يعتبره البعض من "صقور حركة النهضة ومن مهندسي سياستها الداخلية والخارجية" وهو من أهم قيادات الحركة الفاعلة رغم عدم تقلده لأي منصب بمفاصل الدولة في حكومتي النهضة الأولى والثانية... عامر العريض قيادي الحركة ونائبها بالمجلس التأسيسي و رئيس علاقتها بالحكومة والحوار الوطني ومرشح الحزب مبدئيا على رأس دائرة مدنين جنوب البلاد التقته " بوابة إفريقيا الإخبارية" بمكتبه بمقرالحركة في حديث صحفي مطول نسبيا تطرق فيه محدثنا إلى جميع الملفات الساخنة التي تشغل الرأي العام التونسي كملف الإرهاب والانتخابات وأداء الحكومة الحالية والمشهد السياسي المقبل إضافة إلى المشهد الإقليمي وعلى رأسه الوضع في ليبيا وتداعياته المحتملة على الأمن القومي وغيرها.

 وفي ما يلي نص الحوار

س: أوشكتم على الانتهاء من إعداد القائمات الانتخابية, فهل تقدم لنا بسطة عن بعض الأسماء المؤكدة التي سترأس قائمات الحركة؟

ج: القائمات  الانتخابية لحركة النهضة في لمساتها الأخيرة بالداخل والخارج ونهاية الأسبوع الجاري سيقع الإعلان عنها رسميا والأسماء كالآتي:

 تونس1 : علي العريض

تونس 2 : عبد الفتاح مورو

أريانة: الصحبي عتيق

بن عروس: نورالدين البحيري
نابل: محرزية العبيدي

الكاف: عبد اللطيف المكي

جندوبة: أحمد المشرقي

سيدي بوزيد: نوفل الجمالي

زغوان: محمد بن سالم

سوسة: زياد العذاري

صفاقس: محمد الفريخة وفتحي العيادي

مدنين: عامر العريض

فرنسا 1 : حسين الجزيري

فرنسا2 :ناجي الجمل

وأود التنصيص هنا على أن هذه الأسماء هي  شبه مؤكدة ولكن ليست نهائية. وكما قلت لك نهاية الأسبوع  الجاري سيتم الإعلان عنها بصفة رسمية.

ج: آية آليات اعتمدتها الحركة في تزكية أسماء دون أخرى خصوصا وأن فسيفاء القائمات اتسمت بالتنوع رغم حصول قيادات نهضوية من الحجم الثقيل  على نصيب الأسد من عدد القائمات؟

اعتمدنا على تنظيم مشاورات مكثفة مع مجالسنا الجهوية لتتم إحالة نتائج تلك المشاورات إلى اللجنة العليا للانتخابات فالمكتب التنفيذي للحركة. نحن حرصنا على توفير ضمان نسبة كبيرة من الانفتاح على كفاءات وطنية من خارج حركة النهضة. كما يوجد عدد كبير من رجال الأعمال مثل وليد الوكيل و كذلك بعض الرياضيين والفنانين وهذا التنوع في الأسماء يعكس  تنوع المجتمع التونسي, وما يجمع كل هؤلاء هو الكفاءة والانتماء إلى الوطن.

 س: ولكن نسبة تمثيل المرأة  في رئاسة القائمات الانتخابية تبقى  ضئيلة جدا , ما تعليقكم؟

ج: نسبة تمثيلية  المرأة في حركة النهضة هو النصف عملا بمبدأ التناصف. ولكن في ما يتعلق برئاسة القائمات تعتبر تمثيلية المرأة ضعيفة.  و في الحقيقة لا يوجد تناصف أفقي بالنسبة لحضور المرأة في جميع الأحزاب.  ولكن هذا الأمر يمكن تداركه في المستقبل لأنه مطلب مشروع.

 س: وبالنسبة لتمثيلية النهضة في منطقة الساحل بزخمها البورقيبي والتجمعي أيضا, بمعنى هل أنتم واثقون من حظوظكم في هذه الجهة بالذات؟

 ج: النهضة حققت نتائج جيدة في منطقة الساحل في انتخابات 23 أكتوبر 2011 ونتوقع نفس النتيجة في الانتخابات المقبلة. لدينا تواجد معتبر في هذه المنطقة الهامة من البلاد, وأهل الساحل يقدرون كثيرا قيمة الحركة ودورها في الحفاظ على استقرار البلاد.

 س: من هو مرشحكم للرئاسية؟

ج: مرشحنا للرئاسة هو المرشح الذي سيحقق أهداف الثورة في استمرار بناء الديمقراطية وتكريس التنمية والاستقرار والالتزام بالدستور.

