رغم المحاولات الحثيثة الرامية لإيجاد حل سياسي يرأب الصدع الليبي، إلا أنَّ المعارك المستمرة والتي تهدف إلى السيطرة على حقوق النفط، بين الميليشيات المسلحة تؤكد عدم وجود نية حقيقية للأطراف المتنازعة للتوصل إلى حل وسط يرضي جميع الأطراف.

كما أن دخول تنظيم الدولة الإسلامية المعروف إعلاميا باسم "داعش" على خط الصراع يؤكد طول أمد الأزمة، وبحسب المراقبون يسعى التنظيم القوي المتواجد حديثا في الأراضي الليبية إلى تأمين مصادر للتمويل تغطي نفقاته العسكرية.

وكشف مسؤول عسكري، أن تنظيم "داعش" اقترب من ميناء السدرة النفطي، شرقي ليبيا، إذ أقام عرضا عسكريا في منطقة النوفلية، التي تبعد 60 كيلومترًا عن الميناء.

وأفاد سكان محليون مساء الاثنين، بأن "داعش" أقام يوم الأحد الماضي، عرضا عسكريا لسيارات عليها شعاره الخاص، بمنطقة النوفلية، وذلك ضمن ندوة نظمها التنظيم لمبايعة أميره أبوبكر البغدادي.

ووفق السكان، فإن مسلحي داعش الذين أقاموا ندوة وعرض عسكري بالمنطقة القريبة من منطقة السدرة التي تحوي أكبر موانئ النفط في البلاد، قدموا على ما يبدو من مدينة سرت القريبة والتي يتواجد بها تنظيم "أنصار الشريعة".

وكان من ضمن حضور العرض العسكري، حسب الشهود، قيادات من "داعش" بليبيا، بينهم أميرهم، دون الإشارة إلى أسماء أولئك المتواجدين أو جنسياتهم.

وتناقلت صفحات نشطاء ليبيين علي موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، الاثنين، صورا لسيارات دفع رباعي تحمل أعلام "داعش"، ومسلحين ملثمين، فضلا عن اظهارها تجمع لبعض الأهالي.

وكتب النشطاء تحت تلك الصور، أنها لأعضاء التنظيم وأهالي أثناء العرض العسكري الذي نظمه داعش في قرية النوفلية.

المتحدث باسم رئاسة أركان الجيش الليبي المنبثقة عن البرلمان المنعقد في طبرق، إبراهيم المسماري، أكد تواجد تنظيم داعش في تلك المنطقة.

وتحدث المسماري في تصريحات صحفية، عن "اشتباكات وقعت الأحد بين قوات عملية الشروق التابعة لقوات فجر ليبيا، والتي تتمركز بقرية بن جواد الملاصقة لمنطقة النوفلية، وبين مسلحي (داعش) في منطقة النوفلية".

وقال المسماري: "استعملت خلال المعارك بين مسلحي تنظيم داعش، وقوات عملية الشروق التابعة لقوات فجر ليبيا، الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وأسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من الجانبين"، مشيراً إلى أن "المعركة بدأت بعد هجوم مجموعة من أربعة أشخاص تابعين لقوات الشروق على إحدى نقاط مسلحي داعش القريبة من قرية النوفلية".

بدوره قال اللواء مصطفي عبد الرحمن الخبير الاستراتيجي، إن ليبيا أصبحت مرتعا للجماعات المسلحة، مشيرا إلى أن انتشار السلاح في ليبيا هو من أطاح بجميع دعاوى الصلح، الرامية للحل السلمي للأزمة القائمة.

وأضاف الخبير الاستراتيجي، حسب "مصر العربية"، أن هناك حروبا شرسة بين الميلشيات المسلحة على أبار البترول، مؤكدا أن ظهور داعش في ليبيا غير من خرائط تلك الجماعات، نظرا ﻷن داعش هي الأخرى تبحث عن النفط، ومن ثم ستكون هناك معارك جديدة، داعش خصما قويا فيها.

وتابع الخبير الاستراتيجي، أن الوضع في ليبيا في ظل التناحر المسلح، لن يجد طريقا للحل، طالما هناك أجندات خارجية تؤجج من الوضع، مشيرا إلى أن المواطن الليبي هو وحده من يدفع الثمن.

وتتمركز منذ أشهر، قوات "فجر ليبيا" المسيطرة على العاصمة طرابلس بمنقطة بن جواد الملاصقة لمنطقة السدرة النفطية إلى الشرق، ولقرية النوفلية إلى الغرب، وذلك بعد إطلاق إطلاقها عملية عسكرية سمتها بالشروق للسيطرة على موانئ النفط هناك، وتخوض معارك عنيفة مع حرس المنشآت النفطية التابع للبرلمان المنعقد في طبرق.

ويعد أول إعلان لتنظيم "داعش" لوجوده داخل الأراضي الليبية كان قبل أشهر خلال ندوة أقامها مسلحون تابعون له وكتائب أخرى موالية له بمدينة درنة شرقي البلاد، سميت "مدوا الأيادي لبيعة البغدادي"، في إشارة لزعيم التنظيم أبوبكر البغدادي.

كما تبنى التنظيم العديد من عمليات التفجير جري جلها في طرابلس واستهدفت مقرات لبعثات دبلوماسية وأماكن حساسة، وأسفرت عن مقتل ليبيين وأجانب.

ومنذ فترة اندلعت اشتباكات عنيفة بين مقاتلين بفجر ليبيا وثوارها، ضد الجنرال الليبي خليفة حفتر، والقوات الحكومية الليبية، قرب ميناء السدرة أكبر المرافئ النفطية في البلاد، وتبادلت الفصائل الليبية المسلحة الاتهامات، بتنفيذ هجمات جديدة قرب مرفأ السدر.

وفي الشهر قبل الماضي أصاب صاروخ صهريجاً لتخزين النفط في السدرة ليندلع حريق ألحق أضرارا بسبعة صهاريج ودمر ما يصل إلى 1.8 مليون برميل من النفط.

وقال مسؤولون ليبيون: إن الحريق الذي اندلع، في صهاريج ميناء السدرة النفطي بعد إصابته أثناء اشتباكات مسلحة أثر على تصدير النفط في البلاد.
وكانت المؤسسة الوطنية للنفط، قالت في بيان لها إن "إنتاج البلاد من النفط الخام قد وصل إلى مستويات متدنية جداً، لا تلبي الاستهلاك المحلي ويتعذر معها الإيفاء بالتزامات المؤسسة التعاقدية اتجاه شركائها في السوق العالمية"، فقد هبط إنتاج النفط إلى أقل من 400 ألف برميل يوميًا وهو ما يعادل خمس ما اعتادت ليبيا انتاجه قبل انتفاضة 2011.

وقالت إن "الصراع الدائر في البلاد يؤشر إلى احتمال الانزلاق نحو نفق مظلم، حيث المجهول ما لم يتم تحييد قطاع النفط، قوت كل الليبيين عن هذه الصراعات وإلى الأبد".