بالتزامن مع عمليات التحشيد الكبيرة التي تقوم بها على تخوم العاصمة الليبية طرابلس تواصل قوات الجيش الوطني الليبي،تقدمها في محاولة لدك حصون المليشيات المسلحة،محققة تقدماً في محاورَ عدة، فضلا عن تكبيد المليشيات خسائرَ كبيرة في العتاد والأرواح،وهو ما يؤشر الى أن المعارك دخلت منعرجا جديدا قد يعجل بالحسم في قادم الأيام.
وتصاعدت وتيرة الاشتباكات بعد تجدد المعارك أمس السبت،حيث صعد الجيش الليبي من ضرباته بعد تصديه لهجوم شنته القوات الموالية لحكومة الوفاق.وقال مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش العميد خالد المحجوب، في تصريح خاص لـ "بوابة أفريقيا الإخبارية"، إن سلاح الجو الليبي نفذ اليوم الأحد، ضربات جوية دقيقة استهدفت تمركزات للمجموعات المسلحة في عدة محاور، مشيرا إلى أن الضربات التي استهدفت معسكر التكبالي أسفرت عن تدمير مدفع 155 مجرور ودبابة كانت متمركزة أمام المعسكر.
كما أكد المحجوب، أن سلاح الجو استهدف تمركزات أخرى للمجموعات المسلحة في منطقة الكريمة جنوب غرب طرابلس، أسفرت عن تدمير مخزن ذخيرة، لافتا إلى أن قوات الجيش تواصل تقدمها في جميع المحاور.
وحول المناطق التي تمكنت القوات الليبية من السيطرة عليها قال مصدر عسكري تابع للقوات المسلحة العربية الليبية، فضل عدم ذكر اسمه-في تصريح خاص لـ "بوابة أفريقيا الإخبارية"،أن الوحدات العسكرية تمكنت من فرض وبسط سيطرتها وبالكامل على آخر ما تبقى من منطقة السبيعة وسوق السبت والطويشة وسوق الخميس لتتقدم إلى أبعد من ذلك وتصبح المناطق التي سبق ذكرها خارج مرمي نيران الميليشيات، بحسب تعبيره.
كما أكد المصدر، أن القوات الجوية الليبية وجهت عبر مقاتلاتها الحربية ضربات قوية على معسكر التكبالي الواقع في منطقة الكريمية أسفر عن تدمير مخزن للذخيرة وعدد من الدبابات المتمركزة داخل المعسكر.وتابع المصدر قائلا "جاءت الانتصارات وسط ترحيب وفرحة الأهالي ونجاح العمليات العسكرية التي طردت تلك الميليشيات من المنطقة ليعمها السلام بعد أيام سودوية عاشها أهل المنطقة حسب وصف السكان"، مختتم حديثه قائلا "الجيش لن يهزم"..
وأمس السبت، كانت قوات الوفاق قد حققت تقدماً في منقطة سوق الخميس امسيحل، بعد هجوم مباغت شنته على وحدات تابعة للجيش الليبي متمركزة هناك، وهو ما أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة بين طرفي الصراع، استخدمت فيها كل أنواع الأسلحة والمدفعية الثقيلة، وأدت إلى سقوط عدد كبير من القتلى من الجانبين.
كما تتواصل المواجهات المسلحة في محاور "السبيعة" و"طريق المطار" جنوب العاصمة طرابلس، حيث يواجه الجيش الوطني الليبي هجوماً عسكرياً عنيفاً وشرساً من قوات الوفاق، تسعى من خلاله إلى تحقيق تقدمات ميدانية في هذه المناطق.حيث أعلن اللواء 73 مشاة عن صدّ هجوم كبير لمسلحي الوفاق على منطقة السبيعة، وكبدت قوات الجيش الكتائب المسلحة المتحالفة مع حكومة الوفاق خسائر فادحة في الآليات والأرواح.