س: ولكن هناك أسماء معينة يبدو أنها ستفوز بدعم حركة النهضة في الانتخابات المقبلة على غرار كمال مرجان, نجيب الشابي, مصطفى بن جعفر وغيرهم, بماذا تجيبون؟

ج: لم نناقش الأسماء بعد لأن القائمة النهائية للمترشحين لم تتحدد.  لا يمكن أن نحدد موقفنا قبل أن تتوضح هذه القائمة وهي لن تكون نهائية قبل منتصف شهر سبتمبر المقبل. بعد الإنتهاء من المصادقة على القائمات التشريعية سنستأنف المفاوضات في الغرض. أيضا  النهضة  قبل شهر من الآن كنا قد قدمنا مبادرة "الرئيس التوافقي" التي تقوم على مبدأ التشاركية في إدارة الحكم وهذه الشراكة تشمل كذلك رئاسة الحكومة في إطار حكومة وحدة وطنية  تجمع بين كفاءات  سياسية ومستقلة. وفي كل الحالات نحن حريصون على أن يكون المرشح الفائز ملتزم بالمصلحة الوطنية العليا والوحدة بين التونسيين والتخفيف من وطأة التجاذبات السياسية.

 س: بعض الجهات تؤكد أن كمال مرجان هو مرشح النهضة, فهل من توضيح؟

ج: كمال مرجان شخصية محترمة وهو لم يعلن بعد عن ترشحه, وعندما يعلن عن ذلك سنرى.

هل تخلت حركة النهضة نهائيا عن ورقة المرزوقي كما تؤكد بعض الأطراف؟

المرزوقي شخصية محترمة شاركت في الثورة. ولكن نحن لم نقرر بعد أي الأطراف سندعم.

في كلمة أقول لك أن مصطفى بن جعفر ونجيب الشابي وحمة الهمامي والمرزوقي وآخرين هم شخصيات وطنية نحترمها وقد يحظى أحد هذه الأسماء أو أسماء أخرى بدعمنا.

س: تم إبعاد بعض القيادات المتشددة من  القائمات الانتخابية للحركة على غرار الحبيب اللوز, الصادق شورو وآخرين, فهل يمكن القول أن  النهضة  تخلت نهائيا عن صقورها؟

ج: النهضة حريصة على جميع أبنائها والعمل داخلها هو جهد تطوعي ونضالي. نحن أصحاب رسالة ونجتمع على مبادئ.

س: مقترح الرئيس التوافقي هل هو رغبة حقيقية من الحركة في التوافق أم بيعة تحت غطاء التوافق؟

نحن حركة تؤمن بالانتخابات ومن أكثر الأحزاب التزاما بنتائج صناديق الاقتراع ونعتبر أن صوت الناخب أمانة, ولذلك فكل مقترحاتنا هي لغاية إنجاح الانتخابات. وحتى نشرح هذه النقطة بالذات بشكل نهائي أريد أن أوضح أن المرشح التوافقي هو مرشح يحظى بدعم الأحزاب الوسطية وفي مقدمتها النهضة لتكون حظوظ فوزه عالية.

س: وماذا عن مرشحكم من داخل الحركة؟

 ج: لا علم لي بأن هناك مرشح من داخل حركة النهضة للرئاسة ولم يعلن بعد أحد منا عن ترشحه.

 س: هل أن إمكانية حدوث سيناريو مشابه لسيناريو مهدي جمعة في الانتخابات الرئاسية المقبلة تبقى واردة؟ بمعنى أن اسم رئيس تونس القادم قد يشكل مفاجأة للجميع على غرار رئيس الحكومة الحالي في الحوار الوطني؟

ج: مهدي جمعة عندما ترشح لرئاسة الحكومة لم يكن شخصية مأمورة بل كان وزيرا بارزا للصناعة ومعروفا لدى الإعلام باستقلاليته. و إن كان المقصود من سؤالك هو عنصر المفاجأة  أي أن مهدي جمعة لم يكن مرشحا في بداية جلسات الحوار الوطني فهذا صحيح.  كل من تتوفر فيه الشروط القانونية من حقه الترشح.  ولكن من الناحية السياسية لا أتوقع أن يكون رئيس الجمهورية المقبل مرشحا لا يعرفه الناس.

س: هل من الوارد أن يكون رئيس تونس المقبل من النظام السابق؟

النظام السابق انتهى وسينتهي على مراحل وتونس لن تعود إلى نظام الحزب الواحد والدكتاتور الفرد مهما كان. تونس لن تركع لغير الله بعد اليوم. كما أن لكل مترشح برنامجه الانتخابي والشعب هو من سيختار ونحن لدينا ثقة في وعي التونسيين.

لو تقدمون لنا لمحة عن برنامجكم الانتخابي؟

ج: سنعقد مؤتمر صحفي خلال شهر سبتمبر المقبل لعرض برنامجنا الانتخابي, وبطبيعة الحال هناك محاور رئيسية كبرى حول الأولويات الوطنية كالتنمية والعدالة بين الجهات والتشغيل والاستقرار ومقاومة الإرهاب.

