في الوقت الذي يسوّق نفسه كأحد الدعاة إلى السلام وحقن الدماء في ليبيا، يواصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان،  تعزيز وجوده ونفوذه العسكري في ليبيا من خلال المرتزقة وعناصر التنظيمات الجهادية، للقتال في صفوف حكومة الوفاق في محاولة لتأجيج الصراع في البلاد والإبقاء على حالة الفوضى والعنف التي تعانيها منذ سنوات جراء انتشار المليشيات المسلحة التي تسيطر على مؤسسات الدولة.

مرة أخرى يخرج الرئيس التركي بتصريحات متناقضة تكشف نواياه المبيتة في ليبيا،حيث زعم أردوغان في مقال في صحيفة بوليتيكو الأوروبية، نشرته السبت، أن "الطريق المؤدي إلى السلام في ليبيا يمرّ عبر تركيا".مشددا على أن بلاده "ستقوم بتدريب قوات الأمن الليبية والمساهمة في قتالها ضد الإرهاب والاتجار بالبشر".

ووجه الرئيس التركي في مقاله تهديدا واضحا للأوروبيين، قائلا إنه في حال سقوط حكومة فائز السراج التي يدعمها في طرابلس، فإن القارة العجوز ستواجه مشكلات ضخمة مثل الهجرة والإرهاب.وأضاف "ستجد منظمات إرهابية على غرار تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة، اللذان تعرّضا لهزائم عسكرية في سوريا والعراق، أرضًا خصبة للوقوف مجدداً على قدميهما".

 واعتاد أردوغان استعمال أسلوب الابتزاز في حديثه مع الأوروبيين، خاصة فيما يتعلق بمسألة اللاجئين حيث يثير أردوغان هذه القضية كلما ضيق عليه الأوروبيون حين ينتقدون سياساته.ويدرك الرئيس التركي حجم المخاوف الأوروبية من موجات هجرة جديدة فيما تعيش أوروبا على وقع انقسامات حادة على خلفية هذه القضية.

ويبدو أن اختيار أردوغان لاطلاق تحذيراته هذه ليس وليد الصدفة حيث يتزامن مع وضع المسات الأخيرة للمؤتمر الدولي الذي تستضيفه العاصمة الألمانية برلين،الأحد،لبحث الأزمة الليبية ومحاولة التوصل الى تسوية للصراع الائر في البلاد منذ أشهر وذلك بمشاركة طرفي النزاع الليبي والقوى الإقليمية والدولية.




ويشير مراقبون الى أن أردوغان يحاول الضغط على الدول الاروبية لكف الانتقادات حول مخططاته الاستعمارية في ليبيا ومساعيه المتواصلة لتأجيج الصراع في البلاد أملا في تثبيت حلفائه من تيار الاسلام السياسي وعلى رأسه جماعة "الاخوان" في السلطة بما يضمن استمرار نهبه لثروات ليبيا وتمرير أجنداته في المنطقة وهو ما أثار غضبا كبيرا لدى العديد من الدول الاقليمية والدولية التي انتقدت اتفاقيات أردوغان الأخيرة مع حكومة الوفاق.

 





وفي الوقت الذي يزعم فيه محاولات احلال السلام في ليبيا،يواصل نظام أردوغان استغلال الهدنة القائمة منذ أيام في طرابلس،لمزيد الدفع بلمرتزقة والعناصر الارهابية التي يقوم بنقلها من سوريا الى ليبيا،حيث أعلن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن ارتفاع عدد مرتزقة أردوغان في ليبيا إلى 3600 شخص.

وقال عبد الرحمن في تصريح خص بوابة إفريقيا الإخبارية بنسخة منه أن "دفعة جديدة من المرتزقة ضمن فصائل الجيش الوطني وفيلق الشام جرى نقلها إلى ليبيا خلال الساعات الفائتة، وذلك عبر طائرة خاصة من غازي عنتاب نحو اسطنبول ومنها إلى ليبيا، حيث تتوجه الطائرات على شكل رحلات داخلية وهمية، ولا يتم العبور من الحدود الرسمية كي لا يتم تقديم ثبوتيات عن الواصلين في حال أرادت المحكمة الدولية فتح تحقيق بالأمر".

وأكد المرصد أنه مع إرسال الدفعة الجديدة يرتفع "عدد المجندين الذين وصلوا إلى العاصمة طرابلس حتى الآن إلى نحو 2100 مرتزق، في حين أن عدد المجندين الذي وصلوا المعسكرات التركية لتلقي التدريب بلغ نحو 1500 مجند، وسط استمرار عمليات التجنيد بشكل كبير سواء في عفرين أو مناطق درع الفرات".

