بعد حوالي ستة أشهر من انطلاق عملية "طوفان الكرامة" التي تسعى لتحرير العاصمة الليبية وانهاء نفوذ المليشيات فيها،يواصل الجيش الوطني الليبي تكثيف عملياته العسكرية مع تحقيقه المزيد من التقدم على الأرض في عدة محاور حول طرابلس،وسط حديث عن خسائر كبيرة في صفوف القوات الموالية لحكومة الوفاق وتراجعها.

ويشهد الوضع العسكري في العاصمة الليبية طرابلس تطورات كبيرة في ظل تكثيف الجيش الليبي لعملياته الجوية.حيث أعلنت شعبة الإعلام الحربي في الكتيبة 111 غريان، في الساعات الأولى من صباح الإثنين، عن تدمير غرفة عمليات اليرموك التابعة لقوات الوفاق بمنطقة الخلة جنوب طرابلس، على أثر ضربات نفذتها مقاتلات سلاح الجو التابع للجيش.

وأفاد المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة، بهروب ميليشيات "تشادية"، من مصنع الأسمنت، ومصرع 6 من قوات الوفاق، وتدمير سياراتهم بالكامل، وأن المنطقة تحت سيطرة الجيش بشكل كامل. وقالت الصفحة الرسمية لقاعدة الوطية الجوية عبر موقع التواصل "فيس بوك"، إن مقاتلات سلاح الجو الليبي بقاعدة الوطية استهدفت مواقع وتمركزات قوات الوفاق بمحور القتال بطرابلس.

كما قصفت مقاتلات سلاح الجو الليبي في الساعات الأولى من صباح الإثنين رتلا تابع للواء الصمود بقيادة المطلوب دوليا صلاح بادي بمحور وادي الربيع جنوبي العاصمة الليبية طرابلس.ونقل موقع "ارم نيوز" الاخباري عن مصدر عسكري "ان سلاح الجو دمر عدداً من الآليات التابعة لمليشيا لواء الصمود التي  يقودها بادي".

ومن جهتها ذكرت غرفة عمليات إجدابيا التابعة للجيش الوطني الليبي على صفحتها بموقع فيسبوك أن  مقاتلات سلاح الجو شنت 3 غارات جوية على مواقع لميلشيات حكومة  الوفاق في عين زارة حتى الآن.وقالت  الغرفة أن  إحدى الغارات  استهدفت "غرفة عمليات ومستودع آليات للمليشيات بالقرب من الشركة القبرصية"، مشيرة إلى أن اصابتهما كانت مباشرة. وبينت أن الغارات شملت مواقع للمليشيات في منطقة الرملة في العاصمة طرابلس.وأشارت الغرفة إلى أن المقاتلات استهدفت معسكري اليرموك بطريق قصر بن غشير  والتكبالي بمحور الخلة الذي استهدف للمرة الثانية فجر الإثنين".

وتأتي هذه الغارات بعد التقدم الميداني الذي أحرزته القوات الليبية أمس الأحد الذي شهد مواجهات عنيفة في أكثر من محور.وقال مصدر عسكري تابع للقوات المسلحة العربية الليبية، اليوم الاثنين، "إنه وبعد العمليات البرية التي خاضتها الوحدات العسكرية صباح أمس الأحد، شنت مقاتلات سلاح الجو غارات قوية تعتبر الأقوى منذ تقدمنا إلى طرابلس، حيث نفذ السلاح الجوي الليبي أكثر من طلعة واستهدف أكثر من هدف ثابت ومتحرك ليلة أمس وحتى ساعات الصباح الباكر لهذا اليوم الاثنين".

وأشار المصدر -الذي فضل عدم ذكر اسمه-في تصريح خاص لـ "بوابة أفريقيا الإخبارية"،إلى أن الضربات استهدفت تمركزات تتخذها المجموعات المسلحة نقطة انطلاقة لتنفيذ عمليات إرهابية ضد القوات المسلحة الليبية لمنعها عن أداء مهامها وواجباتها.مؤكدا أن الضربات كانت دقيقة ومكثفة على مناطق اليرموك والكريمية وصلاح الدين وعين زاره ووادي الربيع وخله الفرجان والسوان".

