بين المباشرة والعمق الفلسفي كانت دائما العلاقة بين الإنسان والذات الإلهية محفوفة بالمخاطر في السينما المصرية منذ نشأتها وحتى الآن ، حيث تناول الكثير من صناع السينما فكرة الألوهية بشكل غير مباشر ، وعلى العكس من ذلك قرر صناع فيلم "الملحد" تقديم الفكرة نفسها ولكن بشكل مباشر لأول مرة، وهو ما يفتح باب للتساءل عن كيفية تناول الأعمال السينمائية لفكرة الله .

فالناقدة علا الشافعي تقول بأن تناول العلاقة بين الإنسان والله سبحانه وتعالى خط أحمر، فهى من التابوهات التي لم تنتصر عليها السينما حتى الآن، بالرغم من أن الفيلم الأكثر جرأة في تناوله لهذه القضية كان "سفير جهنم" الذي قدمه يوسف وهبي والحوار الشهير الذي قدمه وهو يخاطب الله سبحانه وتعالى.

أيضا فيلم رأفت الميهي "للحب قصة أخيرة" ومشهد يحيى الفخراني وهو يتحدث إلى الله ولكن الفيلم بالرغم من جودته وقيمته الفنية تعرض لأزمات كبيرة جدا مع الرقابة، أيضا افلام مثل "أولاد حارتنا" و"الشحات" لنجيب محفوظ.

حتى رواية الحرافيش لم تقدم سينمائيا بنفس العمق الفلسفي العميق الذي حملته الرواية.

فالسينما المصرية دائما ما تتحايل للإقتراب من هذه القضية بشكل فلسفي لأنها محفوفة بالمخاطر.

وتضيف :أعتقد ومن قبل مشاهدتي لفيلم الملحد بأنه في النهاية سينتصر لفكرة الألوهية ووجود ربنا ،ولكن في النهاية فهناك انتصار تحقق بإجازة الرقابة تناول فكرة الكفر في السينما.

أما الناقدة حنان شومان فتقول بأن هناك نوعين من الأعمال قدما في هذه القضية ،إما العلاقة بشكل مباشر كالأفلام التي قدمت الإنسان والشيطان في "المرأة التي غلبت الشيطان" و"سفير جهنم" وإن كانت دائما العلاقة بين الله والإنسان تقدم على استحياء وبشكل محدود، بأفلام تعد على أصابع اليد وكانت أغلبها أخلاقية وكأن صانع الفيلم يريد من خلالها أن يرضي الله سبحانه وتعالى، بأن ينتصر الخير في النهاية ويدحر الشر وكأن صانع الفيلم يريد أن يقول بأنه في إعادة الخلق من خلال السينما.

بالرغم من أنه في واقع الحياة ليس بالضرورة للخير أن ينتصر ولكنه في نهاية الخلق.

أما النوع الثاني فهى أفلام قدمت القضية بشكل فلسفي مثل "بحب السينما" و"أرض الخوف" وهي أفلام عالية القيمة وتكلفتها الفنية كبيرة وتحتاج لكاتب عميق قادر على تحويل الفلسفة لعمل روائي أو سينمائي مثلما فعل نجيب محفوظ ،وهى أعمال قد نراها لأول مرة بأنها عادية جدا ولكنها في النهاية أكثر عمقا.

ورفضت شومان اعتبار أن الأفلام الدينية تندرج تحت هذه النوعية لأنها غالبا ما تكون مهتمة بالتاريخ وكيف نمت الرسالة الدينية بعيدا عن الفكر الفلسفي.

ولكنها تعتبر أن فيلم الملحد له السبق في أن يكون العمل الأول في السينما الذي يتحدث عن الكفر بالله بشكل مباشر وهو ما لم يتناول من قبل في أي عمل، حتى الأعمال المباشرة التي ظهر بها الشيطان والله وغيرها كان أصحابها مؤمنين بوجود الله لكنهم يضعفون أمام إغراء الشيطان لأسباب دنيوية.

فالعلاقة بين الإنسان والله في أغلب الافلام تأتي دائما في الخلفية وليست في المقدمة.

ويعتبر أرقى الأفلام التي تناولت علاقة العبد بالله بشكل واضح وفلسفي  "بحب السينما" والذي تعرض لهجوم شديد جدا بالرغم من قيمته الفنية العالية.

وترى شومان بأن زيادة الإلحاد في مصر في الآونة الأخيرة لابد وأن يجعلنا أكثر تركيزا على تقديم هذه النوعية من الأفلام.

و من وجهة نظر الناقد طارق الشناوي فإن تناول الله في السينما كان محدودا ولكن لا يمكن للرقابة في مصر أن تجيز فيلما يدعو للإلحاد مثلما لا يمكن أن تجيز عرض فيلم يسمح بالشذوذ لكن دائما الأعمال التي تقدم تكون بوازع ديني وأخلاقي .

وفي فيلم "الملحد" تم تقديم وجهة نظر ملحد دون أن يشجع على ذلك ،فالعلاقة بين العبد والرب روحية وشفافة تحمل جاذبية عند السينمائيين ورغبة ايضا من المتلقي أن يراها.