لم يشأ زعيم جماعة أنصار الشريعة بتونس ،سيف الله بن حسين المعروف بأبي عياض ان تمر الذكرى الثالثة للاطاحة بنظام الرئيس زين العابدين بن علي دون ان يثبت لانصاره و أعدائه على حد السواء انه مازال طليقا و مازال يدلي بدوله في المسائل الحارقة و المهة التي تخص "التيار الجهادي العالمي" مكذبا كل الاخبار التي راجت في الاونة الاخيرة حول اعتقاله من طرف قوات امريكية خاصة في مدينة مصراته الليبية في 29 ديسمبر /كانون الاول 2013 الماضي.ففي ساعة متأخرة من ليلة أمس الثلاثاء 14 يناير 2014 نشرت مؤسسة البيارق ،الذراع الاعلامي لجماعة أنصار الشريعة بتونس كلمة صوتية لزعيمها أبو عياض بعنوان " بيان نصرة وتأييد لإخواننا المجاهدين بالشام" متحدثا فيها عن الاقتتال الداخلي بين الفصائل الجهادية في سورية و أساسا بين "دولة العراق و الشام الاسلامية –داعش" و "جبهة النصرة و الجبهة الاسلامية" . ( رابط البيان : http://bit.ly/1aFhFU8 )
المثير في الامر أن ابو عياض لم يتحدث و لو باشارة صغيرة عن خبر اعتقاله الذي نشرته وكالة الانباء الرسمية التونسية نقلا عن مصدر امني رسمي و كأنه اعتبر الامر عرضيا امام ما يحدث اليوم في سورية من "تهديد للمشروع الجهادي" على حد قوله ،أو أنه اعتبر ان ظهوره الاعلامي كفيل لوحده بتكذيب الخبر بطريقة غير مباشرة أي تلميحا دون التصريح بذلك مباشرة و ذاك أمرا فيها الكثير من معاني "الابتذال و الاحتقار" لمن يعتبرهم أبو عياض "أعداء الاسلام و محاربيه ".
طرح أبو عياض في بيانه القصير (11 دقيقة) مبادرة صلح للفصائل الجهادية المتقاتلة اليوم في سورية قائلا :" بدايةً، أذكّر من سيطلع على هذا البيان أني أعتبر كلا من الدولة الإسلامية في العراق والشام وجبهة النصرة والفصائل المجاهدة إخوة لي، يلزمني ما يلزم كل مسلم تجاههم، من موالاة ونصرة وتأييد ومناصحة وسعي بينهم بالصلح عند الخلاف" كما اعترف بالعديد من الاخطاء التي وقت فيها دولة العراق و الشام الاسلامية –داعش" مشيرا الى ذلك بالقول :" نعم، إن العاملين في الساحة سواء الدولة الإسلامية في العراق والشام أو غيرها من الفصائل و الجماعات المجاهدة وقعت في ممارسات خاطئة، وهذا أمر لا يمكن أن تخلو منه جماعة أو تخلو عنه أبدا، بل لم تخلُ منه العصبة الأولى التي ربّاها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فكيف بمن دونها؟ ولكن سيئات الكرام تغمرها حسناتهم. وليس هذا إقرارا لهم على الخطأ ولكنني أعتبر التركيز على الأخطاء وإغفال المحاسن فيه من عدم الإنصاف"
و في ذات البيان دعا أبو عياض قيادات "الجهاد العالمي" و على راسهم زعيم تنظيم القاعدة المصري أيمن الظواهري "إلى صياغة بيان نصرة ومؤازرة لأهل التوحيد والجهاد في بلاد الشام ورصّ صفوف الفصائل المجاهدة لدرء الفتنة الواقعة على الدولة الإسلامية وحماية المهاجرين والأعراض والحفاظ على المكاسب التي تحققت والأخذ بالقوة على أيدي صحوات جنيف 2" على حد قوله.
و في مبادرة الصلح التي طرحها زعيم أنصار الشريعة في كلمته المقتضبة حدد أبو عياض ثمانية بنود للخروج من الازمة وهي:
أوّلا: تأجيل البت في الخصومات إلى ما بعد انقشاع الفتنة والتعهد بردّ المظالم
ثانيا : تبيين موقفها من الصحوات والبراءة منها.
ثالثا: المفاصلة التامة مع الائتلاف الوطني لقوى المعارضة
رابعا: التعهد بإقامة الشرع على نفسها قادة وأفرادا قبل إقامته على غيرها
خامسا: الأخذ بكل قوة على أيدي من استباح دماء وأعراض المهاجرين ( و يعني بهم المقاتلين الاجانب)
سادسا: إعادة ترتيب الصفوف وتوزيع المهام لقتال النظام النصيري وجعله الهدف الأول في برامجهم.
سابعا : تجديد النية في الجهاد والتبرّء من كل عصبية جاهلية على رأسها عصبية الوطنية والإنتماء إلى حدود سايكس وبيكو. ثامنا: محاسبة الفصائل التي قاتلت الدولة الإسلامية وغيرها ولم تستجب لقيادتها الرافضة لهذا القتال.