ونقلت صحيفة "العرب" اللندنية عن المنذر الخرطوش المسؤول الإعلامي في اللواء 73 مشاة،قوله، "أنه تم تدعيم قوات اللواء 73 مؤخرا بتعزيزات عالية الكفاءة في جميع الوحدات القتالية، وشمل الدعم المحاور الرئيسية والمتقدمة، ما أدى إلى ارتباك قادة الميليشيات والدفع بعناصر للهجوم العشوائي على تمركزات تابعة الجيش الوطني في طرابلس".
وشدد الخرطوش على أن هذه المحاولة "يائسة ومتكررة بغرض إفشال تكتيكات غرفة العمليات في المنطقة الغربية التي أصبحت جاهزة تماما لساعة الصفر، بعد قياس قدرات العصابات المسلحة في الحشد والتسليح"، لافتا إلى أن القائد العام المشير خليفة حفتر هو من يحدد الموعد الذي سيتم فيه الانطلاق ودخول العاصمة.
وبالتزامن مع تقدمه تمكن الجيش من توجيه ضربات موجعة للمليشيات المسلحة وذلك عبر استهداف أبرز قياداتها التي تواصل السقوط خلال المعارك الضارية.وآخر هذه القيادات التي سقطت،"الفيتوري نصر الدباشي"، أحد قيادات صبراتة المتشددة،الذي قتل أمس السبت، عندما كان يقاتل ضمن قوات حكومة الوفاق خلال مواجهات مع الجيش الوطني الليبي، في محور عين زارة جنوب العاصمة طرابلس.
وأعلنت "الجماعة الليبية المقاتلة" المرتبطة بتنظيم القاعدة والمصنّفة تنظيماً إرهابياً مقتل القيادي المتطرف "الفيتوري نصر امحمد الدباشي"،حيث نعاه وكيل وزارة الدفاع السابق في حكومة "الغويل" والقيادي في الجماعة الليبية المقاتلة خالد الشريف في تدوينة له، مؤكداً وفاة عم الفيتوري نصر الدباشي، المدعو محمد الدباشي أيضاً.
ويعد الفيتوري (31 سنة) أحد أهم عناصر "الجماعة الليبية المقاتلة" الموالي لتنظيم القاعدة، وهو مطلوب من مكتب النائب الليبي في تهم خطف وابتزاز واتجار بالبشر إلى جانب جرائم قتل مسجلة ضده.وفر من صبراتة قبل سنتين والتحق بميليشيات قوات المنطقة العسكرية الغربية التابعة لحكومة الوفاق، وتحديدًا كتيبة شهداء صبراتة المتشددة الفارة من صبراته إلى الزاوية.
ومنذ بداية العمليات العسكرية التي يقودها الجيش الليبي لتحرير العاصمة طرابلس في الرابع من أبريل/نيسان الماضي، انتفضت قيادات إرهابية وشخصيات مطلوبة محليا ودوليا في العديد من الجرائم، وحشدت قواتها العسكرية، معلنة عودتها إلى ساحات القتال، لمساندة قوات حكومة الوفاق، والوقوف ضد تقدّم قوات الجيش الليبي إلى وسط العاصمة طرابلس،لكن سرعان ما بدأت في التساقط الواحد تلو الآخر.
من جانب آخر، تداول نشطاء ومواقع إخبارية ليبية، مقطعًا مصورًا يظهر شخصًا يحمل الجنسية التشادية،بعد القبض عليه داخل منزل بالحي.ووفقًا للمقطع المصور، اعترف المعتقل بأنه تشادي الجنسية،مشيرا الى إنه من مقاتلي الوفاق ،ويتبع لاسامة الجويلي، مضيفا أنه جاء الى ليبيا من اجل تحصيل المال.
وتعزز هذه التطورات والأحداث من الاتهامات التي يوجهها الجيش الوطني الليبي إلى قوات حكومة الوفاق بشأن تحالفها مع إرهابيين ومتطرفين مطلوبين محلياً ودولياً بالاضافة الى استقدام المرتزقة، وإشراكهم لإسناد قوّاتها في مواجهة تقدّم قوات الجيش الوطني الليبي إلى وسط العاصمة الليبية طرابلس.