واضاف قائلا "إن التحركات العسكرية الجديدة واردة في أي دقيقة وأي ساعة ولن نستطيع الإفصاح بأكثر من ذلك، ولكن وما نؤكده إلى شعبنا الليبي التواق والمنتظر لساعة الصفر بأن أبناء وطنكم من القوات المسلحة لن يخذلوكم وسوف ندخل طرابلس ومن محاورها الستة وسنعلن من وسط ميدان الشهداء خبر تحريرها، الجيش لن يهزم".

وفي المقابل،تحدثت القوات الموالية لحكومة الوفاق عن التطورات العسكرية في طرابلس.حيث أكد الناطق باسم قوات الوفاق محمد قنونو، أن سلاح الجو نفّذ، اليوم الاثنين، خمس طلعات قتالية، استهدفت غرفة عمليات بمنطقة سوق السبت وآليات ثقيلة في قصر بن غشير ومدفعية هاوزر في وادي الربيع كانت تقصف العاصمة طرابلس عشوائياً.وفي تدوينة نشرتها غرفة عمليات بركان الغضب، أوضح آمر غرفة العمليات الميدانية احمد ابوشحمة، أن القوات التابعة للوفاق بدأت في تعزيز تمركزاتها في كل محاور القتال بعد ليلة من القصف المكثف عليها.

وفي الوقت الذي تزداد فيه محاور القتال في العاصمة الليبية اشتعالا،يواصل المبعوث الأممي الى ليبيا غسان سلامة تحركاته بهدف الوصول الى اتفاق لوقف اطلاق النار والعودة الى طاولة الحوار.حيث التقى المبعوث الأممي ، ونائبته للشؤون السياسية ستيفاني وليامز مع القائم بأعمال السفارة البريطانية في ليبيا نيكولاس هامبتون.

وبينت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في تغريدة لها بموقعها على "تويتر" أنه جرى خلال اللقاء بحث الوضع الراهن في ليبيا والمؤتمر الدولي القادم الذي يجري التخطيط  لعقده حول ليبيا.

وجاء هذا اللقاء بعد يوم من عقد سلامة في تونس اجتماعًا مع مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر والسفير الأمريكي إلى ليبيا ريتشارد نورلاند.وتطرق اللقاء إلى الأوضاع الراهنة والاستحقاقات الإقليمية والدولية الآنية المتعلقة بليبيا.

وشهدت الأيام القليلة الماضية تحركات مكثفة للمبعوث الأممي غسان سلامة حيث التقى الأسبوع الماضي مع وزير الخارجية المصري، سامح شكري،وقد بحث الطرفان "سُبل تفعيل المسار السياسي لتسوية الأزمة، واستعادة الأمن والاستقرار في ليبيا".وأطلع الممثل الأممي شكري على "آخر نتائج اتصالاته وجهوده لإنهاء الأزمة"،وفق بيان للخارجية المصرية.

كما التقى المبعوث الأممي، الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط.وتناول اللقاء آخر المستجدات العسكرية والأمنية والسياسية على الساحة الليبية وسبل تعزيز الجهود لإيقاف القتال الدائر حول طرابلس، وفق بيان للجامعة العربية.وأكد الجانبان على ضروة "العودة إلى المسار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة باعتبار أنه لا يوجد أي حل عسكري للأزمة الليبية".

وقدم غسان سلامة إحاطة للمجلس عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من طرابلس حذر فيها من استمرار الصراع على الأراضي الليبية، وتدفق الآلاف من المرتزقة عليها مما يهدد بتفاقم النزاع، وإطالة أمده، محذراً من سيناريوهين غير مستساغين بالمرة الأول، يتعلق بـ "نزاع متواصل منخفض التصعيد وطويل الأجل، وتهديد إرهابي متنامٍ عبر الحدود"، والثاني غير مرضٍ، أيضاً يتمثل في "مضاعفة الدعم العسكري من قبل الأطراف الخارجية مما يؤدي إلى تصعيد حاد يغرق المنطقة بأسرها في الفوضي".

