"هذه مهنتي منذ 25 عامًا وحبي للحيوانات أصبح أمرًا مفروغاً منه فهي مثلها مثل البشر لها إحساس وتتألم" بهذه العبارة بدأ الطبيب الليبي جلال كعال حديثه وهو محاط بمختلف أنواع الحيوانات.

كعال يسعى جاهدًا إلى الاعتناء بمئات الحيوانات الأليفة التي استقبلها في عيادته بضواحي مدينة طرابلس بعد أن أنقذها من الموت والتشرد خلال الحرب الدائرة في ليبيا.

هذا الطبيب البيطري الذي أنشأ عيادته الخاصة بالحيوانات الأليفة سنة 1991 دفعه حبه للحيوانات إلى افتتاح أول ملجأ فريد من نوعه للاعتناء بمئات الحيوانات المنزلية التي تخلى عنها أصحابها بعد ارتفاع وتيرة الصراع المسلح بين نظام معمر القذافي والثوار آنذاك.

يقول الدكتور كعال لـ"هافينغتون بوست عربي"، "يوجد لدينا منذ افتتاح العيادة وحتى اليوم أكثر من 53 ألف ملف لقطط وكلاب سُجِّلت في هذه العيادة كما خصصت فيها وحدة إقامة خاصة بالحيوانات الأليفة في حالة سفر أصحابها".

حب هذا الطبيب للحيوانات دفعه خلال اندلاع الثورة الليبية واشتداد المعارك في أحياء طرابلس بين نظام معمر القذافي والثوار للمخاطرة بحياته وانتشال العشرات من القطط والكلاب من أحياء طرابلس المدمرة ثم إجلاءها برا نحو الأراضي التونسية وفي مرحلة ثالثة تسفيرها جوًّا نحو وجهات أصحابها الأجانب الذين أجبروا على ترك ليبيا بسبب الحرب، حيث قام هذا الطبيب بأكثر من 15 رحلة برية من طرابلس إلى تونس حملت كل رحلة من 4 إلى 5 حيوانات.

تفاصيل هذه الرحلة التي لم تخل من مخاطر يقول عنها كعال: "عند بداية الحرب في ليبيا اتصل بي العديد من الأجانب الذين يملكون حيوانات أليفة وطلبوا مني مساعدتهم في إبعاد حيواناتهم من منازلهم التي استهدفها القصف ووضعها في مكان آمن للمحافظة عليهم إلى حين رجوعهم أو إجلاء بعض من هذه الحيوانات خارج التراب الليبي، ونظرًا لحساسية الموقف ولظروف الحرب شُكلت لجنة لاستقبال هذه الحيوانات وكذلك إحضارها من أماكن إقامتها في مدينة طرابلس وضواحيها أو من خارج المدينة.

ويضيف: "عيادتي لم تسلم بدورها من القصف، حيث أصيب أحد الجدران بشرخ نتيجة قذيفة صاروخية، ولكني رغم ذلك كنت حريصًا على إنقاذ عشرات القطط والكلاب من الموت وكان هاجسي الوحيد إيصال بعضها لأصحابها من الأجانب لا سيما بعد أن أقفل مطار طرابلس في شهر مارس 2011 فاضطررت للتنسيق مع شركة ليبية للنقل البري لتوصيل الحيوانات إلى الحدود التونسية في مرحلة أولى ثم الاتفاق مع شركة مالطية للشحن الجوي لتسليم الحيوانات في جزيرة جربة جنوب شرق تونس ومنها إلى جزيرة مالطة ثم لباقي دول العالم".

كعال أعرب عن سعادته بعد أن تمكن من إيصال أغلب الحيوانات لأصحابها خارج ليبيا بسلام باستثناء بعضها لأسباب كانت قاهرة.

وختم قائلا:"لا شيء يضاهي ذلك الشعور الذي لمسته في عيون أصحاب هذه الحيوانات من نظرات امتنان لي وشكر بعد أن تمكنت بفضل الله من إنقاذها من الموت وأوصلتها لبر الأمان، حاليا يوجد في عيادتي كلبان أحدهما لعائلة إنجليزية لم أستطع أن أوصله نظرًا لكبر سنه وصعوبة القوانين البريطانية لإدخاله كذلك كلب آخر لعائلة أسترالية".

وصل العدد الإجمالي للحيوانات التي أنقذها الطبيب الليبي جلال كعال منذ من بداية الحرب في ليبيا إلى حين تسفيرها لأكثر من 220 منهم قطط وكلاب وبعض السلاحف وببغاء، كما حاول هذا الطبيب أن يؤمن لها الطعام والأدوية على نفقته الخاصة أو بمساعدة بعض أصحابها.

ولم يخف هذا الطبيب البيطري في ختام حديثه عن خشيته من عودة أجواء الحرب في ليبيا بعد الإعلان عن اقتراب التدخل العسكري الأجنبي تحت غطاء محاربة تنظيم "داعش" مجددًا استعداده التام لمد يد العون لكل أصحاب الحيوانات التي تعيش في ليبيا سواءً عبر علاجها أو الاهتمام بها أو تسفيرها خارج ليبيا إن تطلب الأمر ذلك.