كانت جدّتْ ابيه لجدّه البعيد . تَحَّمل مُسمّى غُرمْ . وهو مُسمّى مشبّع ومثقل بمضامين الخَسارة . فقد جاء هذا مصداق . لما تقول به البادية في اعّراف قبائلها والكثيرون . بان ليس الذكر كالأنثى . ولهذا نجدهم احينا . يتخذون اسماء كهذه للبعض من اناثهم . ربما تحت وطئت وثقل الضرف الذى يمرون به حين ولادتها . وهذا المُسمى يأتي مستبطنا بوجه من الوجوه . لرفضهم لهذا القادم الجديد .
لقد كانت هذه الغُرمْ سبيّة ومغّنمْ . لهذا الجدّ الذى اسّتهللنا به هذه السطور . لقد فاز بها في احد الغزوات . التي كانت تحدت في الزمن البعيد . بين قبائل الوسط والجنوب . ربما حدث ذلك وعلى وجه التقريب . مع بدايات القرن السابع عشر . ويقال بانهن كنّ ثلاث من السبايا , وليست واحدة . باع الجدّ اثنتين . واتخذ من هذه (الغُرم) زوجة له .
رغم هذا المدخل الذى قد لا يستسيغه البعض من ابنا هذا العصر الذى يدّعى التمدّين والتحضّر . فقد كانت لصاحبنا هذا . قراءات مختلفة . حول سبايا الحرب . تتعدد وتتنوع بتعدد وبتنوع الثقافات التى شكّلت وصاغت مشاعر هذه السبيّة او تلك . وقد جاءت وتكوّنت هذه القراءات المختلفة . بعد مروره بتجربة خاصه . عززتها ودعمتها حكايات تصادف معها . داخل كتب التراث . الذى تصادف بان استعار بعض منها من مكتبة القرية .
كانت تقول احد الحكايات في سطورها . بان احد امراء بنى امية . والذى صار في ما بعد من اشهر خلفائهم . كان يتطوّف بالكعبة برفّقة حاشيته في احد مواسم الحج . وحاول هذا الامير اكثر من مرّة . الاقتراب من الحجر الاسود لملامسته وتقبيله . وكان في كل محاولاته يعّجز عن ذلك من شدة التزاحم والزحام . فانسحب بعيدا عن ساحة الطواف والمطوّفين . واتخذ خيّمة ليستريح فيها وحاشيته . حتى يخف التزاحم والزحام . ليعاود الكرّة والمحاولة . وكانت الخيمة تُشّرف على ساحة الطواف والمطوّفين . وبينما هم كذلك والزحام والتزاحم في ذروته . اذ برجل من المطوّفين . يتّجه صوب الحجر الاسود . وعندما احس الزحام والتزاحم بالرجل . صار يُفّسح له الطريق ليُسَهّل له مسعاه صوّب مقّصده ووجهته . التي كانت ملامسة الحجر . عندما شاهدت الخيمة ذلك . اكتست وجوه كل من فيها بالاندهاش . ثم نطق الامير الأموي مسّتفهما . منّ يكون هذا الرجل ؟ !!. فجاءه الرد من داخل الخيمة عبر الفرزدق الشاعر . الذى كان من جلسائها . من خلال قصيدته الطويلة . التى استهلّلها بالقول . هذا الذى تعّرف البطحاء وطأته *** والبيت يعّرفه والحل والحرم . لقد كانت امْ هذا الرجل . احد نساء الفيّ الذى جاء من بلاد فارس وما بين النهريين , في عهد ابن الخطاب . والتي جاءت تلك المرأة اتنا قسّمة الفىّ على يد الخليفة عمر. من نصيب وحصّة الامام وابنائه . من هنا وغيرها . صارت له وللقراءة وجوه عديدة . وصار بذلك وعبّرها . للجدّة غُرُمْ ايقاع حياة مختلف . بل كان يراه استثنائي . رغم بساطة تأثيثه الظاهر .
لم تنُّجب غُرُمْ هذه . للجدّ العتيد . الا ولد واحد . واوصت غُرمْ ابنها قبل وفاتها . بالا يُحمّل مُسمّى غُرُمْ لأى مولود انثى . إن رُزق بذلك . فقد كانت هذه الام . تعرف بان الابناء في دنيا البادية . يتوارثون اسماء ابائهم وامهاتهم . كما يتوارثون اشيائهم الاخرى . انصاع الابن لوصيّة والدته . ولكن البعض ممن انحدروا من صُلّب هذا الابن البار . كانوا يتوارثون هذا التساؤل . الذى يقول في مضّمونه . لماذا اوّصت الجدة غُرم . بان يطّوى اسمها ويدفن معها ؟ . هل لأن الاسم اقترن بحالة السبي . التي تراها نقيصة . فسعت الى وأدها بدفنها معها ؟ . وهو بذلك رفض لحالة السبي حتى لو كان في علييّن ؟ . ام انها رأت في امتداد هذا الاسم وتواصله على وجه الحياة , في ما بعد وفاتها . فيه وبما حمّله السبي له من مضامين سلبية . وصّمة على وجهها القَبَلي , ارادة الجدة غُرُمْ محّوها , بطيّ الاسم ودفنه بجره معها الى القبر .
كل هذا دفع احفاد الجدة غُرُم . وإن انقسموا في ما بينهم اتنا النقاش . بالذهاب نحو استعادة الاسم من القبر . ونفض الغبار عنه . وبعثه من جديد على وجه الحياه . ليخوض معتركها بوجه اخر . لا نهم رؤ في بعث الاسم الى دنيا الحياة وعلى ايديهم خاصتا . فيه بعث وتجّسيد وان بوجه من الوجوه . للسلوك الرافض لحالة السبي واستهجان القبول بها . وفيه ايضا احياء لمُسمّى نفس ابيّة . ترفض الادنى . وتذهب فى اتجاه الذى هو خير , حتى ولو تطلّب منها هذا . شطب الاسم والمسمى ومسّحه من على دنيا الحياة والى الابد . ولكن كان البعض الاخر من الخَلَفْ له رأى اخر . يذهب في اتجاه المطالبة بوُجوب احترام الجدّة . ويكون ذلك بالوقوف عند وصيّتها . .