مثليو الجنس في الجزائر من أكثر "الطابوهات" المسكوت عنها والتي يحرم الحديث فيها حتى بين الأصدقاء، حيث يثير موضوع المثلية الجنسية كثيرا من اللغط ، وعادة ما يتعرض الشارع المحلي إلى هذا الموضوع بكثير من التقزز والتشنج والإنزعاج ، ويشكل المثليون واقعا مغلّفا بالكتمان والتحفظ تبعا لاقتران المثلية بثقافة الخطيئة والكبائر التي لا يمكن أن تغتفر في المجتمع الجزائري المحافظ، لكن الواقع يؤكد أن هذه الشريحة من الشواذ جنسيا موجودة وبدأت تخرج للعلن ضاربة كل قيم المجتمع عرض الحائط.

يقول مثليو الجنس في الجزائر أنهم لم يستطيعوا فرض أنفسهم كحالات خاصة لهم توجه جنسي خاص ففضلوا العيش في الخفاء على التعرض للمسائلة القانونية كون القانون الجزائري يعاقب المثلية بالسجن وغرامة مالية. وتسعى بعض الجمعيات المحظورة في الجزائر لتسليط الضوء على هذه الشريحة والمطالبة بالاعتراف بهم وبخصوصياتهم وتشكيل فضاءات خاصة بهم حيث أطلقت مجموعة مجهولة إذاعة عبر الإنترنت تحت اسم "ألوان" خاصة بالمثليين والمثليات في الجزائر  .وقد قررت هذه الجمعية التي تهتم بشؤون المثليين جنسيا في الجزائر، تنظيم يوم وطني للمثليين والمثليات ومزدوجي ومتحولي الجنس  وجرى اختيار يوم 10 أكتوبر ليكون يوما وطنيا للمثليين ما أثار الكثير من ردود الافعال الساخطة.

وتشكلت في السنوات الأخيرة بالجزائر عدة نواد ومجالس للمِثليين الذكور والإناث أو الاثنين معا، حيث يلتقي هؤلاء في مجموعات تتشكل من 6 إلى 12 فردا يتجمعون في بعض المقاهي وصالونات العاصمة قبل أن يغادروها بحلول الظلام نحو شقق بعضها مملوكة لأصحابها وأخرى يستأجرونها لهذا الغرض خصوصا في الأحياء الراقية في كل من "حيدرة" و"بوشاوي" و"الشراقة" بقلب العاصمة الجزائرية، حيث يصعب رصد تحركاتهم وهم يتحاشون لفت الانتباه إليهم وتفادي كل الأعمال المشبوهة بالخارج إلى غاية صد الأبواب على أنفسهم هناك يطلقون العنان لرغباتهم ويمارسون طقوسهم·

"بوابة إفريقيا الإخبارية" فضلت اختراق عالم المثليين في الجزائر ولم يكن صعبا علينا العثور على احدي الحالات وكانت جامعة الجزائر الوجهة حيث تعج بمثليات الجنس وهن معروفات حتى عند إدارة الجامعة   .....سميرة أو كما ينادوها صديقاتها في الجامعة "سوسو" لم تبدي أي رفض للحديث معنا عن تجربتها وحياتها اليومية في ظل تحولها الجنسي.. رأيناها تجلس أمام دورة المياه تدخن سيجارة "المالبورو" وتحمل هاتف نقال يفوق سعره الـ7 ملايين سنتيم.. لباسها يوحي أنها من الأثرياء .

