالية القضاء ورأت أن القضاة تعاملوا مع ملف وليس ضد آشخاص ومتهمين ٠