لقي العشرات من المدنيين حتفهم، في تجدد الاشتباكات بين قبيلتي الفلاتة والسلامات في جنوب دارفور.

ويقول شهود عيان إن أكثر من عشرين قتيلا سقطوا في مواجهات "عمود عرديب"، متوقعين ارتفاع الحصيلة إلى أضعاف ذلك في ظل تجدد الاشتباكات ليلا.

وأرسلت ولاية جنوب دارفور تعزيزات أمنية للحد من الاقتتال الحاصل بالمنطقة، في خطوة وصفها الأهالي بالمتأخرة.

وعاشت القبيلتان في مارس الماضي على وقع اشتباكات دموية أوقعت أكثر من 67 قتيلا من الطرفين، فضلا عن مئات الجرحى.

 وسجل خلال السنوات الأخيرة تزايد الصراعات القبلية في السودان، تركزت أساسا في إقليم دارفور الذي يشهد بالتوازي مع ذلك صراعا مسلحا بين الحكومة والحركات المتمردة اندلع منذ 2003. وأدت الصراعات القبلية التي تشتعل في أربع محافظات من أصل خمسة في الإقليم إلى مقتل المئات وجرح الآلاف، كما تسببت في نزوح جماعي من الإقليم.

وشهدت الأشهر الماضية معارك عنيفة بين قبيلتي معاليا والرزيقات شرقي دارفور أدى إلى مقتل العشرات.

ومعروف أن القبيلتين اللتين تنحدران من أصول عربية بينهما عداء "متأصل" عجزت الوساطات المحلية والحكومية عن حله.

وعادة ما تكون الأسباب المباشرة في تفجر مثل هذه الصراعات الدموية "تافهة" كسرقة مواش أو خلاف على ملكية أراض.

ولا يقتصر العنف القبلي فقط على دارفور بل ينتشر في ولايات وأقاليم سودانية أخرى، حيث اندلعت الشهر الماضي معارك بين قبيلتي الجموعية والهواوير غربي أم درمان القريبة من العاصمة السودانية الخرطوم.

ويعتبر المجتمع السوداني، قبليا بامتياز، والصراعات الدائرة بين القبائل ليست حديثة العهد ولكنها استشرت في السنوات الأخيرة. ويعزو الخبراء والمحللون الأمر إلى بنية النظام وتركيبته السياسية، حيث عمد نظام الإنقاذ على مر السنوات الأخيرة إلى كسب قبائل معينة لدعمه في تركيز سلطته خاصة في المناطق البعيدة نسبيا عن المركز.

وفي المناطق التي تشهد اقتتالا بين الحركات المتمردة والقوات النظامية، قام البشير بتسليح القبائل الموالية له، لاستخدامها في هذه المعارك. ويقول محللون إن من الأسباب الجوهرية الأخرى في تكريس النعرة القبلية خاصة في المناطق الريفية بالسودان، غياب التنمية وانتشار الفقر والأمية.

ومنذ مطلع العام 2007 حصدت الصراعات القبلية أكثر من 7 ألاف شخص. ويقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين حسن الساعوري إن "القبلية في السودان أصبحت عقبة أمام تطور الشعور القومي، وبالتالي عقبة أمام الاستقرار السياسي"، مشددا على أن ضعف التنمية أعاد إحياء الانتماء القبلي.