شهدت عديد المناطق في الجنوب الغربي التونسي مساء الثلاثاء مواجهات كبرى بين المحتجين وقوات الأمن نتجت عنها إصابات في صفوف المتظاهرين وأعوان الأمن .

هذه الاحتجاجات كان أشدها بمدينة تالة ، التي تعتبر أولى المدن التي سقط فيها أوائل شهداء ثورة تونس، اذ أشعل المتظاهرون الإطارات المطاطية في الشوارع ورشقوا الأعوان و مقراتهم بالحجارة وهو ما دفع بهم الى الرد بالغازات المسيلة للدموع،ليسقط شاب جريحا نقل الى مستشفى الجهة للعلاج في ما لم يتأكد خبر سقوط اول شهيد بعد الثورة وهو شاب يبلغ من العمر 19عاما قيل ان سيارة شرطة دهسته، الإصابات شملت أيضاً عون أمن ارتدت عليه على ما يبدو قذيفة غاز.

وينتظر ان تشتد المواجهات اليوم الأربعاء الذي يتزامن مع الإضراب العام الذي تقرر تنفيذه بمباركة اتحاد الشغالين وخاصة اذا تأكد نبأ استشهاد الشاب المصاب.من جهة اخرى احرق المتظاهرون مقر حزب النهضة الحاكم و يعثروا محتوياته احتجاجا منهم على غياب التنمية وعلى عدم تحقيق أهداف الثورة وأهمها التشغيل.

وعادت المواجهات مساء الثلاثاء في مدينة القطار ولاية قفصة احتجاجا على نتائج مناظرة انتداب في شركة متفرعة عن شركة الفسفاط ، المشغل الوحيد في المنطقة، تم خلالها الاعتداء على مركز الشرطة و مقر المعتمدية، رغم ان وزارة التشغيل وعدت بمراجعة النتائج صباح الثلاثاء.
وأدركت الاحتجاجات الخاصة بالزيادة في معاليم جولان شاحنات نقل البضائع والاداءات الموظفة على وسائل النقل ضواحي العاصمة وتم غلق الشوارع في حي الانطلاقة، احد اكبر الأحياء الشعبية في العاصمة ، وهو ما يمثل مؤشرا خطيرا يهدد بثورة جديدة ، خاصة وان شهر يناير او جانفي في تونس كان تاريخيا شهر الانتفاضات و الثورات لعل ابرزها انتفاضة26 جانفي1978و ثورة الخبز3 جانفي 1984اضافة الى ثورة14 جانفي2011.

ويؤكد الخبراء والمؤرخون في تونس ان الثورات في البلاد كان منطلقها الزيادة في الجباية والترفيع في الأسعار وهو ما تم حاليا خاصة وان الأيام القادمة ستشهد زيادة في معاليم استهلاك الماء وأسعار المحروقات  في وقت بلغت نسبة التضخم 8بالماية في أعقاب السنة المنقضية أهمها في مؤشري التغذية و الشراب والملابس والأحذية.

وتتسارع وتيرة هذه الاحداث عشية احتفالات تونس بالذكرى الثالثة بالثورة الشعبية التي اطاحت بحكم الرئيس بن علي وفي ظل تأرجح مسار التوافق بين الفرقاء السياسيين و الذي كان يأمل الكثيرون ان يودي الى التهدئة والاستقرار ، عاد الى الركود في ظل رفض حركة النهضة الخروج من الحكومة وفي وقت دعت فيه عديد احزاب المعارضة قواعدها الى النزول الى الشارع في ذكرى الثورة، ولا احد يمكن ان يتوقع ماذا يمكن ان يحدث يومها خاصة وان منسوب الاحتقان ارتفع وهو مرشح لمزيد التصعيد، وما مدى صحة الأقوال التي تتحدث عن وجود أطراف لا تريد للبلاد الاستقرار وتحاول خلق الفوضى؟وماذا يعني تعالي أصوات في عديد المدن تنادي بحياة الرئيس السابق وكيف يمكن قراءة ما اصدره مكتب دراسات في استطلاع للرأي نشره قبل أسبوع من ذكرى إسقاط نظامه والذي أكد ان اكثر من ثلثي المستجوبين يحنون الى عهده و نظامه؟ هل هو الإحباط ام هي ردة فعل عادية لفئة من التونسيين ضد فشل سياسة الترويكا ومحاولة معاقبتها وهو ما يذكر بحنين جزء من التونسيين الى نظام بورقيبة بعد تأزم الأوضاع في عهد بن علي احتجاجا على واقعهم المترديمخاوف من العام الجديد.

وتتزايد في ظل هذه الاوضاع مخاوف التونسيين من المستقبل حيث كشف استطلاع للرأي أنجزه معهد "إمرود كونسيلتنغ" في الفترة الممتدة بين 22 و30 ديسمبر 2013 ونشرت نتائجه الثلاثاء  أنّ 44 % من التونسيين  يعتقدون أنّ سنة 2014 ستكون أسوأ من سنة 2013 فيما اعتبر 42% نّها ستكون أفضل ويعتبر 41% من التونسيين  الذين تمّ استجوابهم يعتبرون أن الأوضاع الاقتصاديّة في تونس بصدد التدهور فيما اعتبر 34.2% أنّها في تحسن ملحوظ ،  وبخصوص الأوضاع الأمنية فقد تراجعت نسبة الخوف من الخطر الإرهابي التي أصبحت في شهر ديسمبر 25.6%. بعد أن كانت 57.4% خلال شهر نوفمبر الماضي.