أول سؤال طرحناه عليها ..هل صحيح أنك مثلية الجنس.. ضحت "سوسو" وقالت "نعم"  طرحنا عليه فكرة إجراء حوار صحفي معها فلم تمانع شرط عدم ذكر اسمها كاملا ولا وضع صورتها

ومن خلال حديثنا مع "سوسو" تبين أنها في الـ 27  من العمر من عائلة متوسطة الدخل تتكون من بنتين و 3 أولاد.. "سوسو" لا تخجل أبدا في كونها مثلية الجنس فهي تقول أنها ولدت هكذا بطبيعتها تعشق النساء، واكتشفت الأمر  عند بلوغها الـ14 سنة حيث لاحظت أنها لا تميل للجنس الأخر عكس قريناتها التي تبدأن علاقات الحب في حدود هذا السن... لكن "سوسو" كانت تعشق نساءا مثلها، سألنا "سوسو" هل أهلها على علم بالموضوع فقالت "لا إن علم أهلي بالموضوع فسيقتلونني كونها من  أسرة محافظة لتضيف أنها تقيم لوحدها وتعيش بالعاصمة بينما يعيش أهلها خارج العاصمة ما أعطاها حرية مطلقة في ممارسة كل ما تريده... "سوسو" ذات الـ27 سنة لم تكمل دراستها لحد الآن وأعادت السنة 4 مرات حاولنا الاستفسار عن السبب فقالت أنها تتعمد الرسوب كي لا تضطر إلي مغادرة الجامعة والعودة لقريتها.

وعن حياتها اليومية تقول "سوسو" أن أغلب أصدقائها في الجامعة يعرفون أنها مثلية لتسرد لنا أول قصة حب عاشتها في سن الـ17 حينما وقعت في عشق زميلتها في الثانوية مضيفة "من المؤلم أن تعيش حبا ممنوعا يرفضه الجميع ويعتبرونه كبيرة من الكبائر لم أستطع التحمل ليس كافيا أن ترى صديقتك سوى مرة أو مرتين في الأسبوع، فالناس التي تتحاب تعيش معا!  ولذلك اضطررت لقطع علاقتي معها والآن اكتفي بالعلاقات العابرة فقط من أجل الجنس".

 أكملنا حديثنا مع "سوسو" لنعرج على موضوع الزواج وتقول "سوسو" أن الزواج مؤسسة مقدسة ما تبين في الوهلة الأولى أنه تناقض غريب لكن "سوسو" كانت تتحدث عن الزواج بين المثليين ....تضيف "سوسو" أنه عرض عليها الزواج مرارا وتكرار من طرف أقرباء من العائلة وجيران في قريتها لكنها رفضت خوفا أن يكتشف أمرها لتكشف أنها  تطمح في زواج "مدبر" يجمع بين رجل مثلي وامرأة مثلية للحد من الضغوط العائلية و"إنقاذ السمعة" وتسهيل الحياة الجنسية لكلا الطرفين.

وتقول "سوسو" أنها تبحث منذ مدة عبر شبكات التواصل الاجتماعي عن هذا الزوجمضيفة أنها التقت ببعض الرجال المرشحين لهذا الزواج لكن لا شيء تحقق حتى الآن. بسبب أنه  "لم تكن لدينا نفس المبادئ".

المعروف على سميرة أنها سيئة السمعة في الجامعة بسبب ركضها وراء الفتيات طلبا للجنس وحول هذا الموضوع تقول "سوسو" أنا لا أرغم أي فتاه على أن تكون عشيقتي أنا اعرض الفكرة ومن أرادت مرحبا" مضيفة "أنا لا أحاسب أحدا على ميولاته الجنسية لذا لا أحب من ينتقدني فهذه طبيعتي". وكشفت سوسو في سياق حديثها معنا أنها فاقدة للعذرية رغم أن رجلا لم يلمسها من قبل مضيفة أنها هي من أفقدت لنفسها  عذريتها منذ 6 سنوات.

لتختم في النهاية "في الجزائر لا يزال المجتمع جاهل ولا تزال الدهنيات لا تتقبل مثلي الجنس وتعتبرهم نكرة ولا أدري لماذا الانزعاج من شخصين أرادا العيش معا دعونا نعيش بسلام " لكن تضيف سوسو "لا أخفي عليكم الكثير من أصدقائي وحتى أساتذتي بالجامعة يعرفون الموضوع ولم يبدوا أي انزعاج مني ما يدل أن هناك أمل" .