سنتان من الغياب الكبير لصاحبة الصوت الماسي، والأغنيات التي سكنت وجدان جمهور من مختلف الأعمار. سنتان على رحيل السيّدة وردة الجزائرية، التي كُتِبَ لها ألا تشهد هذا البؤس العربي الكبير والتخبّط الفنّي الذي لم تستسِغه، فكان الموت ملاذها من الألم والصحّة التي خانتها، والنقد الذي وصل إلى حدّ التجريح.

فقد أنهت وردة برحيلها أكثر من خمسين عاماً من العطاء الفنّي، كانت بدأته من الجزائر مروراً بالقاهرة وباريس، رغم كلّ العراقيل، خصوصاً بعد زواجها وطلاقها، وإنجاب ولديها رياض ووداد.

حزنت وردة زات مرة كثيرا لأنّها أرسلت باقة ورد إلى السيدة أم كلثوم في إحدى حفلاتها بالقاهرة العام 1972 فلم تكلّف كوكب الشرق نفسها عناء الردّ أو مبادلة التحية بالشكر، وإن عبر الهاتف.

تعتبر النجمتان شيريهان ونبيلة عبيد من أكثر الفنانات اللواتي كنّ مقربات من وردة.

تؤكد وردة أنّ اغنية "عايزة معجزة" لم تحبّها، فهي قالت لي: "بليغ لم يقدّم جديدا في هذه الأغنية، لكنّني أدّيتها جيدا".

لم تكن وردة تؤمن بمقولة "فنّان يخلف فنّانا". وعندما سئلت عن نجوى كرم وإذا ما كان في استطاعتها أن تكمل مسيرة صباح في الغناء اللبناني، ردّت بتعجّب: "أبدا... صباح استثناء لا بل أسطورة، ونجوى شي تاني خالص".

لم تكن علاقة وردة بابنتها وداد على خير ما يرام حتّى الأشهر الأخيرة من حياتها. والسبب هو أنّ وردة تركت وداد وحيدة في الجزائر وحرمتها من أمومتها عندما عادت إلى القاهرة وبدأت مسيرتها الفنية بعد زواجها وطلاقها. لكنّ ابنها رياض كان دائما إلى جانبها ويدير أعمالها.

كانت خائفة جدا في حفلتها الأخيرة التي اقامتها في أسواق بيروت العام 2011. ولم يسعفها الطقس ولا الرطوبة المرتفعة نسبيا في بيروت على الغناء بالطريقة التي تريدها.

رفضت وردة رفضا قاطعا أن تقوم أيّ شركة إنتاج بتقديم سيرة حياتها في مسلسل تلفزيوني. وحتّى اليوم يؤكّد ابنها رياض القسري أنّ وردة لم تكن راضية على أيّ سيناريو يجري الحديث عنه ويتعلّق بمسيرتها الفنية! وكلّ ما حُكِيَ عن مسلسلات تتعلّق بتجسيد سيرة حياة وردة يبقى مجرد حكي.

عامان مرا وما زال عطر الوردة ينثر رحيقه.