وكان اللواء المبروك الغزوي، آمر مجموعة عمليات المنطقة الغربية،أكد إن تركيا لا تزال ترسل مرتزقة لدعم المليشيات الإرهابية في طرابلس لعرقلة تحركات الجيش من تحرير العاصمة.وقال الغزوي في تصريحات صحفية،الخميس، أن تحريات القوات العامة المسلحة أفادت بمعلومات مؤكدة بأن الجسر الجوي الذي ينقل المرتزقة السوريين من تركيا لمطار معيتيقة لم يتوقف حتى بعد إعلان الهدنة.




وتثير التحركات التركية في ليبيا مخاوف من اعادة احياء تنظيم "داعش" الارهابي حيث حذرت تقارير إعلامية من استغلال التنظيم لتوقف معركة طرابلس على خلفية اتفاق وقف إطلاق النار بين أطراف الصراع، لاستعادة نشاطه في ليبيا، في الوقت الذي سجلت فيه أوساط عسكرية أميركية ارتفاعا في عدد عناصر التنظيم بالتزامن مع إرسال تركيا مرتزقتها إلى البلد.

ونقلت صحيفة "مورنينغ ستار" البريطانية اليومية أن تركيا باتت متهمة الآن بالمساعدة بعودة ظهور داعش في ليبيا عن طريق نقل المتشددين من سوريا لمساعدة حكومة الوفاق في القتال من أجل السيطرة على البلاد.وجاء ذلك وفقًا للصحيفة بعد أيام من تحذير العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني قبيل مؤتمر للناتو من أن تنظيم داعش في تقدم بليبيا، وأصبح الآن أقرب إلى شواطئ أوروبا..

واعتبرت الصحيفة أنه من المعروف الآن أن ما يقرب من 2000 من القوات التي أرسلتها تركيا إلى ليبيا هي مجموعة متنوعة من الفصائل الجهادية التي تدعمها تركيا في سوريا.وأوضحت الصحيفة أن هؤلاء المرتزقة يتم الدفع لهم من قبل حكومة الوفاق عبر عقود مدتها 6 أشهر مع وعد بالجنسية التركية، ما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت أموال الأمم المتحدة تُستخدم لتمويل الجماعات الإرهابية.




وتشكل عودة "داعش" خطرا يتجاوز حدود ليبيا،حيث كشف مدير ادارة التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة العربية الليبية العميد خالد المحجوب لبوابة افريقيا الاخبارية عن بد عمليات التنسيق لرحلات هجرة غير شرعية  نحو الشواطئ الاوروبية  لعناصر من داعش والمرتزقة السوريين الذين وصلوا  الى ليبيا. 

وأكد المحجوب ان القوات المسلحة الليبية رصدت من خلال مصادرها عمليات تنسيق تجري الان في المنطقة الغربية  لتجميع مرتزقة  وارهابيين سوريين وصلوا مؤخرا ونقلهم الى اوروبا عبر وضعهم في مجموعات الهجرة غير الشرعية لانخفاض تكلفة النقل ودرجة الامان عبر هذه الطريق وانعدام الضوابط.مشيرا الى ان خطر الارهابيين بات الان اقرب الى اوروبا عبر الهجرة غير الشرعية من خلال تجمعهم في مناطق تسيطر عليها مليشيات الارهابيين وتتواجد بها عصابات المتاجرة بالبشر.

  ويخوض الجيش الوطني الليبي منذ أبريل الماضي حربا ضد الإرهاب والميلشيات،وأمام ما حققه الجيش من مكاسب كثفت تركيا من مساعيها لمحاولة دعم حلفائها واستمرار بقائهم في السلطة دمة لأجنداتها.وسارع نظام أردوغان لاستغلال توقيع مذكرتي تفاهم مع حكومة السراج لشرعنة محاولاته غزو ليبيا وتحقيق أطماعه في المنطقة وهو ما قوبل برفض محلي ودولي واسع.

وتتواصل التحركات الشعبية في ليبيا لمواجهة الغزو التركي الذي يهدد البلاد،وشهدت مدينة سرت مساء الجمعة ،خروج مظاهرة حاشدة ،ندد خلالها المشاركون بالتدخل التركي في ليبيا ودعم أردوغان للجماعات المسلحة والمتطرفة في طرابلس.ورفع المتظاهرون شعارات منددة بسياسات أردوغان في ليبيا وتهديداته المتكررة لغزوها، كما أكدوا خلال المظاهرة، على دعمهم للقوات المسلحة لتحرير العاصمة وكامل تراب الوطن من المليشيات والتنظيمات المتطرفة.

