بعد مرور أكثر من عشر سنوات على اندلاع أحداث فبراير 2011، تعيش حرية الإعلام أزمة هيكلية شديدة التعقيد، حيث أصبحت ممارسة الصحافة مغامرة محفوفة بالمخاطر في ظل إستمرار  حكم المجموعات المسلحة لمدة طويلة فضلا عن غياب الأمن ما أدى حتما إلى إنتفاء الإستقرار.

وتتواجد ليبيا في أواخر قائمة التصنيف العالمي لمؤشر حرية الصحافة التي تصدرها العديد من المنظمات الدولية، فكل المعايير المتعلقة بحرية التعبير والإعلام؛ كالضمانات الدستورية والقانونية للصحفيين، والإصلاح الهيكلي للإعلام، وتزايد أعمال العنف والهجمات الدامية، والاعتداءات الجسيمة، من الطبيعي أن تضع ليبيا في مؤخرة دول العالم.

بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة أصدرت من منظمة مراسلون بلا حدود ذكرت فيه بأن الاعتداءات على الصحفيين والصحفيات في ليبيا، لم تتوقف منذ سنوات، وقد تعرّض العديد من الصحفيين إلى مضايقات وفي أحيان إلى الاختطاف والترهيب والقتل، دون معاقبة من وراء هذه الأفعال الإجرامية.

وتسببت الأزمة الأمنية والاقتصادية، إلى ظهور مجموعات مسلحة لا تخضع إلى الجهات الرسمية في ليبيا، تقبض وتُرهب كل صوت يُعارض نهجها وتصرفاتها على أرض الواقع، وهذا الأمر تعيشه كل مناطق ليبيا غربًا وشرقًا وجنوبًا.

ووفقًا للتصنيف العالمي لحرية الصحافة، قيّم الوضع الإعلامي في 180 بلدا مشيرا إلى أن ممارسة العمل الصحفي يتم عرقلتها بشدة في 73 دولة و 59 دولة أخرى فرضت قيودا عليها.

وليبيا من بين الدول التي تواجه فيها حرية الصحافة معرقلات كبيرة، وتم تصنيفها في المرتبة 165 عالميا في مؤشر حرية الصحافة، وعزا التقرير تدهورها في ليبيا إلى عدم الاستقرار في البلاد وتدخل المليشيات المسلحة التي زعزعت استقرار المشهد وقوضت سيادة القانون في البلاد.

وشدّدت بأنه على على الحكومة اليبية الانتقالية الآن الوفاء بالتزاماتها الوطنية و الدولية المتعلقة بحريات الرأي و التعبير و الإعلام و إن حق جمع المعلومات و الأفكار و تسلمها و بثها هو حق أساسي يجب على المجتمع الليبي الذي  يطمح لتأسيس دولة يعلو فيها القانون والديمقراطية أن يحترمه, والشفافية و التعددية.

من جانب آخر،قالت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، إنه في الوقت الذي يحتفل فيه العالم باليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي يوافق اليوم الإثنين، يتعرض الصحفيون الليبيون لتصاعد الاعتداءات والانتهاكات بحقهم.

وشملت الجرائم ضد الصحفيين في ليبيا، حسب بيان للجنة جرائم الاختطاف والاعتقال والإخفاء القسري من قبل الجماعات والتشكيلات المسلحة غرب البلاد، في ظل استمرار حالة الإفلات من العقاب وضعف منظومة.

ودعت اللجنة، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، لوقف جميع أشكال الممارسات والانتهاكات التي تمس بشكل مباشر حرية الصحافة والإعلام وحرية الصحفيين والإعلاميين في ليبيا.

ودعت اللجنة جميع الوسائل الإعلامية لضرورة العمل على مناهضة خطاب الكراهية والتحريض على العنف والترويج للإرهاب والتطرف والتحريض عليه وخطاب التحريض على الكراهية و الامتناع عن التحريض بمختلف أساليبه وأشكاله وصوره، وعدم الانجرار والتورط في التحشيد والتجييش الإعلامي.

بدورها طالبت السفارة الأمريكية في ليبيا، بضرورة الحفاظ على سلامة الصحفيين الليبيين.

وقالت السفارة، في بيان لمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، إن عددًا كبيرا جدًّا من الصحفيين يتعرضون للمضايقة والسجن وحتى القتل المأساوي؛ بسبب قيامهم بعملهم في أي مكان حول العالم.

وشدد البيان على ضرورة الحفاظ على سلامة الصحفيين الليبيين، مثل الصحفيين في أي مكان، كما طالبت السفارة الحكومات بمحاسبة أولئك الذين يستهدفون الصحفيين.

من ذلك،يرى مراقبون أنه في ظل غياب المعايير المتعلقة بحرية التعبير والإعلام، كالضمانات الدستورية والقانونية للصحفيين والإصلاح الهيكلي للإعلام، ومع تزايد أعمال العنف والهجمات الدامية والاعتداءات الجسيمة، لا يجد الصحافيين في هذا البلد من خيارات سوى المغادرة أو الإقلاع الإجباري عن مزاولة العمل الصحفي.

وفي غياب أي جسم تشريعي يحدد المعايير المتعلقة بحرية التعبير والإعلام؛ كالضمانات الدستورية والقانونية للصحفيين، والإصلاح الهيكلي للإعلام،إضافة إلى الغياب التام للمؤسسات القانونية والقضائية في البلاد،بالتزامن مع سيطرة انتشار العنف،باتت الجرائم المرتكبة ضد حرية الإعلام دون حسيب ولا رقيب، علماً أن الجناة ينعمون بإفلات تام من العقاب.