تاسعا: الالتزام بعدم التحريض والتصعيد الإعلامي بين المجاهدين.
و ختم أبو عياض بيانه بكلمة وجهها للمقاتلين التونسيين في سورية و الذين سماهم " أسود القيروان في بلاد الشام " الى اعتزال الفتنة و الصراع بين الفصائل الجهادية في سورية بالقول :" وإني لأرجو أن يكون لكم شأن في الصلح بين الإخوة ورصّ صفوف المجاهدين والكف عن إثارة ما يوغر الصدور"
خاصة و ان كل التقارير الاعلامية تشير الى انضمام التونسيين الى دولة العراق و الشام (داعش) و هنا يستعمل ابو عياض سلطته الادبية على هؤلاء في محاولة لنزع فتيل الازمة بين داعش والنصرة و الجبهة الاسلامية خاصة و ان التونسيين يشكلون نسبة كبيرة من المقاتلين الاجانب في سورية،بحسب ما يذكر الباحث التونسي في شؤون الجماعات الاسلامية هادي يحمد.
و كان التضارب في التصريحات بين الجانب التونسي و الامريكي قد أثار كثيرا من الغموض حول مصير أمير جماعة أنصار الشريعة السلفية الجهادية بتونس،أبو عياض،المعروف بسيف الله بن حسين. فبعد أن أكدت وكالة الانباء الرسمية التونسية خبر اعتقال ابو عياض في مدينة مصراته الليبية فجر الاثنين 30 ديسمبر 2013خلال عملية خاصة بين القوات الامريكية المختصة و قوات ليبية نفت الادارة الامريكية اي علما لها بالعملية أو أي مشاركة قوات لها في أي عمليات في ليبيا ضد زعيم جماعة أنصار الشريعة التونسية ، وقال متحدث باسم القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا إن الجيش الأميركي لم يشارك في أي عملية الاثنين ضد زعيم جماعة أنصار الشريعة ، نافياً ما ذكرته وسائل إعلام رسمية تونسية من أن قوات أميركية وليبية اعتقلت الزعيم الجهادي.
كما نفت السفارة الأميركية في تونس في بيان لها على صفحتها الرسمية على فيسبوك خبر اعتقال قوات أميركية خاصة لزعيم تنظيم أنصار الشريعة التونسي سيف الله بن حسين في عملية أمنية بمدينة مصراتة الليبية.وقالت السفارة إنها تنفي نفيا قاطعا قيام قوات أميركية باعتقال بن حسين المكني بـ"أبي عياض" الذي نشرته وسائل إعلام محلية في تونس كما دعت إلى التوجه الى السلطات الليبية للحصول على أية معلومات إضافية بخصوص خبر اعتقال "أبو عياض".المجلس المحلي لمدينة مصراته نفى بدوره الحادثة كما نفى تواجد زعيم أنصار الشريعة بالمدينة .و بالرغم من كل هذا التضارب فان السلطات التونسية و حتى الساعة لم تصدر أي بيان رسمي حول الحادثة،باستثناء الخبر الذي بثته وكالة تونس افريقيا للانباء (وكالة الانباء الرسمية التونسية) نقلا عم مصدر امني وصفتها بــ"المأذون" و الذي أكد فيه خبر اعتقال أبو عياض .
و كانت وزارة الخارجية الامريكية قد وضعت الاسبوع الماضي زعيم انصار الشريعة بتونس على لائحة الارهاب العالمي ورصدت مكافاة 10 ملايين دولار على موقع مكتب التحقيقات الفيدرالية لكل من يدلي بمعلومات تقود الى اعتقاله متهمة جماعته في تونس "بالمشاركة في هجوم 14 سبتمبر 2012 ضد سفارة الولايات المتحدة ومدرسة أميركية في تونس"
يُشار إلى أن أبوعياض متوارٍ عن الأنظار منذ سبتمبر 2012، وتشتبه السلطات التونسية في وقوفه وراء تظاهرة احتجاجية ضد فيلم مسيء للرسول تطورت إلى هجوم على السفارة الأميركية في تونس في سبتمبر 2012، ما أسفر عن سقوط أربعة قتلى في صفوف المهاجمين، كما تتهمه السلطات بالوقوف خلف عمليات اغتيال وهجمات، وبارتباطه بتنظيم "قاعدة الجهاد في بلاد المغرب".وتخوض جماعة "أنصار الشريعة" التي أسسها أبوعياض، منذ أكثر من سنة معركة اختبار قوة مع السلطات التونسية وحكومة النهضة الإسلامية، وتعتبر أكبر تنظيم جهادي في تونس، كما لا تعترف بسلطات الدولة ولا ترى أي جدوى من طلب ترخيص من الإدارة لعقد تجمعاتها ومؤتمراتها، وحاولت السلطات اعتقال زعيمها أبوعياض عدة مرات دون جدوى.