قال الكاتب الأمريكي توماس فريدمان إن شعلة النقاش في العالم العربي السُني حول التعصب الديني وإنتاج التطرف، التي أوقدتها هجمات الحادي عشر من سبتمبر باسم الإسلام بأيدي شباب عربي، سرعان ما أطفأتها ريح الإنكار وذرّى رمادَها الاجتياح الأمريكي الفاشل للعراق.

ورأى فريدمان –في مقال نشرته (النيويورك تايمز)- أن نشوء الدواعش ودولة الخلافة في العراق والشام ووحشيتهم مع مَن سواهم من السُنة أو الشيعة أو المسيحيين أو الأقليات والسيدات وغيرهم من المعتدلين، أحيا النقاش من جديد في العالم العربي حول الأمور نفسها وباتت الإجابة على سؤال "مَن نكون؟" أمرا مُلّحا بالنسبة للعرب.

وعزى فريدمان إحياء العرب لهذا النقاش إلى وقوفهم على حقيقة أن الدواعش هم نبْتُ الأرض العربية، ولا يستهدفون ضرْب أعداء بعيدين، وإنما نشْر وفرْض تصورهم للمجتمع الإسلامي في ذات المكان والزمان؛ ومن ثمّ بات العرب يدركون ألاّ مناص عن النظر المؤلم في المرآة.

واستعرض فريدمان عددا من تلك النقاشات العربية، منها قول عبد الله حميد الدين المستشار بمركز المسبار للدراسات والبحوث في دبي "لم يعد في وسعنا تفادي هذا الصراع – إننا نستقل قطارا يتجه للهاوية، الناس ينجذبون إلى الدين المعتدل عندما يكون المناخ الذي يعيشون فيه معتدلا، بينما ينجذبون إلى الأيديولوجيات المتطرفة عندما يكون المناخ الاجتماعي والاقتصادي الذي يعيشون فيه يدفع إلى اللجوء للتطرف".

ورأى فريدمان أن أهمّ ما في الأمر هو أن مركز المسبار، الذي يتتبع الحركات الإسلامية ويعمل على نشر ثقافة أكثر تعددية، لا يرى الدواعش بوصفهم مجرد مشكلة دينية يتعين مكافحتها عبر سرْد إسلامي أكثر شمولية، ولكنه يراهم كمنتج لجُملة المشاكل المتوطنة في المنطقة من تخلّف وطائفية وتدني في مستوى التعليم وكبْت جنسي وعدم احترام للمرأة وغياب التعددية.