رأى الكاتب والمحلّل السياسي التونسي فوزي النّوري، أن التوتّرات في المنطقة المغاربية ستؤدي إلى تعطيل كلّ المسارات لاستعادة الدولة الوطنية وستخلق سياقات تساعد على انفجار الأوضاع في كلّ دولة على حدة وما بين الدول.

وقال النوري في حوار خاص مع "بوابة إفريقيا الإخبارية": "إن هذا المناخ المتوتّر سيعيق التنمية في المنطقة، ويحصر السقف السياسي للتيارات الوطنية فقط في التخلص من الحركة الإخوانية دون العبور إلى صناعة اقتصادات قويّة قد تسمح لهذه الدول بالتحوّل إلى كتلة مؤثّرة خاصّة بما تحتكم عليه هذه الدول من ثروات ومن رأسمال بشري"، وإلى نص الحوار.. 


-المنطقة المغاربية تحولت لساحة صراعية مفتوحة للقوى الدوليةً والإقليمية.

-التوتّرات بالمنطقة المغاربية لا يمكن تصنيفها في خانة واحدة. 

-الصراع الجزائري المغربي صنع في مخابر أوربية وأمريكية ويمثّل المنفذ الرئيسي للتدخّل في المنطقة. 

-المناخ المتوتّر بالمنطقة المغاربية سيحصر السقف السياسي للتيارات الوطنية فقط في التخلص من الحركة الإخوانية.

-التوتّرات في المنطقة المغاربية ناتجة بشكل مباشر عن التدخلات الأجنبية. 


في البداية.. ما قراءتكم للتوترات التي شهدتها المنطقة المغاربية مؤخرا: الأسباب والظروف والتوقيت؟ 

إنّ ما حصل في العراق وسوريا ولّد توازنات جديدة في الشرق الأوسط خاصّة مع استعادة الدولة الوطنية للسلطة في مصر، وكلّ ذلك أجبر الفاعلين الدوليين إلى نقل الصراع على المجالات الحيوية إلى منطقة شمال إفريقيا والمغرب العربي للمحافظة على موطأ قدم يوفّر قاعدة متقدّمة لاستعادة النفوذ في الشرق الأوسط، ولمنع تمدّد صيني محتمل قد يهدّد مصالح الناتو على المستوى الإستراتيجي وكلّ ذلك حوّل المنطقة لساحة صراعية مفتوحة للقوى الدوليةً والإقليمية وأدّى إلى توتّرات وتصدّعات عميقة و لكن هذه التوتّرات لا يمكن تصنيفها في خانة واحدة. 

الصراع الجزائري المغربي لا يشبه التوترات الحاصلة بين تونس وليبيا.

في كلّ من ليبيا وتونس تمّ ضرب الدولة الوطنية وتهيئة كلّ الظروف لوصول الإسلام السياسي لسدّة الحكم، فحينما كانت الدولة الوطنية تحكم في البلدين كان العلاقات بينهما مستقرّة ومتميزة، وحينما حكم الإسلاميين كان التنشيق بينهما على أعلى درجة (تسليم البغدادي المحمودي). 

التوتّر الحاصل اليوم نتيجة استعادة الدولة الوطنية في تونس خاصة بعدما حصل في 25 جويلية وتخوّف الإسلام السياسي في ليبيا من هذا التحوّل الذي سينتهي بإسناد الخط الوطني في تونس للقوى الوطنية الليبية، وتصدير النموذج التونسي إلى ليبيا يعني -لكي لا نطيل أكثر- هوّ توتّر حيني ظرفي وليس خلافا عميقا رغم محاولة الإخوان في ليبيا إجهاض التحولات الحاصلة في تونس وإسناد حركة النهضة.

الصراع الجزائري المغربي صنع في مخابر أوربية وأمريكية منذ الستينات ويمثّل هذا الصراع المنفذ الرئيسي للتدخّل في هذه المنطقة الإستراتيجية والغنية من هذا العالم.

التحوّلات السياسية التي حصلت في الجزائر منذ العشرية السوداء عمّقت هذه الصراعات والخلافات والاختلافات بين النظامين. المغرب الحليف الإستراتيجي لأوروبا والجزائر المرتبطة بأكثر من حليف ومن دولة والساعية لبسط نفوذها كقوّة إقليمية محدّدة في المنطقة تواجه دولة أكثر استقرارا وتماسكا ونموذجا يتجاوزها على كل الأصعدة كلّ ذلك ورغبة الفاعلين الدوليين في تأجيج هذا الصراع من خلال قضية الصحراء الغربية وغيرها أوصل العلاقة بينهما إلى ما وصلت إليه وقد تذهب إلى ما أبعد ويبدو أنّ ذلك ما تسعى إليه القوى الفاعلة في العالم.

ما التأثيرات الناتجة عن التوترات في دول المغرب العربي على كافة الأصعدة الأمنية، والاقتصادية، والاجتماعية، وغيرها؟

هذه التوتّرات ستؤدي إلى تعطيل كلّ المسارات لاستعادة الدولة الوطنية وستخلق سياقات تساعد على انفجار الأوضاع في كلّ دولة على حدة وما بين الدول لتسهل عملية التحكم في الكيانات المعزولة التي ستتسلّم السلطة في أي من هذه الدول.

هذا المناخ المتوتّر سيعيق التنمية في المنطقة ويحصر السقف السياسي للتيارات الوطنية فقط في التخلص من الحركة الإخوانية دون العبور إلى صناعة اقتصادات قويّة قد تسمح لهذه الدول بالتحوّل إلى كتلة مؤثّرة خاصّة بما تحتكم عليه هذه الدول من ثروات ومن رأسمال بشري.

برأيك.. هل للتدخلات الخارجية دور في تأجيج التوتر؟

هذه التوتّرات ناتجة بشكل مباشر عن التدخل الأجنبي المباشر أو عن طريق وكلاء الحلف الأنڤلو أمريكي الحركة الإخوانية أو الإسلام الأمريكي المعولم. 


ماذا عن مخاطر استمرار التوتر في المنطقة المغاربية؟

نجاح التحوّل الحاصل في تونس بعد استعادة الجيش المصري لسدّة الحكم ورغبة الخارجية المصرية في لعب دور متقدّم في ليبيا بإسناد القوى الوطنية سيؤدي إلى فشل كلّ المخطّطات تدريجيا وعلى مراحل.


من وجهة نظرك.. ما الحلول الممكنة لإنهاء التوترات؟

الحل يبدأ من التنسيق بين القوى الوطنية في منطقة شمال إفريقيا بما فيها مصر ودعم هذه القوى وإسناد بعضها بعض في كلّ كالمستويات للتخلّص من الحركة الإخوانية، وتجاوز الصراعات المصنوعة في مخابر أجنبية كالذي يحصل بين الجزائر والمغرب، والتوجه نحو تحقيق التعاون الاقتصادي والعسكري وتوحيد السياسات.