اثار كتاب المحامية الفرنسية كاميّ كوشنير الذي صدر  حديثاً عن دار "سوي-seuil le" الباريسية بعنوان "العائلة الكبيرة"، ضجة كبرى وأحدث زلزالاً اجتماعيا فور صدوره، وهو يتصدر قائمة الكتب الأكثر مبيعاً في فرنسا، لأنه يكشف حقيقة وخبايا المجتمع الفرنسي المتستر على ظاهرة زنا المحارم (inceste) ،  خاصة  وسط النخبة الفكرية اليسارية التي تعرف بالطبقة البرجوازية. 

، كوشنير هي ابنة المناضلة النسوية وعالمة السياسة المعروفة "إيفلين بيزييه "والوزير الفرنسي السابق وأحد مؤسسي جمعية "أطباء بلا حدود"، "برنار كوشنير". وفي كتابها، تجرأت على كشف سر العائلة الكبيرة، التي تنتمي إليها: الاغتصاب المتكرر لشقيقها التوأم فيكتور، الذي كان في سن الرابعة عشرة، على يد زوج أمهما، "أوليفييه دوهاميل"، وهو نائب اشتراكي أوروبي سابق ورئيس "المؤسسة الوطنية للعلوم السياسية". جريمة دفعت المدعي العام في باريس إلى فتح تحقيق أولي ، بتهمة "اغتصاب واعتداء جنسي على قاصر من شخص له "سلطة"، وذلك على الرغم من مرور ثلاثين سنة على حدوثها، الامر الذي دفع أوليفييه دوهاميل الى الاستقالة من منصبه فور صدور الكتاب.

اعتراف كوشنير اعطى لهذا الكتاب جانباً استشفائيا وعلاجيا ، والغرض منه التحرر من معانات زنا المحارم القضية المسكوت عنها لمدة سنين طويلة في المجتمع الفرنسي وقضائي لأنها  فضحت المسكوت عنه وتحدثت باسم جميع ضحايا زنا المحارم الذين اضطروا إلى التزام  الصمت خوفا من سوء رد المجتمع.

 محتوى الكتاب هو رسالة الى أمها المتوفاة، التي لم تلاحظ ما وقع لابنها مع زوجها، او انها تعرف وتسترت على الامر خوفا من الفضيحة الاجتماعية والسياسية.تعبر لأمها على وقع الصدمة اثر اعتراف اخيها بان زوج أمه" الجميل والفصيح"، اعتدى عليه جنسيا طيلة حياته الطفولية وبالتالي كسر شخصيته.

 "انظري، يا أمي، أنا أكتب من أجل جميع الضحايا- وما أكثرهم! الذين لا نذكرهم أبداً لأننا لا نعرف كيف ننظر إليهم"، تكتب في نهاية الكتاب "كامي كوشنير".

زنا المحارم ملف العارالفرنسي:هذا الكتاب دفع  وشجع الكثير من النساء والرجال الى الاعتراف بمعاناتهم من زنا المحارم عبرالانترنيت وعبر قنوات التلفزيون. واهتزت فرنسا باكملها بسبب هذه الفضيحة السياسية والاجتماعية . لا سيما وان البطل فيها هو "أوليفييه دوهامل" ، أحد أفضل علماء السياسة في البلاد.

وإثر هذه الفضيحة نشر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مقطع فيديو على حسابه في تويتر حذر فيه  الأسر الفرنسية من اغتصاب الاطفال من قبل ذويهم ، مشيرا الى تحطم الحياة في غرف الاطفال وسرقت الطفولة خصوصا في اوقات الاجازات التي من المفترض أن تكون بريئة لكنها ادت الى الاسوأ.

وأعلن وزير العدل إريك دوبوند موريتي ، أنه سيسعى إلى تجريم أي “فعل من أفعال الإيلاج الجنسي” من قبل شخص بالغ لقاصر دون سن 15 عاما.

وتسعى الحكومة الفرنسية إلى تكريس سن ال15 عاما كحد أدنى يمكن فيه لأي قاصر الموافقة قانونًا على ممارسة الجنس مع شخص بالغ، بعد أن أدت حالات زنى المحارم إلى محاسبة وطنية بخصوص العنف الجنسي ضد الأطفال .

و يُعرِّف القانون الفرنسي حاليًا جريمة الاغتصاب  " زنا المحارم " بأنها الإيلاج الجنسي “تحت العنف أو الإكراه أو التهديد أو المفاجأة”، من طرف احد الأقرباء ،بغض النظر عن العمر.

يعتبر الفعل الجنسي مع طفل دون سن 15 عامًا دون أي من هذه الظروف جريمة عقوبتها القصوى 30 سنة سجن نافذة.

مليوني قاصر ضحية زنا المحارم كل سنة:كشفت دراسة فرنسية قام بها معهد ابزوس لقياس الرأي العام على عينة من 9310 من الفرنسيين لصالح الرابطة القومية لمكافحة زنا المحارم : ان ممارسة العلاقات مع المحارم تحولت الى ظاهرة مرعبة في فرنسا، يعاني منها نحو مليوني قاصر سنويا اي بمعدل 300 حالة يوميا.وان %3 من الفرنسيين يصنفون على انهم ضحايا زنا المحارم.

وقال متحدث بإسم وزارة العدل إن التغييرات التشريعية يجب أن تنفذ “على مدى الأشهر الثلاثة المقبلة”. وستأتي في شكل تعديلات على مشروع قانون بشأن العنف الجنسي ضد القاصرين أقره مجلس الشيوخ الفرنسي بالفعل.

وتوضح إزابيل اوبري، رئيسة جمعية "ضحايا زنا المحارم"   ان هذه الظاهرة لا تحدث  فقط في بوادي فرنسا ، ليست ظاهرة هامشية ، بل آفة صحة عمومية وان كل الأوساط معنية، ليست مقتصرة على النخبة ولا على الأسر المحرومة". ملفات كثيرة على طاولة القضاء لمحاكمة اقرباء مارسوا الجنس على قصر في حاجة الى حماية عائلية والى الحنان والمودة.