س: ولكن النهضة سبق وأن قدمت وعودا بالتنمية والتشغيل في انتخابات 2011  ولكن  هذه الوعود لم تتحقق على أرض الواقع, ما ردكم؟

ج: أنت  تعرفين ما حدث من تجاذبات وأزمات في المرحلة السابقة. وفي كل الحالات لا أحد يستطيع أن ينكر أن مشاركة النهضة في قيادة السلطة التنفيذية كان لها الدور الأول في حماية تونس من مصير الانقلابات وعودة النظام السابق وحالات الانفلات التي شهدتها بعض الدول الشقيقة. كذلك  نحن قدمنا خلال تلك الفترة دستورا يليق بالشعب الذي صنع الثورة وانطلقت من أرضه شرارة الربيع العربي. أما في ما يتعلق بالجانب الاقتصادي فالجميع يعرف بما في ذلك خصوم النهضة والمزايدين عليها أن حكومتنا تسلمت الدولة بنسبة نمو تساوي درجتان تحت الصفر وسلمتها للحكومة الحالية ونسبة النمو حوالي 3 درجات فوق الصفر.

س: ماهي خارطة تحالفاتكم المقبلة؟

ج: بعد الانتخابات وفي ضوء نتائجها سننظر في هذه المسألة. نعتقد أن تونس تحتاج إلى حكومة وحدة وطنية وليس لدينا فيتو ضد أي حزب ونحن منفتحون على الجميع.

س: بما في ذلك نداء تونس؟

ج: ليس لدينا فيتو ضد أي حزب وبعد الانتخابات سننظر في خارطة تحالفاتنا والمهم لدينا هو المصلحة العليا للبلاد.

س:تجربة النهضة في الحكم تعتبر فاشلة على جميع المستويات بشهادة عديد المتابعين وجزء كبير من التونسيين, فهل مع ذلك تأملون في الفوز في الانتخابات المقلبة ؟

ج: هذا وصف يتبناه خصومنا و نحن لم ننتظر منهم غير هذا الوصف. ولكن أريد أن أوجه لهم سؤالا هو الآتي: "ماذا قدمتم أنتم للبلاد, غير التصعيد والأزمات المتتالية, كما لو أن برنامجكم فقط هو مضاددة حركة النهضة؟". كما أنه لا مستقبل لحزب يبني وجوده فقط بمضاددة حزب آخر, ولا مصلحة للبلاد في أحزاب تقوم وتلتقي على الضد.

س: هل استفادت حركة النهضة  من التخلي عن الحكم؟

ج: في الحقيقة عندما خضنا تجربة الحوار الوطني وانتهينا إلى قرار الخروج من الحكومة مقابل أن يكون للتونسيين دستورا ومسار انتخابيا واضحا كان هدفنا يتمحور في إنجاح تجربتنا كتونسيين  بمعني  أن حرصنا على مصلحة بلادنا كان مقدما على كل الحسابات الحزبية والشخصية وكل ما نتمناه من الآخرين الارتقاء إلى هذا المستوى.

س: هل تبرأت حركة النهضة من تنظيم الإخوان, بمعنى يمكن القول أن النهضة "تتونست" وأصبحت حركة مدنية؟

حركة الإخوان هي حركة سياسية مدنية معتدلة ويشهد بذلك الجميع وآخرها تقرير الخبراء البريطانيين الذي جاء بناء على طلب وضغط من خصوم الإخوان. هذه الحركة حصل ضدها انقلاب وهو انقلاب على الديمقراطية والمجال الآن هو حق الشعب المصري في حياة سياسية ديمقراطية.

س: بعد تصنيف تنظيم الإخوان كتنظيم إرهابي, ألا تخشي النهضة من حدوث سيناريو مشابه بعد انهيار ما يسمى ب "الإسلام السياسي"؟

ج: علاقتنا بأغلب الدول العربية وطيدة ونحن ساعون بل حريصون على توطيدها مع الجميع من أجل مصالح بلداننا.
 

س: هل صحيح أن حركة النهضة تدفع في اتجاه تحويل مشروع قانون مكافحة الإرهاب من قانون أساسي إلى قانون عادي؟

ج: هذا الأمر ليس مقترح  من كتلة من الكتل النيابية بالتأسيسي بل مقترح  من أغلب الكتل في أن يكون قانون مكافحة الإرهاب قانونا عاديا حتى يتم التعجيل بالمصادقة عليه لأن البلاد في حاجة إلى تفعيل هذا القانون. المسألة لا تدخل في إطار التجاذب السياسي بل في البحث عن آلية للتعجيل في المصادقة على قانون مكافحة الإرهاب.