ويسود توتر عسكري غير مسبوق محاور القتال بالعاصمة طرابلس وضواحيها منذ منتصف الأسبوع الجاري، حيث هدّدت قوات الوفاق بالتصعيد وشنّ عملية عسكرية كبرى، في حين رفع الجيش الوطني الليبي من درجة تأهب وحداته الجويّة والبريّة والبحرية، وأعلن استعداده لحسم زمام المعركة بمجرد صدور الأوامر بالتقدم وإعلان ساعة الصفر.
وتحدثت دوائر كثيرة تابعة للجيش الليبي خلال الأيام عن ساعة الصفر، واقتراب حسم عملية تحرير طرابلس وآخرها ما جاء على لسان آمر اللواء 73 مشاة اللواء علي القطعاني،الذي أكد الخميس الماضي أنه تم تحديد المهام وساعة الصفر لتحرير العاصمة طرابلس، بعد ان وضعت الخطة المحكمة من قبل قائد الجيش خليفه حفتر للحسم والتأمين.وبينت وكالة الانباء الليبية "البيضاء" أن القطعاني أعلن الاستنفار لجميع مقاتلي القوات المسلحة، وأن يكونوا على أهبة الاستعداد لساعة الصفر مشيرا إلى أن التجهيزات لمعركة تطهير العاصمة هي حق لكل أهل طرابلس.
وتكرر الحديث عن ساعة الصفر دون تحقيق الحسم وهو ما أثار تساؤلات حول الجدوى منها.هذه التساؤلات أجاب عنها العميد خالد المحجوب، مدير إدارة التوجيه المعنوي في القوات المسلحة الليبية وآمر المركز الإعلامي لغرفة "عمليات الكرامة"،بالقول أن الإعلان أكثر من مرة عن ساعة الصفر، "يدخل في إطار عمليات الاستنزاف للعدو، واختبار بعض القدرات وإرباكه.وأضح وفق وكالة "سبوتنيك" الروسية أن عمليات التعبئة مستمرة، بينما تظل ساعة الصفر الخاصة بالدخول للعاصمة لدى القيادة العامة فقط، فيما تبقى جميع الوحدات في انتظار التعليمات.
ويصر الجيش الليبي على الاستمرار في العمليات العسكرية بهدف تحرير العاصمة الليبية،ونقلت صحيفة "العرب" اللندنية عن مصدر ليبي، أن الجيش الوطني يقوم بحشد تعزيزات هي الأكبر من نوعها على كافة المحاور، وتتوافد الإمدادات على القوات المتمركزة حول طرابلس من مدن مختلفة تحررت من سطوة الميليشيات والكتائب المسلحة مؤخرا.
وشدد المصدر على "الجهوزية واستمرار العمليات دون تراجع، ورفض الجيش لأي حوار مع من يمثلون الإرهابيين، ولن يتفاوض مع أي طرف سياسي حول المبدأ الرئيسي وهو إنجاز عملية تطهير العاصمة من الإرهاب".وأضاف أن من يحاولون التسويق للتفاوض في الوقت الراهن، هم "شخصيات موجودة داخل المجلس الرئاسي الاستشاري وحكومة الوفاق وقيادات الميليشيات، ومن يدعمونهم ويقفون خلفهم لكسب الوقت، أو محاولة الاندماج في أي مشروع سياسي قادم والمحافظة على بقائهم".
وبالرغم من الجهود الدولية لوقف اطلاق النار والعودة من جديد الى طاولة الحوار،فان الكثير من المتابعين للشأن الليبي يرون بأن هذا الأمر بات صعبا جدا في ظل الأحداث الميدانية المتسارعة.ويشير هؤلاء الى أن أي حلول سياسية قادمة لن تكون متاحة للتطبيق ععلى أرض الواقع في ظل استمرار وجود المليشيات المسلحة التي شكلت طيلة السنوات الماضية حجرة عثرة أمام الاستقرار والأمن في البلاد.