تعتبر منطقة قرزة من أهم المعالم الأثرية التي تزخر بها ليبيا لما لها من قيمة حضارية موغلة في القدم تمتاز بها دون غيرها من المواقع الأثرية. وبين استطلاع وزيارة ميدانية لمراسل بوابة إفريقيا الإخبارية إلى منطقة قرزة الأثرية التي تبعد 130 كيلو متر عن جنوب شرق مدينة بني وليد بأنها معلماً أثرياً ليبياً بارزاً يقع في الجزء الشمالي من حصن أبي نجيم وحصن القريات الغربية.

يرجع تأسيس منطقة قرزة الأثرية للقرن الثاني الميلادي في عصر الإمبراطور سبتيموس سيفيروس، حيث تتميّز قرزة بمعالمها التي تمزج بين الفن المعماري الليبي والفرعوني والإغريقي، وتأثرها بالطراز المعماري في أواخر العصر الهلينستي.  وأوضح الاستطلاع بان معمار المدينة يعد ذات صيغة محلية متأثرة بالطرز المعمارية التي كانت سائدة في أواخر العصر الهلينستي والذي اعتبر خليطا من الفن المعماري الليبي والفرعوني والإغريقي.


كما تم الاستيطان بالمدينة في الفترة الإسلامية خلال القرنين العاشر والحادي عشر للميلاد حيث عثر على عملات معدنية وقطع من الخزف في منزل حول من معبد إلى مسكن في العصر الفاطمي. وفيما يتعلق بالأضرحة وشواهدها في المدينة فلا تزال هناك مجموعة من المساكن والمقابر تشمل 30 مسكنا ومقبرتين هما المقبرة الشمالية والمقبرة الجنوبية، والأخيرة يوجد بها سبعة مقابر تحوي أسماء شخصيات ليبية من قبيل ناصيف ونميرا نقشت على المقبرة الشمالية.  

وبالنسبة للمباني الكبيرة، فكانت تحتوي على عدد كبير من الحجرات يصل عددها ما بين 10 و12 حجرة منتظمة حول فناء متوسط مكشوف، ولا تزال بعض هذه المباني تصل جدرانها إلى كامل ارتفاعها حتى الآن، وتصل في بعض الأحيان إلى ثلاثة طوابق وقد نقلت مصلحة الآثار الليبية أحد هذه الأضرحة لكي تعرض في مجمع متاحف السرايا الحمراء.  كما اشتهر سكان بلدة قرزة باعتمادهم على زارعة الأرض التي منحتها لهم الحكومة الرومانية، إذ قدَّمت لهم بعض المساعدات مثل الحيوانات والبذور، ويقومون هم بحرث الأرض وزراعتها

واستغل سكان قرزة ظروف البيئة المحيطة، فاعتمدوا في حياتهم على زراعة مجرى الوادي المتسع، واستغلوا الأودية، وذلك بإنشاء سدود عرضية في المجرى، فتمكَّنوا من زراعة الحبوب والخضراوات والأشجار المثمرة، مثل النخيل والكروم والتين والرمان والزيتون وغيرها من الأشجار الأخرى.  ووُجدت هذه الأنواع من الأشجار على منحوتات قرزة التي توجد لها قاعة عرض خاصة في متحف السراي الحمراء بطرابلس.