ما تعليقكم على قرار رئيس الحكومة بغلق الجمعيات والمساجد والمؤسسات الإعلامية المتهمة بدعم الإرهاب؟

ج: أولا لا بد من التحري قبل إلصاق تهمة الإرهاب بأي جمعية كانت, و لكن من تثبت في شأنها هذه التهمة فمن الواجب أن تتخذ ضدها الإجراءات القانونية.

أما بخصوص وسائل الإعلام فأنا شخصيا لدي حساسية خاصة لصالح حرية الإعلام ولست مع استسهال اتخاذ إجراءات ضد الإعلاميين ووسائل الإعلام. ولكن بالطبع لا بد أن يتبنى الإعلاميون الالتزام بقواعد المهنة ومراعاة مصلحة البلاد لأن السبق الصحفي لا يجب أن يكون مبررا لكشف خطط أمنية في مقاومة الإرهاب مثلا.

النهضة مع الحياد الكامل والقطعي  للمساجد في كل وقت,  قبل الانتخابات, زمن الانتخابات وبعدها. كما أن الدستور منع الدعاية الحزبية بالمساجد ونتوقع من جميع الأيمة والخطباء أن يبتعدوا عن كل توظيف حزبي للمساجد.

 س: يرى البعض أن رئيس الحكومة الحالي هو رجل النهضة وورقتها المخفية, فهل  القرارات التي اتخذتها خلية الأزمة  مؤخرا  تبين أن مهدي جمعة بدأ يطبق سياسة الضرب بيد من حديد وبالتالي انقلب السحر على الساحر؟

ج: لا سحر ولا ساحر ولا هم يحزنون, هذه كلها أوهام لأن رئيس الحكومة شخصية مستقلة حصل حولها توافق وطني ونتمنى له النجاح.

س: كيف تقرؤون تداعيات الأزمة الليبية على الأمن القومي الوطني, وهل تدعم حركة النهضة البرلمان الليبي الجديد؟

ج: لا شك أن للوضع الأمني في ليبيا انعكاسات على تونس فأمننا مشترك. نحن نأمل أن يتوصل إخوتنا في ليبيا إلى إيجاد حلول ليبية ليبية تحفظ الدماء وتلتزم بأهداف ثورة الشعب الليبي وتمنع تعلات ومبررات التدخل الأجنبي. من جهتنا نحاول الاتصال بكل الأطراف لتشجيعهم على الحوار فيما بينهم ولا نتدخل في الشأن الليبي الداخلي إلا بالتشجيع على تكريس التقارب بين كل الأطراف حرصا على نجاح ثورتهم.

س: أفادت بعض الجهات أن لقاء سري تم عقده مؤخرا في جربة بين قيادات نهضوية من بينهم لطفي زيتون وعبد الحكيم بلحاج المتهم  بدعم الإرهاب بتونس؟ بماذا تردون؟

ج: كلام مضحك و قد أعلن لطفي زيتون أنه سيقاضي ناشر هذا الخبر.

س: من يحرك خيوط أخطبوط الإرهاب في تونس بنظركم؟

ج: لا يمكنني توجيه اتهامات إلى جهات مجهولة. ولكن يمكنني طرح السؤال التالي: " هل  المستفيد من العمليات الإرهابية هو الثورة والديمقراطية؟ أم بقايا النظام السابق والمتضررين من الثورة والتغيير؟".

س: ما حقيقة امتلاك النهضة لجهاز أمني سري قد توظفه إن خسرت الانتخابات المقبلة حسب ما يروج له البعض؟

ج:النهضة ستفوز في الانتخابات ولها ثقة في الشعب وفي صناديق الاقتراع وليس بحاجة إلى أي شيء مماثل لما ذكرت في سؤالك.

س: كيف تقيمون أداء الحكومة الحالية؟

ج:ككل جهد بشري هناك نجاحات وهناك نقائص. هدفنا الأساسي تشجيع  نجاح حكومة مهدي جمعة بما في ذلك من مصلحة للبلاد.

س: هل احتمال بقاء حكومة مهدي جمعة بعد الانتخابات يبقى ممكنا؟

ج: هذا السؤال سابق لأوانه.

س: ثراء فاحش ظهر على قيادات النهضة بعد وصولهم للحكم ومن بينهم شقيقك رئيس الحكومة السابق,  بماذا تفسرون هذا الأمر؟

ج: (ضاحكا) هناك حملات تشويه تشنها أطراف ليس لديها أي برنامج تقدمه للتونسيين غير بث الإشاعات والأكاذيب.

س: ختاما وفي كلمة هل ستنتصر تونس على الإرهاب, أم أن المحنة قد تطول؟

ج: تونس ستنتصر على الإرهاب. لا مستقبل ولا مكان للإرهاب في تونس وسننتصر على الظاهرة مهما كانت التضحيات مثلما انتصرنا على نظام الاستبداد بعد تضحيات جسام.