يتوافد السياح بأعداد كبيرة صيف كل عام، على محمية “ماساي مارا” ذات الشهرة العالمية الواقعة في الجزء الجنوبي الغربي من منطقة وادي الاخدود  العظيم في كينيا، لمشاهدة الهجرة السنوية للحيوانات من تنزانيا إلى كينيا، التي تعرف باسم “الهجرة الكبرى”.وفي تصريح لوكالة الأناضول، قال كبير حراس محمية “ماساي مارا”، جيمس أوليه سينتيو، إن “السياح يصلون بأعداد كبيرة من أوروبا والولايات المتحدة والصين وشبه الجزيرة العربية”.وأشار إلى أن “ماساي مارا”، التي تحولت لأول مرة إلى محمية في عام 1948 خلال حقبة الحكم الاستعماري البريطاني، يوجد بها أكثر من 100 فندق ونزل”.

وأضاف سينتيو “من بينها (الفنادق) خمسة، وأربعة وثلاثة نجوم، وتحتوي على تجهيزات مثل أماكن العرض الخاصة، وبالونات الهواء الساخن ومهابط الطائرات، وينتشر حولها خيام ومعسكرات مفروشة بالكامل”.وتظهر الإحصاءات الرسمية أن فنادق “ماساي مارا” التي تبلغ سعتها نحو 8000 سرير محجوزة لمدة 4 أشهر قبل أن تحل الظاهرة السنوية (هجرة الحيوانات).سينتيو قال: “ما يقرب من ثلاثة أرباع الفنادق يملكها كينيون، في حين تتوزع النسبة الباقية على مالكين من مواطني جنوب أفريقيا وبريطانيا”.وتبدأ الهجرة العظمى في مطلع شهر يوليو/ تموز وتنتهي في أكتوبر/ تشرين أول، وتشمل أكثر من مليوني حيوان ثيتل أفريقي (ثور أفريقي)، إلى جانب مع ما يقرب مليون من الحيوانات الأخرى.

كل عام، عندما تتحول سهول “سيرينجيتي”، و”نجورونجورو” في تنزانيا المجاورة إلى مناطق قاحلة، يبدأ سكانها من حيوانات الثيتل الأفريقي بشكل غريزي مسيرتهم الطويلة شمالا.وتعبر الحيوانات نهري غرومتي ومارا إلى سهول محمية “مارا ماساي” في مقاطعة ناروك الكينية، ويتقدمون بما يشبه ماكينات جز العشب (قص الحشائش) متزامنة، ويظهرون وكأنهم جيش جرار من النمل في مسيرة.

وعلى مدار سنوات كانت هجرة حيوانات الثيتل الأفريقي في كينيا من أعظم مشاهد الحياة البرية على الأرض، التي تجذب السياح من جميع أنحاء العالم.وفي حديث لوكالة الأناضول، قال أحد السكان المحليين، ويدعى جوناثان أوليه سانتول: “لقد بدأت الهجرة مبكرا هذا العام. حيوانات الثيتل الأفريقي تعبر كل يوم بأعداد كبيرة”.وأضاف أن “السياح يصلون كل يوم، فهذا موسمهم لرؤية حيواناتنا”.وتقع ماساي مارا، على بعد حوالي 40 كم من نهر ماراهي، وتعتبر المحمية الطبيعية الوحيدة في كينيا التي تضم ما يقدر بنحو 97 نوعا من الثدييات والبرمائيات والزواحف فضلا عن أكثر من 400 طائر الأنواع.وتتولى رعاية هذه المحمية الحكومة الكينية لصالح شعب الـ”ماساي”، وهم جماعة من الرحل ترعي الماشية.ولفت “سينتيو” إلى أنه بصرف النظر عن حيوانات الثيتل الأفريقي، يمكن للسياح أيضا الاستمتاع بمشاهدة ما أسماه مجموعة “الخمس الكبرى” من حيوانات المحمية.

وأوضح: “لدينا الأسود والفيلة والجاموس، والنمور ووحيد القرن الأسود.. لسنوات عديدة، اجتذبت هذه الحيوانات الآلاف من السياح”.أما “ألكسندر أوتينو”، العامل في نادي إنتريبيديس، وهو مخيم سفاري على مشارف “ماساي مارا”، فكان يراقب هجرة حيوانات الثيتل الأفريقي لسنوات.وقال أوتينو في حديث لوكالة الأناضول: “بالنظر في جميع أنحاء المنتزه، يبدو أن المخلوقات من كل نوع تفرح مع بداية الهجرة”.وأضاف: “الطيور والثدييات والزواحف تظهر في حال جيدة في الوقت الراهن، وهي تبلي بلاءً حسنا، وقطعان كبيرة من الأسود الجميلة جيدة التغذية ترتاح تحت الأشجار الظليلة الضخمة داخل نطاق (مناطق صيد) افتراس حيوانات الثيتل الأفريقي”.وفقا لـ”سينتيو”، في موسم الهجرة تتغذى الحيوانات المفترسة بما فيها النمور والأسود والضباع والكلاب البرية على وفرة من الفرائس.

وقال إنهم “يكمنون في مكان ما في النهر للانقضاض على الحيوانات الضعيفة التي قد تجد صعوبة في عبور النهر”وتابع: “الآلاف من التماسيح عادة ما تنتظر في مختلف نقاط العبور الحيوانات الضعيفة التي قد لا تصمد أمام تيارات النهر القوية”.ومن جانبه، قال نيك أوليه موريرو، منسق النظام البيئي في ماساي مارا، إن “السياح والحيوانات المفترسة ليسوا وحدهم الذين ينتظرون بفارغ الصبر ظهور حيوانات الثيتل الأفريقي”.

وأوضح أن الصيادين، أيضا، ينتظرون في الأدغال التي تفصل بين سهول “سيرينجيتي”، ومنتزه “نجورونجورو” الوطني في تنزانيا، التي تعبر منها حيوانات الثيتل الأفريقي إلى كينيا.وبين أنهم “ينصبون الافخاخ في نقاط استراتيجية لصيد حيوانات الثيتل الأفريقي وبالفعل يقتلون الحيوانات أثناء الهجرة”.ومن جهته، قال المسؤول التنفيذي عن السياحة في مقاطعة ناروك آلان توالا، إنه قد تم تركيب أنظمة مراقبة بالأقمار الصناعية في المحمية لضمان أن تحركات السائحين تتم مراقبتها عن كثب.وأضاف لوكالة الأناضول: “كنا مضطرين لتشديد الإجراءات الأمنية بعد الهجمات الإرهابية الأخيرة”.وأوضح أن “موظفي الأمن أيضا، يعملون على مدار الساعة لضمان توفير أقصى درجات الأمان في كل مكان خلال هجرة حيوانات الثيتل الأفريقي وبعد انتهائها”.وأعلنت حالة التأهب القصوى في كينيا منذ شهر سبتمبر/أيلول الماضي، إثر مقتل 67 شخصا على الأقل في هجوم استمر 4 أيام على مركز “ويست غيت” التجاري للتسوق في العاصمة الكينية نيروبي، وأعلنت “حركة الشباب المجاهدين” الصومالية المتمردة مسؤوليتها عن الهجوم.وتتحرك حيوانات الثيتل الأفريقي في دائرة عكس عقارب الساعة لمسافة 800 كم (من الشرق إلى الغرب)، قبل أن تعود إلى تنزانيا في وقت لاحق بعض 3 أشهر إلى المراعي التي تزدهر مجددا مع بداية موسم الأمطار.