لا يزال الملف الليبي يحظى بأهمية لدى الفرنسيين رغم انشغالهم بالمشاكل الداخلية في الأسابيع الأخيرة، كن ذلك الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي إلى مصر والتي مثلت ليبيا محورا رئيسيا من ملفاتها خاصة أن باريس تخوض صراعا مع إيطاليا حول الملف لما يمثله من ثقل اقتصادي وسياسي. ومن أول الملفات المفتوحة في اجتماع القاهرة هو ملف مكافحة الإرهاب الأبرز حيث اتفق ماكرون والسيسي على التعاون المشترك بقوة ودعم الأطراف التي تقاتل الإرهاب في المنطقة، خاصة وأن ليبيا ومصر من الدول التي تخوض حربا ضروسا ضده.

امتد التنسيق الفرنسي المصري لسنوات بخصوص الملف الليبي حيث طورت باريس والقاهرة علاقات اقتصادية وعسكرية قوية في السنوات الأخيرة. وتحسنت العلاقات مع وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى السلطة في ظل قلق الجانبين من الفراغ السياسي الحالي في ليبيا وتواصل خطر الإرهاب في البلدين الجارين.

حيث صرح وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان في زيارة لمصر سنة 2017 أن فرنسا ومصر لديهما رؤية مشتركة بشأن كيفية التصدي للإسلاميين المتشددين.  وكان يتحدث عقب اجتماعات في القاهرة منها اجتماع مع السيسي الذي بدأت علاقته به أثناء عمله السابق وزيرا للدفاع.

وفي هذه الظرفية من احتدام الصراع الفرنسي الإيطالي حول الملف الليبي تطرح زيارة ماكرون للقاهرة أكثر من تساؤل خاصة و أن مصر تمثل دولة جوار قوية جدا و مؤثرة في المنطقة بأسرها.

يرى السفير رخا احمد، نائب وزير الخارجية السابق و عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية تصريحات لـ"مصراوي"، أن من بين أسباب زيارة ماكرون للقاهرة، بحث الملف الليبي، على أساس أن باريس تطمح في إعادة الإعمار، وبالتالي التقرب من القاهرة حليفة المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الليبي، والمسيطر على أجزاء كبيرة من بلاده، يمكن أن يكون وسيلة لذلك.

وأوضح رخا احمد، أن إيطاليا ليست بغريبة عن ليبيا، نظرًا لأن لها تأثير ثقافي خلال فترة الاحتلال، بالإضافة إلى العلاقات الاقتصادية بين البلدين.

فيما أكدت "فرانس برس"، أن أكبر خطأ ارتكبه ماكرون جعل الملف الليبي مجالاً للمنافسة وليس للتكامل، هو مؤتمر السلام في باريس، الذي جرت فعالياته في العام 2017، لأنه عقد دون استشارة إيطاليا، وتم تجاهلها بالكامل، مبررة في الوقت ذاته محاولة روما الانفراد بطرابلس، بأنها تحرس بغيرة نفوذها التاريخي في البلاد ومصالحها الاقتصادية.

في هذا الإطار، يجزم مراقبون أن فرنسا تحتاج الى مصر لترجيح كفتها في الساحة الليبية خاصة وأن القاهرة تعتبر اليوم حليف للجيش الليبي وهو الطرف الأقوى في المعادلة السياسية والميدانية الليبية.

في هذا الإطار،فإن الدور الإيطالي مرفوض بشكل كبير لدى المشير خليفة حفتر، الذي رفض المشاركة في مؤتمر باليرمو الذي عقد 12 نوفمبر الماضي، واكتفى بالمشاركة في جلسات جانبية عن الأمن و هو ما يرجح كفة باريس.

ويرى متابعون أن الصراع بينهما في ليبيا، هو صراع مصالح وحمايتها، وليست من بسبب اختلاف رؤى من أجل استقرار ليبيا، الاستقرار الذي ليس ضمن أجندة قادة البلدين، خاصة أن إيطاليا تتعاون مع الإسلاميين وتريد أن يتسلم الإخوان السلطة، ولكون الانتخابات في الوقت الحالي، ليست في مصلحة جماعة الإخوان، ولهذا السبب تقوم إيطاليا بالتحرك الدولي والتأثير والضغط لتأخيرها، ةعلى هذا لم توافق على ما تمخض عنه مؤتمر باريس بإجراء انتخابات في ليبيا، ليس فقط لمناكفة فرنسا كعادتها، ولكن لمعرفتها المسبقة بخسارة جماعة الإخوان، التي تقاطعت مصلحة إيطاليا معها، فسعت إلى تمكينها من حكم ليبيا.