سلطت الإعلامية والسياسية البحرينية سميرة رجب، الضوء على موضوع دور المؤسسات الثقافية في بناء الشخصية.

وقالت رجب، في ورقة تحليلية، إن التطرق إلى تحليل دور المؤسسات الثقافية في بناء الشخصية، يتطلب تحديد بعض المعطيات والمفاهيم الضرورية التي من شأنها تأطير هذا الدور وإبراز أهمية العلاقة بين الثقافة والشخصية، وتفسير العوامل التي قد تُؤثر في نجاح هذا الدور المهم من عدمه، لافتة إلى أن "الثقافة ليست مكونا أو مجموعة من المكونات الستاتيكية (الثابتة)، بل تتأثر داخليا وخارجيا طبقا للمتغيرات المحلية والعالمية التي أصبحت تلعب الدور الأساس في التأثير على بناء الشخصية، ممّا يرمي العبء الأكبر على المؤسسات الثقافية والإعلامية في المساهمة في صقل وتعديل وإحاطة عملية بناء الشخصية".

حرب الثقافات والمعلومات.

وأوضحت الإعلامية والسياسية البحرينية، أن ما يسمى بالصناعات الثقافية المتمثلة في صناعة الأفلام والمسلسلات والبرامج الإذاعية والتلفزيونية والأخبار والمضامين الإعلامية الرقمية الجديدة، هي في الواقع مؤسسات ثقافية تتربع على عرشها كبريات شركات الصناعات الثقافية العالمية، وتقوم بالأساس ببيع منتجات إعلامية، لكنها أيضا تصقل عقول الناس ثقافيا وفكريا ضمن اتجاهات مختلفة من خلال المنتجات التي تبثها وتنشرها حول العالم بلغات مختلفة، قائلة "إذا ما ألقينا نظرة بسيطة على تطور السلوك الهش الخالي من القيم الإنسانية والوطنية في مجتمعاتنا العربية، فسنجده بالضرورة متأثر تأثرا بالغا بقيم مشاهير الأفلام والمسلسلات الغربية وخاصة منها الأمريكية. وهذا نتاج واضح لتأثير المؤسسة الإعلامية، في شكلها الثقافي، على تشكّل وبناء الشخصية العربية".

وبينت رجب، أن هناك دور كبير أكثر خطورة في تشكيل وبناء الشخصية من خلال المؤسسات الثقافية التي تعمل في مجال صناعة الأخبار، قائلة "الأخبار كصناعة إعلامية وثقافية، تشكل الرأي العام لا محالة وتصنع اتجاهات الرأي العام المحلي والدولي كما يحلو لها. والدليل على ذلك أن وكالات الأنباء العالمية والمؤسسات الإعلامية الثقافية الأخرى، أقنعتنا، من خلال برامجها الإخبارية، بأننا إرهابيين وأن الإسلام معاد لحقوق الإنسان والمبادئ الإنسانية الكونية، وأن الغرب هو حصن السلام واحترام حقوق الإنسان، في حين أن التاريخ يثبت العكس، إذ لم يشهد العالم حروب عالمية، وبربرية ووحشية ودموية وعنصرية، أكثر ممّا شهدها على يد الغربيين أنفسهم في مناطق عديدة حول العالم بما فيها آسيا وأفريقيا والأميركتين وبالخصوص ما عانته بلداننا العربية من الاستعمار والغزو اللاشرعي".

وفي السياق ثمنت رجب، دور المؤسسات الثقافية والإعلامية في عملية بناء الشخصية وتطويرها، قائلة" هذا الدور الذي يفترض أن يقام ضمن عدد من المبادئ من بينها الإيمان القاطع بأن مستقبل البلاد العربية وغيرها من البلدان، يكمن أساسا في بناء الإنسان العربي، الذي يكون فيه بناء الشخصية الحلقة الأساس، والعمل على توحيد السلوك المجتمعي ضمن رؤية تتشبث بالأصالة وتحترم الثوابت الوطنية وتنفتح على الخارج، والتنسيق الكامل مع استراتيجية الدولة في صياغة السلوك المجتمعي الذي من المفترض أن يركز على الهوية الوطنية، والخروج من مظلة العشائرية والطائفية والقبلية، لصالح العمل الوطني الذي لا يأخذ بعين الاعتبار هذه العناصر المكبّلة والمشوّشة والمفرّقة ضمن عملية بناء شخصية الإنسان العربي، إضافة إلى العمل بالتوازي ضمن فلسفة التعاون والتكامل مع المؤسسات المجتمعية الأخرى التي لا يقل شأنها عن المؤسسات الثقافية، وهنا نقصد بالذات المؤسسة التربوية والمؤسسة الإعلامية، والعمل على إقناع جميع قطاعات المجتمعات العربية، بالوسائل المباشرة وغير المباشرة، بضرورة تضافر الجهود وتوفير أنواع الدعم المادي والمعرفي لبناء الشخصية الوطنية، خدمة للمصلحة الوطنية العليا".