ومن جهته أعلن شيخ قبيلة الزوية العمدة السنوسي الحليق الزوي "انطلاق حراك إغلاق الحقول والمواني النفطية"، مؤكدا أن "الحراك يهدف لتجفيف منابع تمويل الإرهاب بعوائد النفط وكذلك للمطالبة بإعادة مؤسسة النفط لمقرها في بنغازي".واتهم شيخ القبيلة حكومة الوفاق باستخدام إيرادات النفط لدفع أجور لمقاتلين أجانب ومرتزقة.



وأعلن مجلس مشايخ ترهونة ،في بيان له ،أنه يدعم غلق الحقول النفطية لحين إنهاء التدخل التركي ،مستنكرا بأشد عبارات ما تقوم به حكومة اللاوفاق في طرابلس من جلب للمرتزقة وبيع لسيادة الوطن بأموال الشعب الليبي،وإهدار للمال العام الذي يتحصل عليه من بيع براميل النفط، الذي قامت القوات المسلحة العربية الليبية بتأمينه قبل سنتين 

ودعا المجلس كافة القبائل الليبية أن تلتحم بالقبائل العربية في شرق ليبيا،للوقوف صفا واحدا في حماية مقدرات البلاد مما أسماه "حكومة المليشيات وعبثها وخيانتها المعلنة للوطن".وحيي المجلس "جهود القوات المسلحة العربية الليبية في حربها على الإرهاب والمليشيات ودواعش المال العام، ومقارعتها اليوم لمرتزقة اردوغان المعتوه،مؤكدا تلاحمه مع القبائل العربية في المنطقة الشرقية في قيامهم بقفل أنابيب الحقول النفطية في الهلال النفطي، إلى أن يتم القضاء على مثلث الشر والفساد في ليبيا، وتأمين كامل البلاد، وطرد مرتزقة المعتوه أردوغان من على تراب ليبيا الطاهر".



ويحاول الرئيس التركي استغلال الهدنة في ليبيا من أجل إعادة ترتيب أوراقه على ضوء هزائم القوات الموالية لحكومة الوفاق ومقتل المزيد من المرتزقة السوريين الذين أرسلتهم تركيا لغرب ليبيا.ومثلت مغادرة قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر موسكو قبل التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار،ضربة موجعة لمخططات أردوغان الذي كان يسعى على ما يبدو لكسب الوقت من خلال المشاورات في موسكو، لإعادة ترتيب أوراق تحركاته الاستعمارية في ليبيا.

وتستعد العاصمة الألمانية الأحد 19 يناير/كانون الأول،لاستضافة مؤتمر حول ليبيا في محاولة للتوصل إلى حل سياسي للنزاع.ووجهت برلين دعوات إلى 11 دولة للمشاركة في المؤتمر وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وتركيا وإيطاليا ومصر والإمارات والجزائر إضافة إلى أطراف النزاع الليبي

ويهدف المؤتمر لترسيخ الهدنة الميدانية ومنع التدخلات الأجنبية، لا سيما عبر تقديم الدعم العسكري.وقال المبعوث الخاص للأمم المتحدة غسان سلامة في مقابلة مع وكالة فرانس برس، اليوم السبت، من برلين،"كل تدخّل خارجي يمكن أن يكون له تأثير مهدئ على المدى القصير"، في إشارة خصوصا إلى وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ في ليبيا، الأحد الماضي.وأضاف:"لكن ليبيا تحتاج إلى وقف كل التدخلات الخارجية. إنه أحد أهداف مؤتمر برلين"، معتبرا أن تدخل القوى الخارجية "يعمق الانقسامات بين الليبيين".




ويعي الليبيون الخطر الذي تمثله أطماع أردوغان الاستعمارية التي عانى ويلاتها الشعب الليبي ابان الاحتلال العثماني والذي تلاه الاحتلال الايطالي وشهدت المدن الليبية مظاهرات شعبية تنديدا بالغزو التركي كما أكدت القبائل الليبية في بياناتها الوقوف ضد محاولات أردوغان تحويل ليبيا لايالة تركية.ويؤكد متابعون للشأن الليبي أن مزاعم أردوغان حول السلام في ليبيا لن تنطلي على الليبيين الذين سيقفون بالمرصاد ضد مخططاته ولن يسمحوا باحتلال أرضهم ونهب ثرواتهم.