على الساعة الثامنة من مساء الأحد، وخلال اليوم الرابع، من عمر مهرجان الجزائر للسينما الجزائرية، في طبعته الثانية، حجت جماهير غفيرة إلى قاعة الموفار لمتابعة فيلم "السطوح" لمخرجه الجزائري مرزاق علواش.

بعض الحاضرين ومعظمهم شباب فسروا الحضور الهائل للعرض يعود إلى شهرة المخرج علواش أساسا وليس لقصة الفيلم.

المخرج الجزائري مرزاق علواش والذي يعيش في فرنسا قال في تصريح لهسبريس إن هؤلاء الشباب يعرفونه من خلال أفلامه السابقة، وإن هذا الفيلم ليس هو الأول في مسيرته الفنية، فهو مخرج محترف وليس هاويا، ولذلك "فأنا دائما آتي للجمهور الجزائري بشيء جديد يتفاعل معه ويبهره ربما، ويحفزه ويدفعه لمتابعة الجديد من أفلامي، ولكن من سوء حظي فإن أفلامي لا يشاهدها الجمهور في كثير من القاعات السينمائية التي بدأت تنقرض في البلاد، ولكن هذا لا يمنع من أن جيل الشباب يحب متابعة أفلامي لأن آباءهم قد سبق لهم وأن تابعوا إنتاجاتي وشجعوهم للمجيء إلى القاعة متابعة الفيلم".

وأضاف المخرج الجزائري في حديث مع هسبريس: " هذا الحضور الهائل من قبل الجمهور الجزائري يشجعني للمضي في مسيرتي الفنية ويدفعني أن آتيه بالجديد، وأنا على يقين أني لن أخيب أمله في مخرج أحبه الآباء والأبناء".

فيلم السطوح يتحدث عن أحداث وقعت بشكل متساوق من على خمس عمارات في خمسة أحياء بالعاصمة الجزائرية، في حي باب الواد، وحي القصبة، وحي بلكور، وحيين اثنين وسط العاصمة، حيث يستعرض مظاهر الفساد والجريمة وإدمان المخدرات، وسرد ذكريات الثورة واضطهاد المرأة وممارسات الإسلاميين المتشددين وتناقضاتهم، عبر أسلوب أخاذ وجذاب، وبتصوير مبهر للعاصمة الجزائرية من عدة زوايا، وخاصة مشاهد الغروب الساحرة المنفتحة على الأفق والبحر الذي يطوق أحياء العاصمة الخمسة من جهة الشرق والشمال.

وتتوزع الأحداث بشكل متناغم ومتوازن على أسطح الأحياء الخمسة وفق توقيت زمني مضبوط على الصلوات الخمسة والتي يعلن عنها بالأذان عبر صوت رخيم يترامي من المآذن ما بين الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء.

files.php?file=allouach_721934156.jpg

المخرج اختار أن يخطف انتباه المتفرج لمتابعة الفيلم من خلال خمس حكايات متناقضة من على السطوح للأحياء الخمسة، منها حالة الرجل المسن والمناضل القديم المجنون المحبوس بغرفة مغلقة فوف السطوح، والذي يتحدث بمرارة عن ذكريات وتداعيات الثورة الجزائرية لطفلة صغيرة بريئة ثم يتردد بالهرب عندما تفسح له المجال خوفا من أشعة الشمس، وعندما أخبرته أن الوقت ليل تردد في الفرار، وكأن هذا الرجل ليس لجيه ما يقوله للناس بعدما آيست الطفلة سماعه كل مرة، في دلالة على انعدام التواصل ما بين الماضي والحاضر، بين جيل اليوم وجيل الأمس.

وهناك حالة العصابة التي تقوم بتعذيب رجل عبر عملية تغطيس رأسه في دلو ماء، هذا في الوقت الذي يقوم رئيس العصابة بالاتصال هاتفيا بمن يرغب غير آبه بآلام الرجل أمامه إلى أن يموت. هنا يكشف الفيلم عن أن القتيل هو شقيق رئيس العصابة الذي رفض الامضاء على وثيقة تنازل نظير ان يطلق سراحه للقاء زوجته وأطفاله بفرنسا.

الحكاية الثالثة هي لفتاة شابة تحب الموسيقى وتلتقي بشبان لإجراء تداريب وتمارين على أغانيها، وهناك فوق السطح المقابل فتاة أخرى تقف مراقبة إلى أن يهجم عليها زوجها أو شقيقها ويضربها، وفي المشهد التالي تلقي بنفسها من فوق السطح.

وهناك حكاية الشيخ المشعوذ الذي لا يتحمل النظر إلى الصور العارية المعلقة على الحائط ويشترط نزعها قبل أن ينفرد مع امرأة منقبة ويجردها من ملابسها في غرفة مغلقة فوق سطح آخر، ثم يبدأ بضربها لتخليصها من الجن الافتراضي الذي يسكنها.

إضافة إلى مشهد إقامة صلاة جامعة فوق نفس السطوح ومدح معمر القذافي القذافي بالخطبة الدينية المحرضة، والذي وصفه الواعظ بالمجاهد الكبير الذي كان يجزي العطاء لشيخ أفريقي لما يتجاوز عمره ثمان سنوات، وتزويد أحد الشباب بمخدرات كهدية الإخوان في الله من طالبان بأفغانستان.

والمشهد الغريب الكوميدي، هو رصد مظاهر الفساد وغياب التواصل بين الأسرة الواحدة من خلال نصيحة محقق شرطة متقاعد لامراة معدمة جاءت من وهران وسكنت في حي باب الواد مدة عشر سنوات دون أن تؤدي ما بدمتها، حيث أقدمت ابنتها المعاقة على قتل مالك سطوح، وحين اكتشف المحقق الجريمة نصح المرأة ببرود بكيفية التخلص من جثة القتيل بعيدا عن انظار الشرطة والصهر.

كما هناك مشهد آخر لرجل يعيش فوق السطوح أيضا ولا يدفع أجرا، بل يكتري للشيخ المشعود البيت لممارسة الشعوذة وتخليص المرضى والمصابين من الجن الافتراضي.

فيلم "السطوح" يجسد غياب التواصل والمحبة بين الأشخاص وانتشار الكراهية والحسد عبر أغنية معبرة تؤديها فرقة من الشباب الجزائري.

وبالرغم من أن الفيلم لم يقدم أي بصيص أمل وأن النظرة كانت سوداوية من البداية إلى النهاية، فإن الجمهور بقي يتابع الفيلم إلى آخره، على الرغم من الانتقادات التي تفضل بها بعض المتابعين للفيلم كونه يحمل الإسلام الدور الرئيس في التخلف الذي يطبع المشاهد الخمسة في الأحياء الخمسة من العاصمة الجزائرية حيث السلوكات السلبية والمخدرات وقمع المرأة والشعوذة والانتحار وتفكك المجتمع،

"خمسة مشاهد مأساوية وقعت ضمن حيز زمني ما بين الفجر والى العشاء، خمسة أوقات للصلاة، وخمسة أحياء، وخمسة مشاهد مأساوية، إنها نظرة نمطية استشراقية" يقول أحد المشاركين في المهرجان في معرض نقده لفيلم السطوح.

 

*نقلا عن هسبريس