مدينة سرت الساحلية الليبية، هي مسقط رأس العقيد الراحل معمر القذافي، وقد قتل فيها بمساعدة طائرات فرنسية ضمن خطة أطلسية متكاملة شاركت فيها قوى إقليمية ودولية. تقع في الوسط الساحلي لليبيا وهي بوابة استراتيجية لموانئ تصدير النفط، واليوم هي في قلب التوترات بين القوى المتنافسة محليا والقوى الإقليمية.
قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي السبت 2 يونيو إن سرت والجفرة إلى الجنوب يمثلان "خطًا أحمر" لا يجب على القوات المدعومة من تركيا تجاوزه. وتصريح السيسي هناك يفهم للأهمية التي تحضى بها تلك المنطقة سواء داخل الخريطة الليبية المنفتحة شرقا نحو مصر وما يمثله ذلك من خطر عليها في صورة تقدّم أكثر للوفاق وحلفائها، سواء في علاقة بحقول الإنتاج التي لا تبعد إلا مسافة قليلة عليها.
ونجح الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، الذي يسيطر على معظم شرق ليبيا، في السيطرة على سرت في كانون الثاني / يناير الماضي بعد أشهر من شن هجوم على العاصمة طرابلس التي تعتبر قاعدة حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من قبل الأمم المتحدة.
وقبل أيام تعهدت قوات الوفاق بإعادة السيطرة على سرت، آخر مركز رئيسي يفصل بين غرب ليبيا وشرقها، لكنها تصريحات تبقى رهينة التدخلات الإقليمية التي قد يكون لها دور حاسم في إيقاف الصراع الدائر منذ أكثر من سنة غرب البلاد.
الأهمية الاستراتيجية
تقع سرت على ساحل البحر المتوسط في منتصف الطريق تقريبًا بين طرابلس غربا ومدينة في الشرق، على بعد 150 كيلومترًا غرب محطات تصدير النفط الرئيسية في ليبيا. وهي أيضا على بعد 300 كيلومتر (190 ميل) فقط من شواطئ إيطاليا.
وتكمن أهمية سرت في موقعها الجغرافي تاريخيا حيث فصلت المنطقة الصحراوية المقاطعات الرومانية عن اليونانية. وهي أهمية حافظت عليها إلى اليوم للأسباب المذكورة سلفا.
2015 وتمركز الجهاديين
بعد الإطاحة بالقذافي في التحولات المدعومة من الناتو في 2011، تُركت سرت إلى مهملة حتى سقطت على يد داعش في يونيو 2015. ورفع العلم الأسود للجهاديين فوق المباني العامة، وطاف مقاتلوهم الشوارع في شاحنات صغيرة للتحقق من أن الناس كانوا يصلون في الأوقات الصحيحة وأن النساء لا يخرجن من المنزل دون محرم.
في كانون الأول / ديسمبر 2016 ، نجحت قوات فجر ليبيا التابعة لحكومة الوفاق مدعومة بالطائرات الأمريكية من طرد إرهابيي داعش من المدينة بعد ستة أشهر من القتال العنيف. وشنت الطائرات الحربية والطائرات بدون طيار والمروحيات الأمريكية أكثر من 460 غارة.
التعداد السكاني
تألفت سرت من عدة قرى منتشرة على طول الساحل مع غالبية سكان الريف، بما في ذلك مربو الماشية والمزارعون وعدد قليل من الحرفيين. ينتمي معظم سكانها إلى قبائل مختلفة، مثل القذاذفة التي ينحدر منها العقيد الراحل، وورفلة الذين يمتدون إلى عدة مناطق غربا، وقبيلة الفرجان التي يعود إليها المشير خليفة حفتر إضافة إلى قبائل أخرى استقرت في المنطقة على فترات متعاقبة.
تقول بعض المصادر أن عدد سكانها إلى حدود تحولات 2011 كان حوالي 120 ألفا، ولكن بعد سنوات من الصراع لم يبق منهم سوى حوالي 50 ألفا، بسبب التهجير الذي تعرض له عدد كبير من أهلها سواء بسبب حرب الناتو وما أعقبها من فوضى أمنية، سواء بعد دخول داعش وتشريده للعديد من العائلات.
المصدر: Afp