وطرح غسان سلامة رؤيته بشأن مستقبل الأزمة الليبية خلال مداخلته أمام مجلس الأمن مقترحاً عقد مؤتمر دولي جديد لحل الأزمة، لتأكيد الدعم الواضح والفعّال لأي صيغة سياسية يوافق عليها الليبيون، مؤكداً أنه "لا يزال عقد اجتماع دولي بدعم نشيط من شركائنا من المنظمات الإقليمية المعنية شرطاً لا غنى عنه لاكتساب الالتزام الضروري من جانب أصحاب المصلحة الخارجيين الرئيسيين لإنهاء النزاع، واستئناف العملية السياسية المملوكة لليبيا".

وتلقي مسالة عقد مؤتمر دولي حول ليبيا ترحيبا من الأطراف الدولية،حيث أكد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان،"الحاجة الملحة إلى عقد مؤتمر دولي حول ليبيا" لإيجاد حل سياسي للأزمة.ونقلت قناة "أوروبا 1"، عن لودريان قوله إنه "لن يكون هناك نصر عسكري" في تلك الأزمة، وذلك عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر".

وكانت مجموعة الدول الصناعية الكبرى السبع،دعت في ختام مؤتمرها السنوي الذي عُقد في مدينة بياريتز الفرنسية في وقت سابق، إلى تنظيم مؤتمر دولي يشمل كافة الأطراف الدولية والإقليمية الفاعلة في الأزمة الليبية.وجددت الدول الصناعية السبع الكبرى، دعمها لجهود الأمم المتحدة وبعثتها في ليبيا، التي يترأسها المبعوث الأممي غسان سلامة، لأجل الوصول إلى حلول تُنهي الصراع الدائر منذ سنوات.

وحظيت الأزمة الليبية باهتمام دولي متزايد خلال الأشهر الماضية، حيث طالبت روسيا،مطلع يوليو/تموز الماضي بضرورة الحل السياسي لتلك الأزمة، وأعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن قلقه إزاء تسلل المسلحين من إدلب السورية إلى ليبيا، كما أكدّ بوتين أن موسكو لن تتجنب المشاركة في عملية التسوية السياسية في ليبيا.

وفي منتصف يوليو/تموز الماضي صدر البيان السداسي الذي دعت فيه الولايات المتحدة، فرنسا، وبريطانيا، وإيطاليا، والإمارات، ومصر إلى ضرورة وقف القتال في محيط العاصمة الليبية طرابلس، والعودة إلى العملية السياسية برعاية من الأمم المتحدة.

وفي 26 أغسطس/آب الماضي صدر بيان عن البيت الأبيض أعلن فيه أن الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والمصري عبدالفتاح السيسي يدعمان "ليبيا الموحدة"، وأنهما قد ناقشا الوضع في ليبيا على هامش قمة مجموعة السبع المقامة جنوب غربي فرنسا، كما عبّر ترامب والسيسي عن دعمهما المشترك من أجل ليبيا مستقرة وموحدة وديمقراطية تقف في مواجهة الإرهاب، وتحقق الأمن والازدهار لجميع الليبيين.

ويرى مراقبون،أنه وبالرغم من الحاجة الى حل سياسي في ليبيا فان فرص نجاح فكرة عقد مؤتمر دولي جديد تظل محفوفة بالشكوك في نتائجها إذا لم يكن هناك تصور واضح ومحدد لهذا المؤتمر المزمع عقده وضرورة تمكين مؤسسات الدولة الليبية من القيام بمهامها خاصة مؤسسة الجيش الليبي، وتمكينه من بسط نفوذه على كامل المناطق الليبية أولاً، وحظر تصدير السلاح للميليشيات المسلحة، وفي تلك الحالة يمكن إطلاق عملية سياسية متكاملة يختار فيها الشعب الليبي ممثليه بكامل إرادته الحرة.